{ وانجلت الهموم }

ملاك المحبة

عضو جديد
وانجلت الهموم
*************

يجلس بينهم مطاطئ الراس....زائغ النظرات ..
تتوالى في راسه مئات الافكار..فتحيله الى كرة مشتعلة..
يشعر ان روحه تكاد تخرج من جسده المنهك ...
قلبه الذي كان فارغا الا من ملذات الدنيا اصبح مترعا للهموم...
تتناهى الى سمعه اصوات ضحكاتهم الماجنه....
فتبدوا له انها بعيده وكانها تاتي من وادي سحيق......
يحدق اليهم يقطب جبينه..يضرب باصابع مرتجفة ..
يشعر انه بعيدا عنهم ....وكان هناك حاجزا بينهم وبينه....
وكانه يقبع داخل كرة زجاجيه قتله فيها الصقيع ..



يتلمس قلبه فيشعر بدقاته الرتيبه....ويبدوا له انها سوف تتوقف....
يتملكه الرعب الشديد...يتلفت يمينا ويسارا بعينين احاطهم السواد.....
يحدق اليهم مرة اخرى ....مابالهم مستغرقون في لهوهم وملذاتهم....
مابالهم يعبون من كؤؤس اللذه والشهوه....
لماذا تملئ ضحكاتهم الغافلة ارجاء المكان .....
لا يبدوا على وجوههم الا حب الدنيا والتعلق بها.....
يرفعون شعار اللهوا واللا مبالاة....
تتسلل ابتسامة ساخرة الى ثغرة....
فتظهر اسنانه الصفراء غير المتناسقه....
تبدوا اسنانه الغير مرتبه وقد تخللها السواد من اثر الشراب.....
الذي اصبح لا يفارقه في هذه الايام الاخيرة....
وكأنه أكسير الحياة ....الذي سيضمن له البقاء....
وكانه طاقة القدر ....التي سوف تحل كل مشاكله....
يرفع كاسا أخر ليلقيه في جوفه....ويتنهد بعده بعمق....
حتى هذا الشئ الاحمق لم يعد يفيد الان ....
تساءل ...كيف يستطيع الخروج من كل ذلك .....
كيف يستطيع أن يحصل على شئ من الراحه....
فالكل قد تخلى عنه...والكل قد نبذه ....لم يعد له الا وحدته الكئيبه........
حتى زوجته الوفيه التي لازمته طوال عشرة اعوام ....
هي ألاخرى اصبحت مثلهم...تركته ورحلت بعيدا...
رفع راسه عاليا وزفر وكانما يريد ان يخرج كل الذي في جوفه....
حدث نفسه ....أخذ يعاتبها...ومن دون ان يشعر اخذ يخاطب نفسه.....
********************************
يالهذا الشراب اللعنة عليه...لقد افسد كل شئ في جسدي ....
حتى اصبحت كقطعه قديمه لا تصلح لاي شئ.....
منذ ان رافقت هؤلا ء القوم الحمقى ....
منذ ان اصبحت مثلهم ....ادور في ملذات الدنيا....
وانا اشعر اني انفصلت عن ذاتي...وكانني شخص اخر....
حياتي الهادئه...وزوجتي واطفالي...كلهم قد ابعدهم عن القائمه....
مع انهم كانوا من اولى اهتماماتي.....
عيونهم الجميله البريئه....كانت هي دنياي كلها.....
كلمات زوجتي المقدره الحنونه.....كانت البلسم الذي يشفي جروحي....
حتى امي التي بذلت كل عمرها لاجلي اصبحت لا تراني....
ابتعدت عن الكل .....واتبعت اهوائي الحمقاء....
والان جاء دوري....ليتخلى الكل عني....لاظل وحيدا ....
انتظر الموت المحتم....حتى والدتي لم تعد راغبة في رؤيتي....
لا بد انها الان غاضبه علي...آآآآه لو استطيع رؤيتها الان....
ولكن فات الاوان....ذلك المرض اللعين ينهش في جسدي....
وكانه النار تاكل في الحطب....لا تشبع منه ابدا.....
لم ادع شيئا من اللهوا واللعب الا وجربته....وكانت معي هذه الصحبه
المشؤؤمه....تحثني على المزيد....
حتى المتعه الحرام لم اتوانى عنها....فتحت الابواب امامي مشرعه....
وجدت المتعه الحرام أمامي ....تفتح باعها وكانها غول لا يرحم....
اجتذبتني الاهواء والملذات ....وزينها لي عقلي المريض....
وقبلها ضميري الذي استولى عليه الشيطان...
واقبلت اليها انتهل منها وبكل انواعها....
كان القوم يشجعونني....ويبتسمون الي أبتساماتهم ألصفراء....
وأنا أتبعهم كالابله...كالمسحور...لا ارى امامي شئ....
وهذه النهايه لقد انتقل الي ذلك المرض الذي لا يرحم....
وعما قريب سوف يقضي علي....وليس امامي شئ افعله....
الا التضرع الى الله تعالى ليغفر لي كل خطاياي....
وان يحفظ عائلتي المسكينه من كل سوء...بعد رحيلي....
*****************************
عندما عاد الى رشده....ونزل على ارض الواقع.....
وعندما انقطعت افكارة المتشائمه.....
عاد ليلتفت الى هؤلاء القوم...فوجدهم قد غطوا في نوم عميق....
اشفق عليهم ادرك انهم لا شك سوف يلقون نفس مصيره التعس.....
نهض بتثاقل وكانه شيخ قد بلغ السبعين.....
نفض غبار الهموم والالام عنه...وتحرك....
خرج الى الهواء الطلق....نظر الى الافق ...كانت اول خيوط الفجر قد بدات بالظهور....
تسلل اليه احساس بالرضى رغم الالامه وهمومه....
تجلت امامه قدرة الخالق عز وجل....
تذكر...قول الشيخ الجليل الذي كان يؤم المسجد عندما كان صغيرا...
كان وجهه السمح ينطق بالصفاء والنور....
كانت انوار الهدايه الربانيه تسطع في وجهه....
بيد ان شفتاه تتحركان دائما....لا تنفكان تسبح الله ليلا ونهارا....
وكان يقول ويكرر قوله تعالى...من الحديث القدسي بكل ثقه وشفتاه تبتسم .....
[[[[[[[[[ان اتاني عبدي مشيا ....اتيته هروله]]]]]]]]]]....
انسابت دموعه بالرغم عنه....تسللت على خديه....
شعر انه يشعر بشوق كبير الى ذلك الشيخ المؤمن..
ليته الان موجود ليبثه همومه التي لا تنتهي.....
مسح دموعه المنسابه بظاهر كفه....تلفت حوله بحيره....
حدق اليه...انه المسجد...شعر للمرة الاولى منذ زمن بعيد ....
انه يريد الذهاب اليه...قادته رجلاة دون أرادة الى باب المسجد....
سيطر عليه الخجل...كيف يدخل بيت الله وهو على هذه الحاله....
هم بالرجوع ...ولكن قلبه حدثه ان يتابع....
***************************
وانتشرت بعد ذلك اقاويل عجيبه عن قصه غريبه.....
عن سكير يلقى حتفه داخل المسجد.....


انتهت


من فيض قلمي
ملاكـ المحبة
 
رد: { وانجلت الهموم }

عيون الاماكن

برتقاله

اشكر تواجدكم اللطيف
كونو بخير ’’’
 
رد: { وانجلت الهموم }

مـلاك الـمـحـبـة
سطرتي كلماتك الى سموات الكلام العذب

أبدعتي وكنتي قمه إبداعيه

شاهقه

إرتوينا منك بالكثير

وسنبقى على شوق لحرفك
 
رد: { وانجلت الهموم }

دامت نقية رائعة شامخة بروعة وجمال حضورك
تقبل مروري
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى