[frame="15 90"]
خبروا عني شروقاً ..
خبروها عني فإني ..
غيرتي تعلو وتدنو ..
..
ربما كنت متسرعاً في قراراتي ، ولكني أجد نفسي هي من تتصرف بي دون أن أجعل لها حدوداً معينة ، خاصة إذا ما أعتبرت أني بين إخوة وأخوات ، بل إنني أحس أن كل ماتحتويه هذه الدنيا من سعة وفضاء لا تقارن بسعة الخاطر التي أجدها وأنا بينكم ،،
لا أخجل وأنا أعترف بأنني شخصٌ إندفاعي ، وأزداد حماسة حينما أنظر إلى من قد أستقي منه الروية والحكمة في بعض مواقفه التي طالما وجدت بها بعض ماقد يغيب عن ذهني وماقد أجهله أيضاً .
أكون وبلا تصنع أحمل له الوفاء حتى ولو كان لا يعلم بذلك وهذه سجيتي التي أسير عليها ، فما أن أجد مامن شأنه أن يفتح باباً للتعرض بالكلام الجارح في حقه لا أكاد أن أحتمل ذلك فأستشيط غضباً فكيف بكبوة جواد قد تجعل للضعفاء مرتعاً خصب للصولات والجولات وتزداد فيها الطعنات المبطنه ..
في ليلة قاتمة شديدة السواد ، تثقل الكاهل وتفتك بالفؤاد من شدة ماتحمله من ضيقٍ وهم ..
كانت لحظة ألم ..
فما أن يرتمي من هو حائرٌ يحس بالوحدة إلى أحضان عالم فسيح يجد به من يشاركه آلامه ومعاناته فجأة يرى أنه تسبب في كدر غيره بغير قصد وكان الدافع حسن نية وطيبة مفرطةً قد لا يكون من المفترض أن توجد في هذا الوقت أو لربما لم يُحسن التصرف بما يقتضيه الموقف ، ولكنها الحمية والغيره طيبةٌ وإندفاع ..
لا يمكن لأصيل أن يكبح جماح شهامةٍ تجري في عروقه بمجرى الدم ، هي مأكله ومشربه ، هي هوائه النقي هي أصالته ومعدنه ، هي الكنز الذي لا يمتلك سواه ..
قد يتبادر للذهن بأنني أمتدح نفسي ولكني أعاتبها وهي تستحق أن أحبسها وأقاضيها ، فشكوتها للإلاه كم أتعبتني وجعَلت مني محط للخوف ورسمت ملامحي وكأني لهب من نار بعيد الرحمة قليل الحلم ، والصحيح هو أني صريح إلى أبعد حد ولا تأخذني في الحق لومة لائم .
لا أُنكر أن هذه الصراحة قد تتعارض مع براءة غيري فتصادمها من باب المحبة وليست من باب الكره ، فتكون في الظاهر أنها مواجهة وهي ليست كذلك ..
هذه المرةَ كانت الضحية فيها ((شروق)) ..
فياليتني لم أعُد من خيالاتي وقضيت ليلتي بين محبرة وقلم ..
خرجت هائماً على وجهي لا أدري ماهي وجهتي ، فبينما كنت أريد أن أبدد همومي وآهاتي بينكم وجدت أنني أزداد حيرةً وضيقاً يقبض أنفاسي فما عدت أدري أهو الخلل في زماني أو هو مني .
لكني تمسكت بمقود السيارة وتركتها تبحر في ليل دامس يشتد ظلمةً كلما ابتعدت عن المدينه ، فاستقرت بي ركابي في صحراء هادئة تخلو من الأصوات المزعجة والأضواء .
حينها وجدت ما كنت أفتقده والذي كنت في أشد الحاجة له ،، هو سكون الليل ..
نعم هو عالم رحب تجتمع فيه بدائع الرحمن فعندما ارتفع ناظري إلى الأعلى رأيت النجوم تتلألأ لتأسر القلب والعين ببريقها السحري ، فسبحان خالقها ، كعقد ألماس ولكنها ماسات متبعثرة جعلها الله ملكاً لمن تقع عليها ناظريه ولم يجعلها ملكاً لسلطةٍ أو قوة لا تقهر ، هي ثروة الفقراء مثلي ، هي ملهمة الألباب .
جعلت أمتع ناظري بجمالها وأطلقت العنان لخيالي وقرنته بروحي ليحلق بها في أعالى القمم فهي حرة لم تُخلق لمطمنٍ أو منخفض ، محلقةً في الأعالي كلما أرتقت قمة تكاد لا تعجبها طالما أنه باستطاعتها الصعود إلى ماهو أعلى منها ،،
إستلهمت من لغة النجوم أن الكون يزاداد إتساعاً في كل لحظة مد البصر ، ولكننا للأسف محدودي البصر والبصيره ..
فما أن أستحضر عظمة الخالق حينما أنظر إلى ما أبدع في تقديره ثم خلقه كيفما قدر ، أجد أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام محددة لا تزيد ولا تنقص ، لكننا قد أغفلنا حجم المحيط الذي خُلقت به هاتين العظيمتين اللتانِ تكمن عظمتيهما أن خلقهما الأعظم جل وعلا في ستة أيام وكان باستطاعته سبحانه أن يخلقهما في لحظة بمعنى اللحظة .
نعم لم يجعل الله سبحانه وتعالى حداً للفضاء الكوني الذي نحن بأرضنا والسماء ومابينهما من كواكب ونجوم وفُلك عظيم نسبح فيه بمسار لا ينقطع وكأنه يسعى إلى نقطة نهاية ولكن لا نهاية .
كذلك هو العقل كلما أردنا أن نجعل له نهاية لا نجد أن له حدوداً قد يتوقف عندها ، ولكي نجعل للأمور موازين وكذلك لأنني لست أفضل علم الفلسفة بمعزل عن المنحى العقدي أرى أنه كلما إتسعت مساحة العقل كلما أزداد الفكر إيماناً بأن الخالق أعظم وأعظم من تتسع كل مساحات العقول أن تصف قدرته .
وجدت بهذه الخلوة في مناجاة النجوم روحانية قد لا أصل إليها في صلاتي ..
فبعد ضيق وجدت صدري يتسع وبعد هم وجدت فرجاً في نفسي لأني كما كنت مؤمناً من قبل إلا أنني أيقنت بقناعةٍ أن الله أقرب إلينا من أنفسنا .
..
لذلك خبروا عني شروقاً ..
خبروها عني فإني ..
آسفاً منها خجولاً ..
**
ليل
[/frame]
تعليق