ورقة من أوراق الخريف
لا زلت أذكر أوراقك الفائتة ، كيف لا أذكر الأغصان وتلك العروق ؟! .. لن أنسى ألواناً للحياة برونق قد أسرت بها الأسرار واحتواها مرة أخرى قالبك المتجدد العتيق ، أراني وقد زادت بي الحيرة بجمالك الأخّاذ ، وجعلت لي من كل لون قصة ثائرة ساكنة الخواتيم كطبعك.
قالوا عنك قاسياً عنيداً أيها الخريف ..!! كنت مصدقاً لهم..!! يبدو أنهم لم يعرفوك حينما عرفتك ، وتجاهلوك حينما أيقنتك ، ولكني لست وحدي بل معي غيري قد هام بحبك ، يهيم بكل قطرة من ندى أوراقك ، فالتقى الألماس والذهب في لوحة قد جسدت خيالاً كنت أراه في ظلمات المنام ، فأصبح الخيال حقيقة ، والظلمات مُذهّبة حين قدمت فأهلاً بك حقيقة أيها الخريف ، وأهلاً بك ضيفا لا أملّ منك ، فعلى غاية الرحب والسعة.
ورقتي منك في فائتك قد بقيت معي ، وأمسكت بها بلهفة فحفظتها أمام العين أقرأها كل يوم يمضي بعد رحليك ، وها أنت الآن عائد لي بورقة من أوراقك أنتظرها بشوق ، لما تحمله من عالمك الغريب الجميل الذي عشقت فيه غرابتك.
يا تُرى ماذا قد كتبت لي الأقدار في صفحاتك ، زدتني شوقاً لك ، اشتقت للأرياح وقطرات مطرك ، اشتقت للونك الخاص ، اشتقت لك كما تشتاق الأرض أيضاً لحلولك ، فأنت تحفة من الله بديع الخلائق ، بدايتك ثائرة تهيم بالأرواح ، وفي وداعك لنا عظمة السكون فبداية الجمود الذي نخشاه بعدك.
تلك ورقة من أرواقك التي حفظتها ، وبإذن الخالق سأعيش معك وقتاً قادماً يخصّك ، قد أقبلت أيها الخريف والقلب قد فاض ما به من الأحداث في فصول سابقة ، فمرحباً بك حتى أنثر بأحضانك كل الهموم ، فأساير زمانك مع الشوق والفرح مع الحزن والألم بانسجام ليس له مثيل ، في انتظار قد طال علي أمده ، لورقة جديدة ستختارها لي ، حتى أرى ما نسجت بها من جمالك وأسرارك ومن أشواقك التي لا تنتهي..
بقلمــــي
"رحـــــال"
بقلمــــي
"رحـــــال"
أمنياتي لكم بخريف أجمل .
تعليق