تعريف الشلل الدماغي cerebral palsy :

ام عبد الجواد

عضو جديد
:41:تعريف الشلل الدماغي cerebral palsy :

مصطلح يشمل مجموعة من الاضرابات بسبب التلف الدائم غير المتفاقم الذي يصيب الجهاز الحركي والعصبي مسببا الإعاقة البدنية متمثلة في اضطراب الحركة وعدم تناسقها وفقدان الاتزان ، وينشأ هذا التلف من خلل يصيب الدماغ في طور النمو –غالبا حتى سن 3 سنوات- ، وربما يصاحب هذه الإعاقة الحركية اضرابات أخرى مثل الصرع أو الإعاقة الذهنية أو فقدان حاسة السمع أو البصر أو القدرة على الكلام.

ويمكن فهم هذا المصطلح –الشلل الدماغي- على أنه شلل يصيب الدماغ بمعنى أنه :
شلل : أي الاضطراب الحركي وهو العامل الأساسي الثابت وجوده في هذا المرض.
يصيب الدماغ : في الأساس يصيب قشرة المخ ، لكنه كذلك يصيب العقد العصبية القاعدية basal ganglia والمخيخ.
ويصيب هذا المرض الدماغ في طور النمو فقط -كما ذكرنا- وقد يكون هذا أثناء تكوينه داخل الرحم أو بعد الولادة وحتى 3 سنوات ، حيث أن الدماغ يكون مازال في طور النمو وتعرضه لعوامل متلفة كنقص الأكسيجين وغيرها يسبب به تلفا دائما بالمراكز المسؤولة عن الحركة والاتزان وربما مراكز أخرى ينتج عنه هذا المرض –الشلل الدماغي- والذي تتعدد صوره وفقا لما تعرض من الدماغ للتلف.



ولهذا نشير بمزيد من الاهتمام إلى عدم تأثر القدرة الذهنية والذكاء لهذا المريض في غالبية الحالات ، وإنما قد تصاحب المرض في بعضها.





أسباب المرض:

كما اتضح ينشأ المرض من تعرض أجزاء بالدماغ للتلف ، ووفقا للأجزاء المتعرضة للتلف تتأثر مناطق الجسم.
يمكن عامة تقسيم الأسباب لثلاثة أقسام:




قبل الولادة (75%)
أثناء الولادة وحولها (10%)
بعد الولادة (15%)





تشمل المجموعة الأولى عوامل مثل نقص الدورة الدموية بمشيمة الرحم ، العيوب الخلقية للجنين ، العدوى التي تصيب الجنين أثناء الحمل ، التعرض للأشعةالمتأينة خاصة أثناء الحمل ، الحمل بالتوائم.
بينما تشمل المجموعة الثانية عوامل مثل اختناق الطفل أثناء ولادته ، إصابات الولادة كنزيف المخ ، وارتفاع نسبة الصفراء المرضية لما فوق الحدود لطبيعية بكثير (فوق 20 ملجرام/ديسي ليتر).
أما المجموعة الثالثة فتشمل التهاب المخ والتهاب السحايا ، الغرق الذي يسبب نقص الأكسيجين ، التسمم بالرصاص ، صدمة وعائية قلبية ينتج عنها نقص الدم الواصل للدماغ.

يلاحظ من إجمال هذه الأسباب أنه عامة ينتج الخلل بالدماغ نتيجة لنقص الأكسيجين أو الدم المحمل به أو نتيجة لإصابات مباشرة تسبب التلف، وتبقى النتيجة واحدة ، تلفا دائما بالجهاز العصبي الحركي والمسارات العصبية المرتبطة به.

وعند أخذ هذه الأسباب بالتحليل وإجراء العديد من الدراسات عليها تكشفت بعض الحقائق.
فبالرغم من أن النظرية القديمة افترضت أن الأحداث أثناء الولادة وخاصة اختناق الولادة perinatal asphyxia من أهم مسببات التلف الذي يسبب المرض ، فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن اختناق الولادة ليس سببا رئيسيا لظهور المرض وأنه يكون السبب في نسبة تتراوح من 10-20% فقط من الحالات.
وأوضحت هذه الدراسات أن العامل الأهم هو أثناء الحمل في الحياة داخل الرحم وأهم العوامل فيها هو الدورة الدموية للمشيمة فضعفها ونقص الدم الواصل للجنين في الرحم يسبب النسبة الكبرى من المرض بنسبة تصل إلى 70% من الحالات.
كذلك أي عدوى تصيب الحامل ترفع من احتمال إصابة الجنين بتلف الدماغ ومن ثم الشلل الدماغي إلى ثلاثة أضعاف ويرجع ذلك إما للتأثير المباشر للميكروب أو السموم التي تفرز في حالة الالتهاب cytokines.
أما العامل المهم الذي عولت عليه الكثير من الدراسات فهو ولادة الأطفال ناقصي النمو و ذوو النقص في الشديد في الوزن (أقل من 2 كجم) ، فقد وجد أن 40-50 % من أطفال الشلل الدماغي ولدوا ناقصي النمو. والطفل ناقص النمو هو الذي لم يكتمل حمله وكان أقل من 37 أسبوعا ، أما ناقصي الوزن فهم أولئك الأقل من أقرانهم وزنا في نفس العمر سواء اكتمل حملهم أم لم يكتمل.
ويدعم هذا الرأي ان السبب في نقص النمو ونقص الوزن والسبب في تلف الدماغ واحد وهو نقص الدورة الدموية للمشيمة أي أنه ليس سببا مباشرا للمرض. لكنه قد يكون سببا بطريقة أخرى حيث أن نقص نمو الأعضاء ومنها الدماغ يجعلها عرضة للتلف والإصابة بالأمراض.

أما النظرية الجديدة المثيرة للجدل والتي تمت دراستها بجامعة ليفربول ببريطانيا
تفترض بأن العديد من الحالات نشأت بسبب الحمل بتوائم متماثلة تشترك في نفس المشيمة monochorionic twins وحدث موت مبكر لأحدهما وتلف بالآخر بسبب نقص الدورة الدموية لهذه المشيمة المشتركة ، ينتج ذلك عن خلل في توزيع الدورة الدموية بين الأجنة ويؤدي التلف في الجنين الذي ينجو ليس فقط للشلل الدماغي بل لعيوب خلقية كثيرة ومتفاوتة.

تاريخ المرض:

عرف الشلل الدماغي لأول مرة في العام 1860م بواسطة الجراح البريطاني (ويليام ليتل) William Little وقد اهتم هذا العالم باختناق الولادة كمسبب رئيسي للخلل. وساد هذا الاعتقاد حتى العام 1897م عندما اقترح (سيجموند فرويد) أن اختناق الولادة ما هو إلا نتيجة للنمو المتأخر لهذا الطفل وليس سببا له.
ومن ثم أثبتت العديد من الدراسات فيما بعد في معاهد متعددة أن نقص الأكسيجين أثناء الولادة يسبب نسبة ضئيلة من الحالات وأن الصورة ليس كما اعتقدوا في الماضي.
يجدر بنا الإشارة إلى أن الاهتمام بهذا المرض المنتشر ملحوظ كمرض للأطفال ، ولكن ينقصه الاهتمام به كمرض يستمر مع المريض حتى يصبح بالغا وبالتالي هو مرض أيضا من أمراض البالغين.

الانتشار والحدوث:

ربما انخفضت نسبة الإصابة بسبب الرعاية المتطورة لحديثي الولادة ، لكن هذا الانخفاض فاقه ارتفاع نسبة المواليد الأحياء من ناقصي النمو وذوو النقص في الوزن والذين يبقون على قيد الحياة بسبب الرعاية الحديثة المتطورة والتي لم تتوفر في الماضي. وكما أشرنا فإن المرض ينتشر كثيرا في هذه الفئة.
النسب المقدرة للحدوث في الدول الصناعية المتقدمة 2/1000 مولود حي.
وتختلف النسبة بالزيادة أو النقصان بين هذه الدول نظرا لاختلاف المعايير في احتساب الحالات البسيطة.
ويقدر وجود اختلاف في انتشار المرض بين الذكور والإناث ، فالذكور أكثر أصابة بنسبة 1.33 : 1



أنواع الشلل الدماغي:

يمكن تقسيم هذه الحالات على أسس كثيرة ولكل تقسيمة غرض منها.
1-التقسيمة التشريحية (حسب المنطقة المتأثرة بالدماغ) وينتج عنها الخلل الوظيفي:



  • الشلل التشنجي spastic CP وينشأ عن إصابة المسارات الهرمية بالجهاز العصبي pyramidal tracts
وهذاهو النوع الأشهر والأكثر انتشارا (60-70%).
  • الشلل التهزعي ataxic CP وينشأعن إصابة المخيخ.
وفيه تتأثر القدرة الحركية وتبرز فيه اضطراب الحركة وعدم تناسقها بسبب ضعف الاتزان الذي يمنحه المخيخ وفقدان السلاسة كذلك التي يمنحها المخيخ مما يفقد الطفل مهارات كالكتابة والمهارات اليدوية البسيطة ، كذلك تظهر الرعشة والحركات اللاإرادية.

يمثل حوالي 10%.
  • الشلل المتميز بعسر الحركة dyskinetic/athetoid CP وينشأ عن إصابة المسارات خارج الهرمية وخاصة العقد العصبية القاعدية basal ganglia .
والصورة الواضحة لهذا النوع تتمثل في الحركات اللاإرادية مثل الكوريا والحركات الارتعاشية المتعددة.
ويمثل أيضا حوالي 10%.

2- وفقا لشدة الإصابة


  • <LI dir=rtl>طفيفة : يستطيع الحركة ولا حاجة لرعاية خاصة. <LI dir=rtl>متوسطة: إعاقة حركية لكنه يستطيع العناية بنفسه. <LI dir=rtl>شديدة : إعاقة بحيث يكون طريح الفراش .
  • بالغة الشدة: يعتمد تماما على شخص آخر ولا يتحرك نهائيا.
3- وفقا لتوزيع الإصابة على مناطق الجسم




  • <LI dir=rtl>شلل طرف واحد. <LI dir=rtl>شلل نصفي. <LI dir=rtl>شلل مزدوج وهو النوع الأشهر. <LI dir=rtl>ثلاثي. <LI dir=rtl>رباعي.
  • شلل النصف السفلي.
4-التقسيمة الأشمل والتي تعتمد على الحالة الإكلينيكية (أي الخلل الوظيفي بالإضافة إلى توزيع الشلل)

  • الشلل التشنجي
    • الشلل المزدوج .... النوع الأشهر وفيه
إصابة للأطراف الأربعة لكن مع تأثر الأطراف السفلية بشكل أكبر.
يكون فيها ضمور للعضلات وتصلب في الأطراف خاصة السفلية ، يؤدي هذا التصلب إلى الوضع الشهير الشبيه بالمقص لللأرجل والمشي على أطراف الأصابع ، كما أن التصلب الشديد قد يسبب انخلاع مفصل الورك.
في نسبة كبيرة من الحالات يصاحبها قصر النظر والحول.

في هذا النوع لا يتأثر غالبا الذكاء ، وتبقى القدرة الذهنية كاملة.
    • الشلل النصفي
النصف الأيمن أو الأيسر فقط بطرفيه العلوي والسفلي.
    • الشلل الرباعي
تكون الأطراف الأربعة مصابة بشكل متساو تقريبا.

هو النوع الأشد وغالبا ما يصاحبه إعاقة ذهنية وإعاقات أخرى.
  • <LI dir=rtl>الشلل التهزعي. <LI dir=rtl>الشلل المتميز بعسر الحركة.
  • أنواع مختلطة تجمع بين نوعين مختلفين.
الصورة المرضية:

العلامات المبكرة

1- قدرة الطفل على رفع رأسه مبكرا عن أقرانه في نفس العمر أي قبل سن ال3 شهور ؛ وذلك بسبب تصلب العضلات.
2- في الطفل الطبيعي لا يظهر تفضيل اليد اليمنى أو اليسرى حتى سن السنتين ، أما في طفل الشلل الدماغي يظهر تفضيل أحد اليدين في سن مبكر عندما يصيب الشلل جانبا واحدا من الجسم ، فيستخدم الطفل الجانب الآخر باستمرار.
3- في الطفل الطبيعي تختفي الانعكاسات العصبية البدائية عند أعمار معينة ، بقاء هذه الانعكاسات لما بعد العمر المحدد وهذا ما يحدده الطبيب بالفحص ، يدل على تأخر الجهاز العصبي.
4- بقاء الطفل على وضع قبضة اليد والسير على أطراف أصابع القدم.
5- تأخر علامات التطور الحركي للطفل مثلا الجلوس والزحف والوقوف والمشي.
6- ربما يصاحب الطفل تشوهات في العمود الفقري والفك أو صغر حجم الرأس.
العلامات المتأخرة

1-خلل في توتر العضلات بالنقص أو الزيادة حسب المنطقة المصابة بالدماغ.
2-حركات لا إرادية منها إيماءات الوجه والجسد، وفقدان الاتزان.
3-قصور في الحركة بسبب تصلب العضلات.
4-خلل في نمو العظام والمفاصل بسبب تصلب العضلات وانكماشها بشكل مرضي.
5-المشي على أطراف الأصابع ، وتقاطع الرجلين بما يشبه المقص.
6-تعتمد الصورة كذلك على نوع الشلل الدماغي فهل هو التشنجي أم التهزعي وهكذا.
وبشكل عام فإن صورة الحالة تتطور مع العمر، وخاصة مع بداية الحاجة للحركة تتضح نواحي القصور الحركي كاملة.

الإعاقات التي قد تصاحب الشلل الدماغي

1-التشنجات الصرعية : في 30% من الحالات.
2-الإعاقة الذهنية وصعوبات التعلم :
من المهم التركيز على أنه في كثير من الأحيان يكون الذكاء طبيعيا ولكن صعوبات التعلم تنتج من صعوبة الاتصال مع الآخرين وعسر الكلام وكذلك ضعف المهارات كالكتابة.
3-فقدان الحواس كالسمع والإبصار :
تتأثر حاسة السمع في 20% من الحالات.
بينما يتأثر البصر في نسبة تصل لنصف الحالات وتتراوح الإصابة بين قصر النظر والحول وقد تصل إلى ضمور العصب البصري والعمى.
4-اضطرابات الكلام:
السبب الرئيسي هو عدم القدرة على تنسيق حركة عضلات الفم والحنجرة وكذلك عضلات التنفس ، ولكل نوع من الأنواع الثلاثة صورة معينة لاضطراب الكلام.
الأسباب الأخرى لعدم الكلام هو فقدان حاسة السمع وكذلك الإعاقة الذهنية.
5-أمراض التغذية : صعوبات التغذية بسبب ضعف عضلات الحلق والبلعوم وينتج عنها صعوبة في البلع وعدم تناسق الحركة مما يؤدي إلى استنشاق ما يؤكل إلى الجهاز التنفسي وما يتبع ذلك من التهاب رئوي .
6-عدم التحكم في البول.
7-الاضطرابات النفسية واضطراب السلوك بسبب عدم القدرة على التواصل مع الآخرين وقلة الثقة بالنفس.

تشخيص الحالة:

1-التاريخ المرضي للحالة بدقة مع التركيز على العوامل المسببة لها.
2-الصورة المرضية التي تم الحديث عنها.
3-الفحوصات : فبالرغم من أن التشخيص إكلينيكي ، لكن دور الفحوصات يكون في تحديد التلف بالدماغ والمناطق المتعرضة له بالاستعانة بالأشعة المقطعية CT وأشعة الرنين المغناطيسي MRI، فقد أوصت الأكاديمية الأمريكية للأمراض العصبية في مقال نشرته عام 2004 بضرورة الاستعانة بهذه الفحوصات خاصة حينما لا يكون السبب معروفا.
كذلك في التعرف على الإعاقات المصاحبة بالاستعانة برسم المخ ورم السمع وفحص النظر واختبارات الذكاء وغير ذلك.


التنبؤ بما يتوقعه مريض الشلل الدماغي :

كما أوضحنا منذ البداية ، فإن هذا المرض غير متفاقم ؛ لأن التلف الذي أصاب الدماغ لا يتغير ، فقط تتضح جوانب القصور عند المريض وربما تزيد مع تقدم العمر.
لهذا يمكننا توقع ظهور بعض الأعراض الجديدة على المريض مع الوقت.
وعلى النقيض ، يمكننا توقع تحسن حالة المريض بشكل ملموس إذا ما تلقى الرعاية الكاملة المتخصصة كالعلاج الطبيعي والأدوية اللازمة والاهتمام بالتغذية.
أما عن القدرات الذهنية لهذا الطفل فهو كأي طفل آخر ، تتراوح بين العبقرية والإعاقة الذهنية البسيطة و الشديدة ؛ ولأن التلف في الأساس لا يؤثر على الذكاء ولكنه قد يصاحب المرض في نسبة من الحالات لذا فلا يمكن التكهن بمدى ذكاء الطفل وقابليته للتعلم ولهذا يجب إعطائه فرصته كاملة في التعليم واكتساب المهارات ، مع ملاحظة أنه كما ذكرنا قد يواجه الطفل صعوبات في التعلم سببها ليس الإعاقة الذهنية بل عدم القدرة على التواصل والكلام.
السؤال الآخر الذي يهم أهل الطفل ، هل سيعيش حياة طبيعية مستقلة؟
وجواب هذا السؤال أن الحالات تتفاوت فمنهم من لايستطيع الاعتماد على نفسه نهائيا ويحتاج الرعاية من شخص آخر وقد يكون ملازما للفراش أو الكرسي ، ومنهم من يستطيع الاعتماد على نفسه في بعض الأنشطة كإطعام نفسه والتحرك في نطاق ما ويحتاج للمساندة في البعض الآخر ، ومنهم من يستطيع نيل حياة مستقلة وشبه طبيعية والاعتماد على نفسه في كل الأمور تقريبا وهم نسبة كبيرة وموجودون بيننا. الفيصل هو شدة الإصابة ، والتقييم الطبي للحالة ، وبالطبع فإن الرعاية المتخصصة تزيد من هذه الفرص.
يتوقع لهذا المريض معدل عمر طبيعي ، وفي الحالات البسيطة فإن نسبة إصابته بالأمراض المختلفة كغيره ، لكن هذا يختلف في الحالات الأشد لأن المريض - سواء كان طفلا أو بالغا – يكون عرضة لسوء التغذية ، ولأمراض الجهاز التنفسي ؛ لعدم قدرة العضلات على طرد الأجسام الغريبة والتخلص من الإفرازات بشكل طبيعي. كذلك يكون عرضة للإصابة بالتهاب المفاصل في سن مبكر بسبب الضغط المستمر عليها بفعل العضلات المتيبسة المتشنجة.
ولأن الإصابة لا تؤثر على القدرة الإنجابية في الأساس فإنهم يستطيعون الحصول على حياة أسرية طبيعية وأن يصبح لهم أطفال طبيعيون كذلك ؛ لأن المرض لا يورث ولاتزيد فرص الإصابة به في الأبناء المولودين لآباء مصابين.

وملخص ما سبق أن هذا الطفل والذي يصبح ذاك الإنسان المصاب بهذا المرض ، هو كغيره يسبب له المرض قصورا في بعض جوانب الحياة قل أو كثر لكنه بالتأكيد لا يحرمه حق خوض تجربة الحياة كاملة ، فهو قادر على فعل الكثير وله من المواهب ما يعوضه عما فاته في جوانب أخرى.
هذا الإنسان يستطيع أن يعيش حياة طبيعية ببعض المساندة ممن حوله ، ويستطيع التعلم ويستطيع أن يثري الحياة ويضيف إليها ، ويستطيع ممارسة الرياضة وكتابة الأدب وإتقان الفنون.
وتكثر حولنا الأمثلة على هؤلاء الشجعان الذين تفوقوا بمواهبهم وجهدهم ولم ينظروا إلى ما فاتهم ليجعلوه عائقا للنجاح.
أما التاريخ فملئ بهذه الأمثلة وسأذكر في نهاية المقال لمحة سريعة عنهم.


التعامل مع حالة الشلل الدماغي :

في البداية ، لا يوجد شفاء للتلف الذي يصيب الأنسجة العصبية بالدماغ وبالتالي لا يوجد علاج يشفي من المرض.
ولكن الهدف من التعاطي مع الحالة بالعلاجات والطرق المختلفة هو توفير أفضل حياة ممكنة لكل حالة والتي قد تقترب للحياة الطبيعية في بعض الحالات.
وكلما كان العلاج مبكرا وعلى مستوى لائق من الجودة فإنه يجنب الطفل تفاقم الإعاقات الجسدية و صعوبات الكلام والتعلم.
التركيز على فكرة أن التعامل مع هذه الحالة يكون بالجهود المتضافرة لفريق طبي متكامل يجمع طبيب الأطفال والعظام والعلاج الطبيعي والسمعيات والتخاطب والعيون والطبيب النفسي وغيرهم.




  • ودور طبيب الأطفال متابعة حالة الطفل باهتمام بالغ لمنع وعلاج أي أمراض تصيبه كأي طفل آخر مع مراعاة صعوبة علاج الطفل في حالات العدوى وخاصة الالتهاب الرئوي، وسوء التغذية ، وصف الأدوية لإرخاء العضلات وتقليل التوتر بها ومنها العقاقير المعروفة مثل البنزوديازيبين benzodiazepine والبوتوكس Botox الذي يحقن في العضلات و استخدام الأكسيجين عالي الضغط.
بالرغم من عدم التأكد من جدوى هذه الطريقة – الأكسيجين عالي الضغط بل أن دراسة أجريت عام 2007 اقترحت أن له آثارا ضارة كأن يسبب نوبة تشنجية.
  • ودور جراح العظام قد يكون بالتدخل الجراحي لإصلاح العظام ولتقليل ضغط العضلات.


  • وللعلاج الطبيعي دور مهم في تحفيز العضلات وإعادة تشكيلها حتى لا تضمر وكذلك المساعدة على تقليل التوتر بها ، وإطالة العظام والحماية من انخلاع المفاصل ، وتحسين المشي ، وتوفير الأجهزة التعويضية مثل الدعامات ودوائر المشي ، ومساعدة المريض على تطوير القدرة الحركية وتعلم طرق جديدة للحركة والاستغناء عن بعض الحركات بالتكيف على غيرها.




  • دور الطبيب المتخصص بالسمعيات والتخاطب هو مساعدة المريض على التواصل مع الخارج بأفضل صورة ممكنة عن طريق تنمية قدراته لأبعد حد ممكن وكذلك الاستعانة بأجهزة تكميلية للسمع والكلام.
  • أخصائي التغذية : اقترحت دراسة أجريت على 490 طفلا ناقصي النمو أن التغذية المناسبة وزيادة الوزن بشكل جيد لهؤلاء الرضع ناقصي النمو كانت عاملا يحميهم من الإصابة بالمرض ؛ لأن الدراسة أثبتت أن الإصابة كانت أقل فيمن زاد وزنهم بشكل جيد عن غيرهم.
  • أما عن الجديد في هذ المجال..:
oالعلاج بدماء الحبل السري:
لا توجد دراسات موثوقة بهذا الصدد ، لكن بعض الأبحاث المتفرقة ، وقد عرضت حالة في العام الماضي 2008 كانت قد تم تشخيصها وبها علامات المرض بشكل واضح وبعد تلقي الطفل العلاج بهذه الطريقة عن طريق حقنه بدماء الحبل السري الخاص به أكد أبويه أنه تحسن كثيرا وأصبح قادرا على المشي والكلام بعد 5 أيام ، واعتقد الأطباء المشرفون عليه أنه إذا استمر على هذا المنوال في التقدم سيشفى تماما بعد 7 سنوات.
o تنظيم الوظائف الحيوية اللاإرادية : يتعلم المريض التحكم بعضلاته المصابة لتقليل التوتر بها ، لكن ليس كل مريض يستطيع تعلم و ممارسة هذه الطريقة.
oالتقليد أو المحاذاة وهو طريقة علاجية يمنحها الطب البديل ، لكن هذا النوع بالذات تنقسم حوله الآراء فقد شجعته بعض المعاهد لكن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال عارضته.

المصطلحات التي يراعى استخدامها فيما يخص المرض :

  • <LI dir=rtl>ضعف : هو المصطلح المناسب لوصف عدم القدرة على تحريك العضلات ، أو عدم التحكم لإيقاف حركتها اللاإرادية. <LI dir=rtl>قصور : هو المصطلح المناسب لوصف عدم القدرة على القيام بأنشطة يقوم بها نظيره في نفس السن.
  • إعاقة : المعاق هو من لا يستطيع - بسبب ما يعانيه من قصور – القيام بدوره في المجتمع والحياة كنظرائه الأسوياء.
والمثال التالي يوضح لماذا نطلق لفظ القصور بدلا من الإعاقة على معظم هؤلاء الأشخاص:
الشخص الذي يبلغ من العمر 15 عاما ولا يستطيع تحضير وجبة طعامه والعناية بنظافته هو معاق ، لكن من يبلغ هذا العمر ويستطيع ذلك ويتعلم في المدارس النظامية ويتحرك ربما بمساعدة لكنه يقوم بمعظم الوظائف اليومية حتى وإن اختلف عن أمثاله في الطريقة فهو يعاني القصور وليس الإعاقة.
لهذا فإن كل معاق هو صاحب قصور ، لكن ليس كل من يعاني من ضعف يكون قاصرا ، وليس كل من يعاني من قصور يكون معاقا.


كيف نتفهمهم؟

  • فيما مضى وحتى منتصف القرن الماضي لم تنل هذه الشريحة المهمة من المجتمع حقوقهم كاملة في الحياة ، بل أنهم كانوا يعاملون باحتقار واستهانة ، لكن هذه النظرة تغيرت كثيرا الآن بفضل جهود العديد من الجمعيات والمنظمات في كثير من دول العالم.
  • وعلى النقيض ، ساد اعتقاد تبناه البعض بأن القصور الحركي يعوضه في كثير منهم نبوغ وعبقرية في وجوه أخرى.
  • الشلل الدماغي التشنجي وهو النوع الأشهر ، يؤدي لتصلب العضلات وصعوبة الحركة والكلام ، يجب أن نتفهم المريض على هذا النحو ، فصعوبة الكلام والتأخر في التواصل والحركات والإيماءات اللاإرادية هي جزء من مرضهم وكذلك صعوبات التعلم ، كل ذلك ليس دليلا على التأخر العقلي ولكنها من أعراض المرض.
  • اتضح لنا تماما أن المرض لا يؤثر على القدرة الذهنية إلا عند تأثر أجزاء بعينها في الدماغ وخاصة الفص الأمامي بالمخ ، ولهذا قد يصاحب التأخر العقلي بعض الحالات فقط ، لكنه ليس من صورة المرض الأساسية.
أمثلة مضيئة :


احتل النابغون من أصحاب هذا المرض مكانة كبيرة في الأدب والفن فألفت عنهم القصص وأنتجت الأفلام ، لكنها كلها تفريبا في العالم الغربي ولم يتحدث الأدب العربي كثيرا عنهم.

أما عن هؤلاء النوابغ فهم كثيرون ومنهم من اشتهر ومنهم من لم نسمع به ، فمنهم الكتاب والممثلون والشعراء والمهندسون والمحللون السياسيون وغير ذلك الكثير ، المهم أنهم فعلا نالوا مكانتهم في الحياة وقاموا بدورهم في كل المجالات.

ولكن أيضا للأسف فإن معظم هؤلاء المشاهير من الغرب أيضا ومنهم:
  • كريستي براون Christy Brown كاتب ورسام أيرلندي وصاحب رواية My Left Foot التي تحولت للفيلم الحائز على جائزة الأوسكار بنفس الاسم.<LI style="BACKGROUND-COLOR: rgb(217,234,211)">كريستوفر نولان Christopher Nolan وهو أيضا شاعر وناشر أيرلندي. <LI style="BACKGROUND-COLOR: rgb(217,234,211)">جويل جوستين Joel Gausten صحفي وناشر وموسيقي أمريكي. <LI style="BACKGROUND-COLOR: rgb(217,234,211)">جيري جويل Geri Jewell ممثلة وكوميدية أمريكية شهيرة.
  • سوسي مارونيي Susie Maroney سباح أسترالي شهير.

صورة للمنتخب الأيرلندي لكرة القدم


دور الجمعيات والمنظمات :

دور التوعية والتأهيل والمساندة المادية الذي تقوم به هذه المؤسسات يجعل لها فضلا كبيرا في تحسين حياة المصابين بالمرض وأسرهم.
ربما تفتقر بلداننا لمثل هذه الجهود المنظمة ، لكنها تقوم بدور كبير في الخارج مما يشجع الأفراد والهيئات المسؤولة على تأسيسها.
وكذلك العديد من المواقع على شبكة المعلومات تتبع لهذه المنظمات وتقوم بمساعدة الآباء في حل ما يعيقهم من مشكلات عديدة تواجه أبنائهم ، وكذلك توفر التواصل ومشاركة الخبرات.
خاتمة :

مرضى الشلل الدماغي هم جزء فاعل من حياتنا نتفهمهم ونتقبل اختلافهم عنا ، وهذا المريض حينما ينال نصيبه من الرعاية والاهتمام سينشأ سويا و سيضيف للحياة قيمة ، ولهذا كان الموضوع ككل مستحقا للاهتمام وبذل الجهد.
دعوتي في الختام هي تسليط المزيد من الضوء على هذه الشريحة ، وتقديم العون للأسر لتعنى بأطفالها المصابين بهذا القصور، وعندها ستصبح عندنا أسماء لامعة من الأدباء والفنانين الموهوبين كالتي في الغرب.
وتتضمن الدعوة أيضا تجميع الجهود الأهلية والحكومية لتأسيس الجمعيات التي تخدم في هذا المجال.


تم بحمد الله...
والله من وراء القصد

المصادر

1-Essentials of Pediatrics - Faculty of Medicine - Alexandria University

2- موسوعة ألف باء الصحة - النمو العقلي عند الأطفال - د/شادي علي الفقيه - دار نوبليس- بيروت- لبنان
3- موسوعة ألف باء الصحة - دليل الطفل
3- العديد من المواقع و تقود إليها هذه الروابط
http://en.wikipedia.org/wiki/Cerebral_palsy
http://www.nlm.nih.gov/medlineplus/cerebralpalsy.html
http://www.cerebralpalsy.org/
http://www.cdc.gov/ncbddd/dd/ddcp.htm
 

اعضاء يشاهدون الموضوع (المجموع: 0, الاعضاء: 0, زوار: 0)

من قرأ الموضوع (مجموع الاعضاء: 1)

اعضاء قاموا بالرد في الموضوع (مجموع الاعضاء: 4)

عودة
أعلى