تقرير : 85 % من مشكلات التعليم بسبب صعوبة القراءة

22.jpg
مع نهاية كل عام دراسي تبرز إشكاليات تدني مستوى التحصيل الدراسي لبعض طلابنا ويكثر الحديث حولها وتتجه الأنظار الى وزارة التربية والتعليم ممثلة بمدارسها، والى ادارات المدارس، ويتساءل الكثيرون عن دور الأسرة وجهودها في غرس وتنمية حب التعليم في نفوس أبنائها ومدى جديتها في متابعتهم ومساعدتهم طيلة اشهر العام الدراسي وبخاصة طلبة المرحلة التأسيسية .

ويؤكد البعض أن المسؤولية مشتركة وآخرون يضعون المنهاج الجديد في قفص الاتهام متهمين إياه إما بالمعقد أو الصعب، وفئة اخرى ترى أن طرق التدريس لم ترتق بعد الى ما ينبغي أن تكون عليه، واخرى ترى أن حلقات تطوير المناهج لم تحكم بعد، إلا ان البعض يجزم بأن التدني ناتج عن صعوبات في التعلم قد تكون أحياناً نتيجة اضطرابات مرضية ونفسية تؤثر في قدرة الطالب على تفسير ما يراه او يسمعه وتظهر تلك الصعوبات مع اللغة المكتوبة والمسموعة، وهناك صعوبات في التنسيق والتحكم الذاتي والانتباه، حيث تمتد تلك الصعوبات الى الحياة المدرسية وتعيق تعلم القراءة والكتابة والحساب .

وجهات نظر وآراء كثيرة حول تدني مستوى التحصيل سعت “الخليج” لإيجاد جدل حولها بدءا من الميدان مرورا بالادارات المعنية بالتربية والتعليم انتهاء بأولياء الأمور .

وأكد الدكتور مغير خميس الخييلي مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم ان المجلس يولي اهتماماً بالغاً بتدريس مادة اللغة العربية لجميع المراحل الدراسية بما فيها المرحلة الابتدائية الدنيا، مشيراً الى ان العام الدراسي المقبل سيشهد مضاعفة لحصص مواد اللغة العربية واللغة الانجليزية والرياضيات، لافتاً الى ان ذلك يأتي في اطار استراتيجية المجلس لتطوير التعليم للسنوات العشر القادمة بعد مباركتها من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس أبوظبي للتعليم، والمتابعة الحثيثة من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة نائب رئيس مجلس أبوظبي للتعليم .

ويرى أحمد نايف موجه اللغة العربية في مدرسة المستقبل النموذجية بتعليمية أبوظبي ويرى أن المعلم تقع عليه أعباء كبيرة أولها الاكتشاف المبكر للحالة، ثم المشاركة مع الفريق المتخصص في وضع خطة للقيام بالمسح الأولي لمن يتوقع أن لديه صعوبات تعلم من خلال القيام بعمليات التشخيص والتقويم لتحديد صعوبات التعلم وأهمها القراءة والكتابة، بعد ذلك يتم إعداد وتصميم البرامج التربوية التي تتلاءم مع ذوي الصعوبة، وتقديم المساعدات الأكاديمية لهم من خلال غرفة المصادر .

ويشير سعيد شرف مدرس غرفة مصادر التعلم ومعالجة صعوبات التعلم، إلى إن 85% من حالات صعوبات التعلم هي بسبب العسر القرائي، مشيراً الى أن النسبة العالمية لها 25%، لافتاً الى ان مصطلح صعوبات التعلم يعني انخفاض المستوى الدراسي عن القدرات العقلية وهي فجوة بين القدرات المتوقعة والمستوى التحصيلي، مشيراً الى أن نسبة 5% من الذين يعانون من صعوبات التعلم من طلاب مدرسته كان بسبب العسر القرائي وان المركز يقوم باعطائهم جرعات تقوية في حصص مادة اللغة العربية، كما يقدم المركز برامج متنوعة للمتفوقين الذين يشكلون 15% من طلاب المدرسة في مختلف الصفوف الدراسية من 1-5 الابتدائي في مختلف المواد الدراسية، منوهاً بأن قسم اللغة العربية بالمدرسة يقدم عدة مشاريع للارتقاء بمستوى الطلاب من حيث النطق الصحيح للكلمات وكتابتها الاملائية السليمة .

ويشير جمال شحود معلم مرحلة تأسيسية (حلقة أولى) الى عدة اسباب تؤدي الى تدني التحصيل أولها اتباع اسلوب النجاح التلقائي لطلبة الصفوف الاولى من المرحلة التأسيسية وربط نسب النجاح بتقويم المدرس، ثانياً اهمال تحفيظ القرآن الكريم للأبناء الذي يعد المقوم الاساسي والاول لعوج اللسان لدى التلاميذ الصغار ويعتبر مهارة اساسية من مهارات اللغة العربية .

وقال شحود ان مناهجنا لا تشجع على القراءة وبعيدة كل البعد عن واقع البيئة التي يعيش فيها الطالب، مشيراً الى أن دروس القراءة لا تحاكي وسطه الاجتماعي الذي ترعرع فيه، ولا تنزل الى مستواه الذهني .

ويقول سليمان العايدي معلم مجال ان من أسباب ضعف القراءة اعتماد الطالب في هذه المرحلة على المدرس الخصوصي الذي يأتي اليه في المنزل، حيث يهمل دراسته في الصف ويعتبر المدرسة للعب فقط .

ويؤكد مجدي مصطفى ضرورة تفعيل المكتبات المدرسية والخاصة لمعالجة الضعف القرائي عند الأبناء الصغار، مشيراً الى ان الاعتماد على الحاسوب اثناء الحصة الدراسية للقراءة ليس مجدياً وان القراءة مباشرة من الكتاب ترفع مستوى الطالب، وأن مهارات اللغة العربية تنمي مستوى الطالب واستثمار المكتبة أمر مهم .

وينصح محمد جاسم الحمد الأسرة التي يوجد بها طفل يعاني من صعوبة القراءة أو في التعلم بصفة عامة، بالتوجه إلى مراكز مختصة للكشف عن حالة ووضع الطفل ومن ثم القيام بإعطائه الخدمات المساندة سواء في المنزل أو المدرسة أو المركز .

ويؤكد محمد عبدالعظيم مشرف غرف مصادر التعلم بمدرسة المستقبل النموذجية، ضرورة توفير برامج مسح مبكر لطلاب المرحلة التمهيدية (قبل المدرسة) للكشف المبكر عن الطلاب الذين قد يواجهون صعوبات في التعلم، مشيراً الى انه يجب اتخاذ إجراءات لأزمة لمساعدة الطلاب بتهيئة المكان المناسب لهم للدراسة حيث انهم ذوو ذكاء عادي أو ما فوق (أي لديهم قدرة عالية على التفوق في مجالات معينة)، ولكنهم لا يستطيعون مواكبة التواصل الدراسي في المدارس العادية وليسوا من فئة الطلاب الذين لديهم تخلف عقلي .

وطالب بأن تراعي كتب القراءة الكلمات الواضحة والتشكيل وارتباط مضمون الدروس مع الصور، مشيراً الى ان دور النشر المتخصصة يجب ان تراعي عند طباعة القصص المرحلة السنية الخاصة بكل طفل .

وقال عبدالعظيم ان المكتبة المدرسية تساهم في اثراء الطالب بمهارات القراءة حيث تتم متابعة الطلبة عن طريق ركن الاستماع الصوتي، كما ان هناك مجموعة مشروع “مكتبتي الهجائية” وهو عبارة عن ورقة عمل تحتوي على احد الحروف الهجائية حيث يقوم الطالب باستخراج الكلمة التي تتضمنها القصة وتحتوي على نفس الحرف وبهذه الطريقة يستطيع الطالب الذي يعاني من ضعف قرائي او مشكلة في نطق الحرف استخراج الحرف وتكرار نطقه خاصة وان هذه الطريقة يستفيد منها طلبة الصفين الاول والثاني الابتدائي .

ويقول خليل محمد الخطيب معلم اللغة العربية ان هناك فرقاً بين الذين يعانون من صعوبات التعلم والمتأخرين دراسياً، فبالنسبة لطلاب صعوبات التعلم يعانون من تدني مهارات التعلم الأساسية في الرياضيات والقراءة والإملاء لاضطرابات في العمليات الذهنية الانتباه والتركيز والادراك، اما المتأخرون دراسياً فمستوى تقبلهم للدراسة منخفض في جميع المواد بشكل عام مع عدم القدرة على الاستيعاب .

وأشار الى ان صعوبات التعلم بالنسبة للطالب العادي قد يصاحبها أحياناً نشاط زائد، فيما يصاحب بطء التعلم غالباً مشكلات في السلوك التكيفي ومهارات الحياة اليومية والتعامل مع الأقران ومع مواقف الحياة اليومية، اما المتأخرون دراسياً فيرتبطون غالباً بسلوكيات غير مرغوبة أو إحباط دائم من تكرار تجارب فاشلة .

ويذهب بعض أولياء الأمور الى التأكيد على أن مستوى طرق التدريس والخلل في المناهج التي مازالت قيد التحديث والتطوير من العوامل الرئيسية في تدني التحصيل لدى أبنائهم وأن المشكلة لا تقتصر على اولئك الذين يعانونون من العسر القرائي .

ويقول علي أحمد الشقاع، رجل أعمال وولي أمر، انه الى جانب تقصير الأسرة فان لطرق التدريس والمناهج صلة بتدني مستوى التحصيل معربا عن أمله في أن تفعل آليات التواصل بين الأسرة والمدرسة وألا تأخذ الطابع الشكلي لأن الشراكة بين الطرفين من اهم عوامل تحسين مستوى تحصيل الأبناء، منوها بأن الحديث عن تدني تحصيل الطالب ينبغي أن يرتبط أيضا بمستوى أداء المعلم، متسائلاً من يراقب أداء المعلم وما آليات تحسين الأداء وما دور ادارات المدارس في هذه العملية؟

وأشار الى أهمية دور الأسرة، فالوالدان اللذان لا يعيران التحصيل الدراسي لأبنائهم أدنى اهتمام ينبغي ألا يحملا المدرسة لوحدها النتائج السلبية نهاية العام ولا يجوز لهما الشكوى بعد فوات الأوان، مؤكداً ضرورة أن تمارس الأسرة مسؤولياتها بجدية .

من جانبها، قالت مها يسري إن القراءة مدخل اساسي للتعلم وأن تعويد أبنائنا عليها مسألة ضرورية إذا كنا حريصين على اكتسابهم المعارف وتطوير مهاراتهم الحياتية .

وأشارت مها يسري الى وجود تدن في مهنية بعض المعلمين الأمر الذي ينبغي أن يحظى بالاهتمام الكافي اما بتحسين مستوى ادائهم او باستبدالهم فالعملية التربوية والتعليمية استثمار غير عادي تعول عليه الدولة كثيرا وترصد له سنويا مبالغ كبيرة وأي تقصير في احكام ادائة لوظائفه يؤدي الى هدر لتلك الاموال .

مساندة عاطفية

أكد عدد من الاختصاصيين النفسيين في تعليمية أبوظبي ضرورة توفر اختصاصي علم نفس في مدارس الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم لما يحتاجه هؤلاء الأطفال من عناية نفسية من جراء الضغوط، والإحباط الذي يمرون به بسبب وجود تلك الصعوبات لديهم، ومساندة عاطفية من قبل جميع أفراد الأسرة لاحتوائهم وعدم إحساسهم بالفشل والإحباط ومقارنتهم بأقرانهم في محيط العائلة، وتفهم حالتهم ورفع ثقتهم بانفسهم، مشيرين الى انه يجب ألا ندع هذه الصعوبة تسيطر على الطفل وتحرمه من التمتع بالقراءة الحرة، حيث ان هذه الصعوبة تستمر معه ولا تختفي، وينبغي ان نساعده على التكيف مع وضعه والعمل على تخفيف حدة العسر القرائي لديه وذلك بوجود كتب شائقة تتدرج مستوياتها حسب العمر والمرحلة الدراسية .

كثافة الطلبة

أشار عدد من معلمي المجال بالمرحلة التأسيسية الى ان كثافة الطلبة داخل الصفوف لا تساعد المعلم على اعطاء الفرصة لكافة الطلاب في قراءة النصوص لضيق الوقت، مشيرين الى ان زمن الحصة لا يمكن تقسيمه على جميع طلبة الصف الواحد الذي قد يصل عددهم الى 30 طالباً أو اكثر، وهذا يؤدي الى الضعف القرائي لبعض الطلبة خاصة الذين لا يحظى تحصيلهم الدراسي بمتابعة أولياء أمورهم .

وقالوا ان بعض الأسر لا تتابع مستوى أبنائها دراسياً مع ادارة المدرسة ومعلم المادة إلا إذا نقصت درجاتهم فقط وتكون متابعاتهم شكلية متوقفة على حصد الدرجات وليس ماذا استفاد الطالب أو كيف يقرأ أو يكتب ويرتبط رضا الوالدين عن معلم المادة بحصول ابنهما على درجات النجاح .

وناشد المعلمون بضرورة تضافر جهود أولياء الأمور الى جانبهم لمساعدة الأبناء الذين يعانون من صعوبات التعلم وبخاصة الضعف القرائي الذي يؤثر في مستوى تحصيلهم الدراسي .
 

Users Who Are Viewing This Thread (Total: 0, Members: 0, Guests: 0)

Who Read This Thread (Total Members: 1)

User Who Replied This Thread (Total Members: 1)

عودة
أعلى