: 0
: 26
تويت
قبل حوالي سنتين حدثت في المدينة المنورة جريمة تم تسجيلها في مركز شرطة قباء ، جريمة لا يمكن أن يتصورها العقل ولا المنطق ، جريمة تدل على أن بعضنا مازال يعيش في دائرة مظلمة حول نفسه جاعلاً المجتمع دائما نصب عينه يتحكم في كيفية إدارته لشؤون حياته اليومية متجاهلاً الموانع الشرعية التي تقف عائقاً أما كل ما يسيء للنفس البشرية بأي شكل من الأشكال .
حملت زوجته بأبنه الأول وبعد تسعة أشهر من انتظار المولود كانت الفاجعة بالنسبة له تلك الصدمة التي لم يستطع مقاومتها ولم يتقبلها عقله الباطن بأن الله عزوجل قد قدر أن يكون أبنه الأول معاق فأخذ عقله الباطن يحدثه كيف أن يكون أبني أنا معاق ؟! ماذا سيقول عني جيراني وأصدقائي ؟ بأي وجه أقابلهم وأبني معاق ؟ لن يرحمني المجتمع بسبب هذا الابن الذي ابتلاني الله به .
فبعد سيطرة الشيطان عليه والتحكم بأفكاره فما كان من هذا الرجل المسكين إلا أن قال لزوجته سوف أقوم بأخذ أبني إلى والدتي لكي تراه فهي إمراة كبيرة في السن ولا تستطيع المشي وهي متشوقة لرؤيته فوافقت الأم المسكينة على طلب زوجها ولم تعلم ما الذي ينوي فعله .
لقد تجرد هذا الأب من كل مشاعر الأبوية والإنسانية أتجه بهذا الطفل المسكين إلى خارج النطاق العمراني بالمدينة المنورة وتوارى عن الأنظار وقام بجريمته التي أسئل المولى عزوجل أن يغفرها له فلقد قام الرجل بدفن أبنه المسكين وهو حي فالمجتمع لن يلومه بعد اليوم بسبب إبنه المعاق ولن ينظر إليه البعض بنظرة دونية كما يعتقد .
والجرائم كثيرة بحق ذوي الاحتياجات الخاصة أخرها ما تم عرضه على قناة العربية قبيل رمضان بحوالي يومين حيث أن هناك رجل قد حبس أبنه وأبنته في قبو تحت الأرض لمدة تزيد عن الثلاثين عاماً في قطاع غزة بعد أن أوهم جيرانه بأن أبنائه قد ماتوا ! وكذلك الأسرة التي حبست أبنها المعاق في محلق لكي لا يراه الجيران والأقارب وهناك أيضاً من الأسر من تقوم بإدخال الطفل المعاق لإحدى دور الرعاية خارج البلاد وتدفع سنوياً تكاليف العلاج والإقامة دون زيارته أو الاطمئنان عليه الهم الوحيد فقط هو التخلص منه بأي شكل كان .
هذه إحدى الحالات وليس الكل ففي الجانب الأخر يوجد الكثير من الأسر تتعامل مع المعاق بالشكل السليم بل أنني أعرف دكتور في جامعة طيبة يحضر أبنه المعاق للجامعة بشكل يومي وكذلك لا يحضر المناسبات إلا بصحبة أبنه فلا يوجد ما يعيب المرء أو الوالدين بهذا الخصوص بل كل همه هو راحة أبنه ومحاولة تنمية بعض المهارات الاجتماعية البسيطة لديه .
الحل في نظري هو أن يستيقظ الأعلام من غفوته ويقوم بتسليط الضوء على هذه الفئة وكيفية التعامل معها وكذلك إعداد برامج خاصة لأسر ذوي الاحتياجات الخاصة تتناول كيفية التعامل مع الابن المعاق في المحيط الأسري ويكون ذلك تحت إشراف مختصين في هذا المجال لكي لا تتكرر مثل هذه الحوادث المبكية في مجتمعنا والتي قد تتحول في أغلب الأحيان إلى مرض نفسي عند بعض الأسر .
تعليق