وقفات مع احكام الحج للشيخ ابن سليم

مُعان

داعم لذوي الاعاقة
[align=center]
**بســـم الله الرحـمن الرحـيم**

الحمدلله الذي من على عباده بمواسم الخيرات ليغفر لهم الذنوب ويجزل لهم الهبات , وفق من يشاء من عباده لاغتنامها فأطاعه واتقاه، وخذل من شاء فأضاع أمره وعصاه .
أحمده أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ورضي لنا الإسلام دينا وأشهد أن لا إله إلا الله وحد ه لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد:
فهذه وقفات يسيرة ومختصرة لبعض أحكام الحج أحببت أن أضيفها إلى منتدانا الاغرلتكون سهلةً قريبة التناول لمن قصد بيت الله حاجا أو معتمرا ، أو أراد الاطلاع على بعض أحكام هذه الفريضة العظيمة
رزقني الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح .
فأقول وبالله التوفيق:
أولًا ــ حكم الحج وفضله :
الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام وهو فريضة الله تعالى على كل مسلم ومسلمة مرة في العمر لمن استطاع إليه سبيلا ،قال تعالى :«ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ».
وجاء في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة،
وحج البيت، وصوم رمضان» [أخرجه البخاري ومسلم].

وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في هذه العبادة العظيمة فهي سبب لتطهير النفس من آثار الذنوب ودنس المعاصي ليصبح المسلم أهلا لكرامة الله تعالى في الدار الآخرة ، فالحج يهدم ما قبله ،
والحاج يعود بعد حجه كيوم ولدته أمه ، والحج المبرور جزاؤه الجنة ، وهو أفضل الأعمال بعد الإيمان والجهاد .
قال صلى الله عليه وسلم :«من حج فلم يرفث، ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» [متفق عليه].
و قال عليه الصلاة والسلام: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنة».[خرجه مسلم]
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم « أي الأعمال أفضل ؟ قال : إيمان بالله ورسوله . قيل ثم ماذا ؟ قال: ثم جهاد في سبيل الله قيل : ثم ماذا ؟ قال :ثم حج مبرور» [أخرجه البخاري ]

وعلى المسلم المستطيع أن يبادر في أداء هذه الفريضة فإنه قد دلت الأحاديث على وجوب المبادرة إليه وأنه على الفور ، وتتأيد بآيات من القرآن تدل على وجوب المبادرة إلى امتثال أو أمر الله تعالى والمسارعة إلى الأداء ، قال صلى الله عليه وسلم : « تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له » [أخرجه احمد وحسنه الألباني ]. وقال تعالى : « فاستبقوا الخيرات» ، وقال تعالى : « وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ».

ثانياً - شروط الحج :
يشترط لوجوب الحج شروط وهي كما يلي :

1-الإسلام : وهو شرط لكل عبادة فلا تصح العبادة من الكافر.

2-العقل : فالعقل شرط للتكليف والمجنون ليس مكلفاً فلا يجب عليه الحج .

3-البلوغ : فلا يجب على الصغير لأنه غير مكلف ، لكن يصح منه ، ولا يجزئه عن حجة الإسلام ، فإذا بلغ بعد ذلك فعليه أن يبادر بأداء فرضه إذا كان مستطيعاً .

4- الحرية : فالعبد المملوك لا يجب عليه الحج لأنه لا يملك شيئاً ، ولكن إذا حج صح حجه .

5-الاستطاعة : وقد دل عليه قوله تعالى : « ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ».

والمستطيع هو : القادر على الحج ببدنه وماله ، فإن كان عاجزاً بماله كالفقير لم يجب عليه ، ولا يلزمه أن يستدين ليحج ، وإن كان عاجزاً ببدنه قادراً بماله فإن كان عجزه لا يرجى زواله كالكبر والمرض المستمر فهذا ينيب من يحج عنه ،
وإن كان عجزه يرجى زواله كالمرض الطارئ فإنه ينتظر حتى يشفى منه ثم يحج ، فإن مات قبل تمكنه حُج عنه من تركته .

ويشترط فيمن يحج عن غيره أن يكون قد أدى فرضه ، وأن يكون ممن يجزئه عن حج الفرض ، ويجوز حج الرجل عن المرأة ، وحج المرأة عن الرجل ، فقد سألت امرأة من خثعم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : « يا رسول الله أن أبي أدركته فريضة الله في الحج شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يستوي على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال: حجي عنه ».[متفق عليه ]
ومن الاستطاعة أن يكون للمرأة محرم ، فلا يجب الحج على امرأةٍ لا محرم لها.

ثالثاً - مواقيت الحج :
وهي نوعان:
الأول:المواقيت الزمانية :
وهي ثلاثة أشهر :شوال ، وذو القعدة ، وذو الحجة في أصح قولي العلماء

الثاني : المواقيت المكانية :وهي خمسة :

1- ذو الحليفة :
وهو ميقات أهل المدينة ، وهو أبعد المواقيت عن مكة .

2- الجحفة :
وهي قرية خربة قرب رابغ ، والناس يحرمون قبلها من رابغ، وهو ميقات أهل الشام ومصر والمغرب .

3- قرن المنازل :
ويسمى الآن بالسيل الكبير ، وهو ميقات أهل نجد ،ومثله وادي محرم الواقع في الهدى في الجهة الغربية من الطائف .

4- يلملم :
ميقات أهل اليمن ، وهو على طريق الساحل جنوب مكة .

5- ذات عرق :
ميقات أهل العراق وتقع عن مكة شرقاً بمسافة تقارب مائة كيلو متر تقريبا وهي الآن مهجور ة لعدم وجود الطرق عليها .

ودليلها حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:« وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، قال:فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ، فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها ».[أخرجه البخاري ومسلم] .
أما من لم يمر بميقات فإنه يحرم إذا علم أنه حاذى أقربها منه ، كمن كان في الطائرة فإنه يحرم إذا حاذى الميقات من فوقه .

رابعاً:الإحرام ومحظوراته:
الإحرام هو: نية الدخول في النسك ، وهو أول الأركان فإذا وصل الحاج إلى الميقات يستحب له أن يغتسل ويأخذ من شعره وأظفاره ما يحتاج إلى أخذه ،
والمرأة الحائض والنفساء تفعل كما تفعل الطاهرة من الغسل والإحرام ، لأن الحيض لا يمنع الإحرام .
ثم يتطيب في رأسه ولحيته بأطيب ما يجد ، ويلبس إزاراً ورداءً أبيضين نظيفين ونعلين .

والمرأة تحرم بما شاءت من الثياب بشرط ألا تكون ملابس زينة ، وليس لإحرام المرأة ملابس مخصوصة كما يُظن .
ويجتنب الثوب الذي مسه الطيب لقوله صلى الله عليه وسلم :« لا تلبسوا من الثياب مسه زعفران أو ورس »[أخرجه البخاري ومسلم ]
ولا تلبس المرأة المحرمة النقاب ولا القفازين لقوله صلى الله عليه وسلم : « ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين »[أخرجه البخاري]

وإحرام الصغير كإحرام الكبير ، ويجب على وليه أن يجنبه ما يحرم على المحرم لبسه وسائر محظورات الإحرام .

ثم بعد أن يغتسل ويلبس ثياب الإحرام ويتطيب في بدنه يحرم بعد الصلاة إن كان وقت فريضة ،و إلاأحرم بدون صلاة لأنه ليس للإحرام صلاة تخصه.

والأفضل أن يحرم بعد أن يركب سيارته ، فينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده من عمرة أو حج أو هما معاً ثم يتلفظ بالنسك فيقول : لبيك عمرة، أو لبيك حجاً أو لبيك حجاً وعمرة معاً ، وإن قال مع ذلك : سبحان الله والحمدلله والله أكبر فحسن ، لحديث أنس رضي الله عنه وفيه « ثم ركب - أي رسول الله صلى الله عليه وسلم - حتى استوت به على البيداء حمد الله وسبح وكبر ثم أهل بحج وعمرة »[أخرجه البخاري]

أما الاشتراط عند الإحرام ، فيستحب للمحرم إذا كان خائفاً وإلا فلا يشترط ، فإن اشترط وقال : إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني وعاقه عائق من مرض ونحوه حل من إحرامه ولا شيء عليه.

ويكثر التلبية، يرفع بها الرجل صوته ، وتخفيها المرأة ،فيقول : ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ).


وأنساك الحج ثلاثة :

الأول : التمتع ، ،وصفته : أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم يفرغ منها بطواف وسعي وتقصير ويحل من إحرامه ، ثم يحرم بالحج في وقته من العام نفسه .

الثاني : القِرَان، وصفته : أن يحرم بالعمرة والحج جميعًا ، فيقدم مكة فيطوف للقدوم ، ثم يمكث محرمًا حتى يأتي الحج ، أو يحرم بالعمرة وحدها ثم يدخل الحج عليها.

الثالث : الإفراد ، وصفته : أن يحرم بالحج فقط ، فيقدم مكة فيطوف للقدوم ، ثم يمكث محرمًا حتى يأتي الحج.

وأفضل هذه الأنواع التمتع ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أصحابه وحثهم عليه ، وقال بعد أن سعى بين الصفا والمروة : ( لو أني استقبلت من أمري ماستدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه الهدي فليحل وليجعلها عمرة ) .[أخرجه مسلم]

محظورات الإحرام :

وهي على ثلاثة أقسام :

القسم الأول : عام في كل محرم ذكراً كان أم أنثى وهي ثمانية :

1- إزالة شعر الرأس بحلق أو غيره ، ويلحق به سائر البدن كشعر الإبط والعانة ونحوهما .

2- تقليم الأظافر من اليدين أو الرجلين.

3- استعمال الطيب ببدنه أو ثوبه .

4- لبس القفازين.

5-المباشرة لشهوة بتقبيل أو لمس أو ضم أو نحوه .لقوله تعالى ( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولافسوق ولا جدال في الحج ) فيدخل في الرفث مقدمات الجماع.

وهذه المحظورات الخمسة فديتها على التخيير بين صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو ذبح شاة تفرق على مساكين الحرم .
لقول النبي صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة : ( لعلك آذاك هوام رأسك قال :نعم يا رسول الله ، قال: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو انسك شاة ) [أخرجه البخاري ومسلم]

6- الجماع في الفرج : فإن كان قبل التحلل الأول فسد النسك ، ووجب المضي فيه ، وعليه بدنه ، والقضاء من العام القادم ،وهو أشد المحظورات ،
وإن كان بعد التحلل الأول وهو رمي جمرة العقبة والحلق وقبل طواف الإفاضة فحجه صحيح وعليه الفدية.

7- عقد النكاح : فلا يتزوج المحرم ولا يزوج غيره بولاية ولا وكالة ، وليس فيه فدية لكن يفسد النكاح . لقوله عليه الصلاة والسلام ( لا ينكح المحرم ولا ينكح)[أخرجه مسلم]

8- قتل الصيد: لقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وانتم حرم ) وعليه جزاؤه وهو ذبح مثله ، أو تقويمه بطعام يفرقه على فقراء الحرم ، أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوماً.

القسم الثاني : ما يَخْتَصُ بالذكر وهو شيئان :

1- تغطية الرأس بملاصق كالغترة والعمامة ونحوها ، فأما غير الملاصق فلا بأس به كالسيارة والخيمة والشمسية ونحوها.

2- لبس كل مخيط على قدر البدن أو على جزء منه أو عضو من أعضائه كالقميص و الفنيلة والسراويل والجوارب والخفين ونحو ذلك .
،
وللمحرم لبس الساعة والخاتم ونظارة العين ووعاء النفقة وله عقد إزاره بحزام ونحوه لأن هذه ليست من الممنوع لا نصاً ولا قياساً .

القسم الثالث : ما يختص بالأنثى :

وهو لبس النقاب لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تنتقب المحرمة ).

وفدية هذه المحظورات الخاصة بالذكر أو الأنثى على التخيير كفدية المحظورات الخمسة السابقة .

حكم فاعل هذه المحظورات :

لفاعل المحظورات السابقة ثلاث حالات :
الأولى : أن يفعله بلا عذر ولا حاجة ، فهذا آثم وعليه فدية على ما تقدم .
الثانية : أن يفعله لحاجة ، فليس بآثم وعليه الفدية لقصة كعب بن عجرة كما تقدم .
الثالثة : أن يفعله وهو معذور بجهل أو نسيان أو إكراه أو نوم فلا إثم عليه ولا فدية لقوله تعالى ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه
) [أخرجه ابن ماجه والبيهقي]

خامسًا ــ صفة الحج والعمرة:

إذا وصل الحاج أو المعتمر الميقات فيستحب له الاغتسال والتطيب ، ثم يلبس ثياب الإحرام ( إزارًا ورداءً) ، والمرأة تلبس ما شاءت من الثياب غير متبرجة بزينة.

وإن وافق صلاة فريضة استحب له أن يدخل في النسك بعد الصلاة ، فيقول المتمتع: " لبيك عمرة " ، ويقول القارن : " لبيك عمرة وحجًا " ، ويقول المفرد: " لبيك حجًا " ، ثم يشرع في التلبية ويكثر منها ، كما تقدم معنا.

ثم إذا وصل إلى مكة شرع بالطواف فيبدأ بالحجر الأسود فيُقبله إن تيسر له ذلك وإلا استلمه بيده اليمنى قائلا بسم الله والله أكبر فإن لم يتمكن أشار إليه وكبر، ولا يزاحم لتقبيله لئلا يؤذي غيره ثم يجعل الكعبة عن يساره ويطوف من وراء الحجر، ويلزم السكينة والوقار مجتهداً في طوافه بالذكر والدعاء بخيري الدنيا والآخرة ، فإذا بلغ الركن اليماني استلمه من غير تقبيل وإلا مضى ولا يشير إليه ويقول بين الركنين ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)
وكلما مر بالحجر الأسود قال :الله أكبر، مرة واحدة وأشار إليه بيده اليمنى إن لم يتيسر تقبيله ولا استلامه ، ويسن في هذا الطواف الإضطباع في جميع الأشواط وذلك بأن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن ، وطرفيه على عاتقه الأيسر .
كما يسن له الرمل في الأشواط الثلاثة الأول من طواف القدوم أو العمرة وهو إسراع المشي مع تقارب الخطى .
فإذا فرغ من طوافه سوى رداءه فوضعه على كتفيه ثم تقدم إلى مقام إبراهيم عليه السلام فصلى ركعتي الطواف وراء المقام ولو بعد عنه ، وحيث ركعهما في المسجد أو غيره جاز فيقرأ فيهما بعد الفاتحة في الأولى ( قل يا أيها الكافرون ) وفي الثانية (قل هو الله أحد).

ثم يتوجه بعد الطواف والصلاة إلى المسعى فيرقى على الصفا ويستقبل القبلة ويوحد الله تعالى ويكبره ويقول
frown.gif
لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد يحيي و يميت وهو على كل شيء قدير ،
لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ) يكرر هذا ثلاث مرات ويدعوا بين ذلك رافعاً يديه ، ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشياً ، فإذا بلغ العلم الأخضر سعا سعياً شديداً -إن تيسر-
إلى العلم الثاني ، ولا يشرع في حق المرأة ، ثم يكمل سعيه ماشياً فإذا وصل إلى المروة رقى عليها واستقبل القبلة ، ورفع يديه وقال ما قاله على الصفا ، حتى يتم سبعة أشواط .
ثم يقصر رأسه إذا كان متمتعا ، والمرأة تقصر من كل قرن قدر أنملة .
وإن أحرمت المرأة بالعمرة وحاضت قبل أن تطوف ولم تطهر حتى جاء يوم عرفة فإنها تحرم بالحج وتصير قارنة وتستمر على إحرامها وتفعل ما يفعل الحاج غير أنها لا تطوف وتسعى حتى تطهر وتغتسل .
ويجوز للقارن و المفرد أن يقدما سعي الحج فيسعيان بين الصفا والمروة بعد طواف القدوم ، ويبقيان على إحرامهما إلى الحج.

ثم إذا كان ضحى اليوم الثامن من شهر ذي الحجة وهو يوم التروية فإنّ المتمتع يحرم بالحج من المكان الذي هو فيه ، فيستحب له الاغتسال والتطيب كما تقدم ،
ثم يلبس ثياب الإحرام ثم يدخل في النسك بقوله: "لبيك حجًا، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
ثم يخرج إلى منى ويصلي بها الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء ، والفجر قصرًا بلا جمع ويبيت بها تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم .

ثم في اليوم التاسع يتوجه بعد طلوع الشمس إلى عرفة ملبياً مكبراً، ويصلي بها الظهر والعصر جمع تقديم ، ثم يتفرغ للذكر و الدعاء و الاستغفار متضرعاً مقبلاً مظهراً الضعف والافتقار إلى الله في هذا اليوم العظيم ،
قال صلى الله عليه وسلم : ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)[أخرجه مالك والترمذي والبيهقي].
ويبقى على هذا الحال حتى تغرب الشمس اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم .

فإذا غربت الشمس سار إلى مزدلفة بسكينة ووقار، ويصلي بها المغرب والعشاء جمعًا وقصراً، ثم ينام ، ويصلي الفجر في أول وقتها، وبعد صلاة الفجر يستحب له الإكثار من ذكر الله والدعاء حتى الإسفار،
وإن تيسر الوقوف بالمشعر الحرام فهو أفضل ، ويجوز للضعفاء من الرجال والنساء أن يدفعوا في آخر الليل، وأمّا من ليس ضعيفًا ولا تابعًا لضعيف فإنّه يبقى في مزدلفة إلى الإسفار.

ثم يدفع إلى منى قبل طلوع الشمس ملبياً وعليه السكينة فإذا وصل إلى منى رمى جمرة العقبة، وهي أقرب الجمرات إلى مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدةً بعد الأخرى مع التكبير مع كل حصاة، ويمتد الرمي إلى غروب الشمس من يوم النحر.

وبعد الرمي ينحر هديه إن تيسر له في يوم العيد وإلا جاز تأخيره إلى أيام التشريق ، والحرم كله منحر حيث نحر منه أجزأه ، والهدي واجب في حق المتمتع والقارن دون المفرد،فمن لم يجد الهدي صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله.

ثم يحلق رأسه أو يقصره ، والحلق أفضل.

وبعد أن يرمي جمرة العقبة ، ويحلق رأسه أو يقصره فقد حصل له التحلل الأول ، فيلبس ثيابه ، وتحل له جميع محظورات الإحرام إلاّ النساء.

ثم يذهب إلى مكة في يوم العيد إن تيسر له ذلك ، فيطوف طواف الإفاضة ثم بعد ذلك يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً ، وكذلك القارن والمفرد إذا لم يقدما السعي بعد طواف القدوم.
وإذا فعل الثلاثة وهي رمي جمرة العقبة ، وحلق الرأس أو التقصير ، وطواف الإفاضة فقد حصل له التحلل الثاني الذي يحل له به جميع محظورات الإحرام.
ويجوز تأخير طواف الإفاضة إلى آخر أعمال الحج فيطوفه قبل خروجه من مكة بنية طواف الإفاضة ويكفي عن طواف الوداع.

والسنة أن يرتب الحاج أعمال يوم النحر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فيبدأ بالرمي ، ثم النحر ، ثم الحلق ، ثم الطواف والسعي إن كان عليه سعي ، فإن قدم بعضها على بعض فلا حرج.

ثم يذهب إلى منى، ويبيت بها ليلة الحادي عشر والثاني عشر ، ويتحقق ذلك بمعظم الليل ، فإن تركه بعذر فلا شيء عليه .
ويرمي الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر بعد الزوال يبتدئ بالأولى وهي أبعدهن عن مكة ثم الوسطى ثم جمرة العقبة كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة ، ويسن له الوقوف للدعاء والتضرع إلى الله تعالى بعد الجمرة الأولى والوسطى ولا يقف بعد الثالثة ، فإذا أتم الحاج الرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر جاز له التعجل والخروج من منى قبل غروب الشمس،
ومن لم يتيسر له الرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر من زوال الشمس إلى غروبها ، جاز له أن يرمي الجمرات في الليل.

وإذا لم يتعجل الحاج وهو الأفضل فإنّه يبيت في منى ليلة الثالث عشر، ويرمي الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس.

ومن لا يستطيع الرمي لعذر كالصغير ، أو المريض ، أو الحامل التي تخشى على حملها ونحوهم يجوز له أن يوكل غيره من الحجاج من رجل أو امرأة ، ويجوز للوكيل أن يرمي عن نفسه وعن موكله في موقف واحد.

ومن معه نساء فعليه أن يختار الأوقات المناسبة للرمي لئلا يتعرض للزحام أو الأخطار فيرمي مثلا بعد العصر قبيل الغروب أو يرمي ليلاً.

وإذا أراد الحاج أن يذهب إلى بلده فإنّه يطوف للوداع ، فإن كان قد أخر طواف الإفاضة وهو طواف الحج فطافه عند الخروج أجزأ عن الوداع .

والمرأة الحائض والنفساء ليس عليهما طواف وداع إذا كانتا قد طافتا طواف الحج لحديث عائشة رضي الله عنها أن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم حاضت فذكرت ذلك لرسول الله فقال : أحابستنا هي ؟ قالوا إنها قد أفاضت . قال : فلا إذاً [ أخرجه البخاري ومسلم ]

هذا وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



.
.
كتبة الشيخ يوسف بن صالح السليم
[/align]​
 
رد: وقفات مع احكام الحج للشيخ ابن سليم

[align=center]
واياك اختي الكريمة
وللعلم رقم الشيخ لدي ومن يريدة فبالامكان تزويده به
تحيتي لكِ

[/align]
 
رد: وقفات مع احكام الحج للشيخ ابن سليم

شكرا لك على عاطر مرورك اخيتي الحنان كله
تقبلي تحياتي
 
رد: وقفات مع احكام الحج للشيخ ابن سليم

بارك الله فيك
 
رد: وقفات مع احكام الحج للشيخ ابن سليم

[align=center]
شرفني عاطر مرورك اخي سفير قحطان
شكرا جزيلا لك
[/align]
 
رد: وقفات مع احكام الحج للشيخ ابن سليم

[align=center]
مرورك اسعدني
اتمنى لكِ الفائدة
تحيتي
[/align][align=center][/align]
 
رد: وقفات مع احكام الحج للشيخ ابن سليم

[align=center]
الله ينفع بالمتصفح
[/align]
 
رد: وقفات مع احكام الحج للشيخ ابن سليم

حج مبرور وسعي مشكور


لمن سيحج هذه السنة
 
رد: وقفات مع احكام الحج للشيخ ابن سليم

[align=center]
الله يتقبل من الجميع صالح الاعمال
[/align]
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى