الأميرة سميرة بنت عبدالله الفيصل الفرحان آل سعود تفعل كل ما بوسعها لتحقيق أهدافها الإنسانية العديدة ناصر حسين ـ الرياض

من الدراسات والبرامج التي أعدتها.. وكان هدفها النبيل لذوي الاحتياجات الخاصة ومرضى التوحد يتجلى بتأسيسها جمعية لأسر التوحد.
«رؤى» التقت الأميرة سميرة, رئيسة جمعية أسر التوحد فكشفت أن طموحاتها كبيرة في ما يتعلق بخدمة أطفال التوحد وتدريبهم نفسيا ومعنويا .. كما أكدت أن هناك نقصا كبيرا في الكوادر التي تشرف على تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة.. كما سردت قصة توحدي أمريكي أبكى الكثير من الأسر السعودية وأشعرها بالمعاناة التي يكابدها أبناؤهم من المصابين بالتوحد.فإلى الحوار..
طموحاتك ابتدأت في تأسيس جمعية لأسر التوحد وصولا إلى جمعية انفصام الشخصية.. كيف يثمن سموكم هذا المشوار؟
ليست هذه طموحاتي .. فطموحي هو أن نرتقي بالخدمات المقدمة لهذه الفئة وأن تكون الجمعية هي المصدر الأساسي للرقي المطلوب، ولتدريب وتأهيل الطفل.. وذلك لن يتم إلا بدعم الأسر نفسيا ومعنويا واقتصاديا, وكذلك بتفعيل الأنظمة التي تمت المصادقة عليها من قبل خادم الحرمين الشريفين ملك الإنسانية, وأثمن هذا المشوار بأنه هو البداية الحقيقية وواجبنا تجاه الوطن الغالي من خلال خدمة أبناء الوطن.
تدريب أطفال التوحد
أشرت في حوار سابق أنه لا توجد كوادر مهيأة للتعامل مع المعاقين.. هل تعتقدين أن تأسيس معهد لتدريب الكوادر أمر مثالي ..أم الاكتفاء بنشر الوعي تجاه التعامل مع المعاق فقط؟
أتمنى أن يتم إنشاء أكاديمية متخصصة لتدريب الكوادر.. والتدريب يجب أن يكون بالعمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة.. التدريب الحقيقي يجب أن يكون داخل المنشأة التي تخدم هذه الفئة وأن ترفع ساعات الخدمة التي تقدم لذوي الإعاقة حتى يعطى المعاق الوقت الكافي لتدريبه وتأهيله.. وأن يتم التأهيل داخل المنشآت المناسبة لكل فئة.. فكثير من ذوي الاحتياجات لديهم قدرات عالية نتمنى أن يتم تدريبهم وتأهيلهم.
تبذل
نشر الوعي
برأي سموكم.. ما دور الأسرة خاصة والمجتمع بشكل عام للحد من انتشار حالات التوحد؟
نشر الوعي ضروري في مجتمعنا المسلم, وذلك حتى يتقبل المجتمع هذه الفئة ويتم دمجها في نسيجه وتتقبل الأسرة أن هذا المعاق ليس وصمة عار.. بل هو فخر واعتزاز لكل أسرة..فارتقاء المجتمع لا يتم إلا بارتقاء الخدمات المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة.
فالأسرة أعانها الله تعاني وذلك أنها تدرك أنه توجد أسر لديها 2,3 طفل توحد, وأن الأبحاث تشير إلى أنه يمكن أن يكون للوراثة دور في ذلك ولا يوجد إلى الآن حل لهذه المشكلة.. نجد كثيرا من الأسر تفككت بهذا السبب لأن الزوج يلقي باللوم على الأم ويحدث الطلاق ليبحث عن زوجة تنجب أطفالاً أصحاء.


تطبيق النظام
يتعرض بعض مرضى التوحد من قبل أسرهم لنوع من العنف في التعامل تصل أحيانا إلى الضرب.. برأيك ما القوانين والطرق التي من الممكن أن تحد من ذلك السلوك البغيض؟
لا نستطيع أن نقول إنه يجب تطبيق النظام وهو لا يوجد نظام قانوني لهذه الفئة.. فالمشروع الوطني وجد عام 1423هـ وإلى الآن لم يفعل.. أما الأسرة المسلمة التي تلجأ إلى ضرب وعقاب من ابتلاه الله بهذا المرض فيجب أن تراعي الله سبحانه وتعالى وهو الرقيب الأول..وسوف أروي لكم قصة حدثت في بريطانيا.. كان هنالك محام يملك عددا كبيرا من مكاتب المحاماة, وعرضت عليه قضية أم تحاول قتل ابنها, أثارت انتباهه هذه القضية وبدأ يبحث عن السبب الذي من أجله أن تقوم أم تقتل ابنها.. وبعد البحث تبين له أن الابن يعاني مرض التوحد, فأخذ يبحث عن مرض التوحد وصفاته.. وعندما عرف عن مرض التوحد وصفاته قام ببيع جميع ممتلكاته وفتح عدة مراكز تأهيلية ومنتجعات للتوحديين وطلب من الحكومة البريطانية إصدار قانون يكفل علاج وتدريب وتأهيل الطفل التوحدي وتصل نسبة التكلفة لهذا البرامج إلى “140” ألف جنيه إسترليني.. أي ما يعادل مليونا وستمائة ريال.. والآن في بريطانيا الدولة تدفع للطفل وهذه دولة غير مسلمة فما بالك بنا نحن المسلمين.
امتدحت سموكم دولة الكويت والإمارات الشقيقة في مجال خدمة المعاقين على هذا، في رأيك ماذا ينقصنا نحن كمجتمعات وشعوب للوعي أكثر تجاه المعاق؟
امتدحت بعض دول الخليج لأنها فعلت الأنظمة وتكفلت بالنفقة على تعليم الطفل من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة..ونحن ينقصنا فقط توصيل صوتنا إلى ملك الإنسانية لتفعيل الأنظمة.
في حياتكم العملية خاصة في إدارة جمعية أسر التوحد ورعايتك للعديد من الفعاليات الكثير من المواقف .. فيا ترى ما الموقف الذي ترينه جديرا أن يروى للعالم ؟
في الندوة العالمية الأولى كانت جميع المحاضرات في قسم الرجال وتنقل عبر الشاشات إلى قسم النساء فلفت نظري شاب أمريكي في قاعة الأوتيل تظهر عليه بعض سلوكيات التوحد مثل رفرفة اليدين وهز الجسد وعدم تنظيم ملابسه, فتوقعت أن يكون من عائلة موجودة في المملكة يحضر فعاليات الندوة.. وعند سؤالي عنه اتضح لي أنه الدكتور الذي ألقى المحاضرة، وبعد انتهاء فعاليات الندوة طلبت أن أحاوره وأعرف منه بعض الأشياء التي يمكن أن تفيدني كأم.. فسألته عن شعوره بالألم وشعوره بالحب وعدة أسئلة.. وكذلك كيف جاء إلى المملكة العربية السعودية فقال لي إنه متفوق في حفظ التاريخ وقد منح شهادة الدكتوراه فقط في مجال التاريخ وقال إن التاريخ لم يستطع أن يؤكله عيشا فوضع على الإنترنت أنه يساعد أسر التوحد وأن والدته وضعت له جدولا لخروجه من أمريكا إلى الأوتيل فطلبت منه أن يناقش الأسر ليشعروا بالأحاسيس التي بداخله والتي شعرت بها كأم، فوافق بشرط أن يذهب إلى الدرعية ثم إلى مطعم شعبي فوافقت على طلبه. وفي طريقنا لزيارة الدرعية لم يكن يحمل في يده ورقة أو قلما وكان حافظا لجميع القصور الموجودة في الدرعية ومن صاحب كل قصر.. ولقد أشار إلى قصر والد جدتي - يرحمهما الله - ناصر بن سعود الفرحان.. وبعد ذلك ذهبنا إلى مطعم شعبي واستغربت من أنه يأكل بشراهة ولم يتوقف, وفجأة رفع رأسه وطلب مني أن أعطيه إشارة التوقف ليتوقف عن الأكل وعندما أعطيته الإشارة توقف عن الأكل..وفي اليوم التالي اجتمع مع الأسر وكانوا في البداية ينظرون إليه بتعجب كيف أطلب منهم الحضور للتشاور مع هذا المعاق الذي لا يتضح أنه لا يفقه شيئا.. وبعد الانتهاء من الاستفسارات خرجت أغلبية الأسر وهم يبكون لمعرفتهم شعور أبنائهم ومعاناتهم, وكذلك عرفوا أنه لا يجب علينا الحكم على الإنسان من مظهره الخارجي.. فالطفل التوحدي قد يكون مظهره الخارجي غير لائق ولكن يمكن تدريبه وتأهيله.
فأرجو أن تفهموا أن الطفل التوحدي يتمتع بقدرة تمكنه بحول الله من الوصول إلى مستوى تعليمي عال.. فيجب علينا أن نتكاتف ولا يطلب منه أكثر من طاقته وأن نمنحه الثقة وتطويره في نقاط القوة لديه ومساعدته على نقاط الضعف وأن يمنح شهادة على حسب قدراته.