خَـــونَهٌ الكـلِمَـات
هم أصحاب اتكال ، لا يبالون بقانون الامتثال ، إن نقلوا أجحفوا في حق ذوي الكلمة ، فلا
هامش يوضح حقيقة ما نقلوه ، ولا عتاب عليهم إن كان ما نقلوه خاطئا ، فحجتهم معروفه
مدروسة ، نقلناها لحلاوتها ، ولم ندرك خطرها ومرها ..
فترى ما كتبته في الصباح ، قد ذهب في المساء مع أدراج الرياح ، فعداه الكلمة لا يبالون
بحقك ، ولا يعرفون إلا إجهاد النسخ واللصق ، و عدم التساهل مع كل ما هو جديد ،
فلصوصيتهم لا تكون فارغة عديمة الجدوى ، فهم ينقلون الصحيح والمعتل ، والطريف والمبكي
، والضعيف والقوي ، ولا يبالون بذكر اسم كاتب الخبر ولو لوجه الخالق سبحانه ، كهامش لا
تراه العين يبرهن أحقيه ما كتبه كاتبة ..
والأدهى والأمر ، و المفجع والمسيل لبراثن المقل ، أن بعضهم ينسب أحقيه ما نقل لنفسه ،
ويرمي باسم كاتبها على اسمه ، ويخلط الكذب والافتراء، بدوامه بتراء ، لا ترى فيها عوجا ولا
أمتا ، حتى تهم أن تصدقها أنها له وأنت من كتبها .. ويالله لسوء الأدب ، كابن مريم يوم رأى
الرجل سرق ، ففاتحه بما رآه بأم عينيه ، فحلف بالله أن لم يسرق ، فقال بحسره و تأسف ،
صدقتك وكذبت عيني ..
لصوص أشاوس ، اسود على ما ليس لهم ، يعفرون اسم كتابتك بأسمائهم الممقوتة المستعارة
، بحثا عن كلمه ترضي خاطره بما نقل ، و تفرح إتكالية العصماء ، بمديح وثناء ، و برصيد يزيد
من نقاط مشاركته الثعلبية الماكرة وما حاله إلا :
يظن بأنه بلغ الثريا .... وما ينفك يهوي للحضيض
وهان على متعامي البصيرة قدر من كتب ما نقله ، نسي انه يمضي ساعات من وقته الثمين ،
ليصوغ ما كتب ، ويرتب ما أفاضت به قريحته الغراء من غيث فكره ، وجمال استنباطاته ،
ومبادئ قيمه ، ورائعة كلماته ، وتفاني صدقه ..
حتى تهم أن تسقط من الأسى على وجنتيك ، و تقطع يديك ، فغيرك مستعد لنزف ما تسخره
يداك ، مستعد لنقش الحروف والكلمات بمثل ما روى نجم فكرك ، فلا ينسى حتى نسخ الضمه
التي وضعتها ، والهمزة التي رفعتها ،و النون التي أدغمتها ، حتى إذا رأى اسم كاتبها ، أدار
عينيه كأن لم يرها ، ولله أشكو الحال ، فإليه يرجع الأمر كله ، اسأله بان ينزع الإتكالية من
لصوص الكلمة ، الذين زاد نفيرهم ، و كبر مقتهم ، فالله اشكوا سوأ حالهم ... والله المستعان
، وعليه التكلان ..
ومضه : لا تكن مثل هؤلاء أبدا ... لأنهم لا يبالون بحقوق الغير ،
وان جاهدتك نفسك على ذلك فلا تنسى أن تنسب الخبر إلى صاحبه ، والمقال لأهله ، وتذكر أن الله يراك
للكاتب : سامي بن سعد بن سالم الذبياني
تعليق