الروح
عجبا للأرواح تجعل الإنسان في حيرة من أمره وذلك إذا ما أراد أن يعرف ماهي الروح أو ماهي المادة التي خلقت منها أو ماهي مركباتها أهي كيميائية أم فيزيائية أم أنها أثير لا يمكن نعته ، نعم الروح أثير وليست المشكلة تكمن هنا ولكن ما يجعل الإنسان يتوقف فجأة عن التفكير هو الحد الذي لا يمكن له أن يحيط به ، ولكن عندما نقرأ عن تاريخ البشرية وكذلك عندما نتدارس في دورنا العلمية أخبار السماء التي أوردها الله على لسان رُسله عليهم الصلاة والسلام نجد أن الروح نفخت في الجسد ، وهذا خيط قد نصل من خلاله إلى شيء منطقي باستطاعتنا استيعابه ، نعم إن الله سبحانه وتعالى عندما خلق آدم عليه السلام وقبل أن ينفخ فيه من روحه خلقه من طين وكان أربعين سنة ملقى به على باب الجنة ولا يتحرك ولا يعي ولا يُعتبر شيء يُعترف به وإنما كان كومة من طين وكان يمر به إبليس عليه من الله ما يستحق وكان يلج من فم آدم ويخرج من دبره وكان آدم لا يتحرك ولا يقدم ولا يؤخر ، وهذا خيط آخر يدلنا على طريق الروح و ماهي ، والذي أريد أن أشير إليه هنا هو أن الجسد أداة تستخدمها الروح كالعربات والسيارات التي نستخدمها ولا يمكن لهذه الأدوات الحركة أو التنقل من دون قائد ، إذاً نحن متفقون بأن الروح هي القائد ولكن هنالك شيء يكاد يكون عقبة نواجهها في طريقنا للوصول إلى معرفة الروح ، والعقبة هي أين ترتكز الروح من جسد الإنسان ، أنا أقول إن من الإستحالة على أي مخلوق أن يحدد تمركز الروح في الجسد ومهما بلغ من العلم لن يستطيع ذلك ، يقول قائل إن الروح في القلب وقد يكون هذا منطقي في بادئ الأمر ولكن نعرج برحلتنا هذه لمجال الطب وعلومه ونقول لمن يعتقد إن الروح في القلب دعنا ندخل إلى غرف العمليات وهنالك مريض في القلب ملقاً بين أيادي الجراحين يريد الحياة باستبدال هذا العضو فنجد الجراح يقتطع القلب ويلقي به خارج الجسد ويأتي بقلب آخر ويقوم بزراعته مكان السابق ويخرج لنا المريض بقلب جديد ولكن بنفس الروح ، ويقول قائل إن الروح في الدماغ لأن الدماغ هو مركز التحكم والمتحكم به هي الروح نقول له سوف نجاريك بما أن رحلتنا هذه ممتدةً إلى مالا نهاية وسوف نبقى في مجال الطب ونتجه به نحو مركز الأعصاب ثم نأتي لأسرة العناية المركزة ونجد مريضاً ملقى على سريره خمسة عشر عاماً وعندماً نسأل الأطباء ماهي حالته يقولون لنا وفاة دماغية ولكن الجسد حي والنبض مستمر ، ياللعجب كيف تكون الروح في الدماغ والدماغ متوفى ، لا أخفيكم وأنا أكتب أفكاري هذه توقفت قليلاً وكدت أن أقوم بمسحها لأنني قد وصلت ذروتي من التفكير ، كما أنني لست قادراً على التراجع وذلك إستحياءاً من نفسي ولكي لا أصاب بخيبة أمل ، كما أنني أرغب بشيء يدور في ذهني ولا يمكنني معرفته ، لكن عندما استمليت الفكر واستوحيت الهاجس الذي دفعني لأن أكتب عن الروح تمالكني شيء من الخوف وارتعشت مشاعري وزمأرت عيناي وأطلقت العنان للعقل وحملته أمانة لا يعود إلا وقد قام بتنفيذها وكانت أعظم أمانه أحملها إياه منذ أن قدر لنا مسيرة الحياتين فكانت الأمانة هي أن يستحضر عظمة الدنيا وعصورها البالية ومدادها الباقية والأجرام السماوية وفلكها وجبروت الكون وكبر حجمه ويضعه بكفة ثم يقارن بينها وبين خالقها فإن وجد أي وجه للمقارنة فليأتي لنا بالنتأئج وإن لم يستطع فليترك الروح وشأنها ولا يعود لتأويلها أبداً بعد هذه المسيرة ، وبعد أن عاد لي كدت أرى عليه الخيبة وكان لا يريدني أن انظر إلى إنكسارهِ أمام عظمة رآها ، وهي أن الذي أحصاه العقل وتنقل بينه من الدنيا وبدايتها والكون بسمائه وأرضه وكل شيء ، وجد أن الخالق له كله روح أبديه إله حق مقدرٌ وخالق لما قدر فسبحانه جل في علاه ..
اللهم إني أعوذ بك من أن أظل أو أُظل أو أظلم أو أُظلم أو أزل أو أُزل أو أجهل أو يُجهل علي ...
***************
هذه سلسلة تجاذبات فكريه اتمنى ألا تؤخذ بمنحى عَقدي
كتبه أخوكم
ليل
تعليق