: 0
: 2
تويت
عطــــــــــاء بن أبي ربـــــاح يرحمه الله تعالى (ت115)
قال تعالى(( إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير))
عبد حبشي مملوك لإمرأة من أهل مكــة، أسود،أعور،أفطس،أشلُّ أعرج.
ولكن الملوك كانت تهابه،والخاصة تذعن بين يديه ،والعامة لاتخرج في رأيها عما لديه. لماذا؟ لأنه كان عالما مخلصا وفقيها ثقة ، وإن كانت صفاته البدنية لا تسعفه
فإن العلم قد رفعه:
ولكن الملوك كانت تهابه،والخاصة تذعن بين يديه ،والعامة لاتخرج في رأيها عما لديه. لماذا؟ لأنه كان عالما مخلصا وفقيها ثقة ، وإن كانت صفاته البدنية لا تسعفه
فإن العلم قد رفعه:
العلم يبنـي بيوتـا لا عمـاد لهـاوالجهل يهدم بيوت العزٍّ والكرم
ولذلك كان عبد الملك بن مروان يقول لبنيه: تعلموا العلم ، فإن كنتم سادة فقتم وإن كنتم أوساطا سدتم وإن كنتم سوقة عشتم.
هذا هو عطاء بن أبي رباح، العبد الحبشي الاسود، فقيه مكــــة المكرمــــة وعالمها، الذي ساد بالفقه، وتقدم وفاق بالعلم.
أخذ عن كثير من الصحابة كابي هريرة وعبدالله بن عباس وعبدالله بن الزبير وعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهم.
حج عبد الملك بن مروان فدخل عليه عطاء بن ابي رباح في مكة، فلما بصر به عبد الملك قام إليه وأجلسه معه على السرير وقال له: يا أبا محمد ماحاجتك؟فقال: يا أمير المؤمنين ، اتق الله في حرم الله وحرم رسوله فتعاهده بالعمارة، واتق الله في أبناء المهاجرين والأنصار ، فإنك بهم جلست هذا المجلس ، واتق الله تعالى في اهل الثغور فإنهم حصن المسلمين، وتفقد أمور المسلمين فإنك وحدك المسؤول عنهم، ولاتغلق بابك دونهم. فقال له: أجل أفعل إن شاء الله تعالى ، ثم نهض عطاء، فأمسك به عبد الملك وقال: يا أبا محمد، إنما سألتنا حاجة لغيرك وقد قضيناها، فما حاجتك أنت؟فقال: مالي على مخلوق حاجة. ثم خرج. فقال عبد الملك: هذا وأبيك الشـــرف..
وعندما حج الخليفة الوليد بن عبد الملك قال لحاجبه : قف على الباب فإذل مر بك رجل فأدخله علي ليحدثني. فوقف الحاجب على الباب مدة، فمر به عطاء بن أبي رباح وهو لا يعرفه، فقال له ياشيخ ادخل إلى أمير المؤمنين فإنه أمر بذلك ، فدخل عطاء على الوليد وعنده عمر بن عبد العزيز، فلما دنا من الوليد قال: السلام عليك ياوليد، فغضب الوليد وصاح بحاجبه: ويلك أمرتك أن تدخل إلي رجلا يحدثني ويسامرني ،فادخلت إلي رجلا لم يرض أن يسميني بالإسم الذي اختاره الله تعاى لي.
فقال الحاجب: ما مر أحد غيره. فقال الوليد لعطاء: اجلس فجلس وقال: بلغنا ان في جهنم وادي يقال له وادي هبهب، أعده الله تعالى لكل إمام جائر في حكمه،فصعق الوليد من قوله،ووقع على قفاه مغشيا عليه، فقال عمر بن عبد العزيز لعطاء : قتلت أمير المؤمنين. فقبض عطاء على ذراع عمر فغمزه غمزة شديدة وقال له:ياعمر إن الأمر جد فجد ثم قام عطاء وانصرف. قال عمر: مكثت سنة أجد ألم غمزته في ذراعي.
فقال الحاجب: ما مر أحد غيره. فقال الوليد لعطاء: اجلس فجلس وقال: بلغنا ان في جهنم وادي يقال له وادي هبهب، أعده الله تعالى لكل إمام جائر في حكمه،فصعق الوليد من قوله،ووقع على قفاه مغشيا عليه، فقال عمر بن عبد العزيز لعطاء : قتلت أمير المؤمنين. فقبض عطاء على ذراع عمر فغمزه غمزة شديدة وقال له:ياعمر إن الأمر جد فجد ثم قام عطاء وانصرف. قال عمر: مكثت سنة أجد ألم غمزته في ذراعي.
وعندما حج الخليفة سليمان بن عبد الملك سنة 97هـ، طاف وسعى ومعه ولداه غلامان يافعان، وبعد ان انتهى قال لأصحابه: اين صاحبكم عطاء بن أبي رباح؟قالوا: إنه هناك قائم يصلي في الناحية الغربية من المسجد الحرام. فاتجه الخليفة إليه. وجلس عنده هو وابناه، وعطاء قائم يصلي، فلما فرغ من صلاته استغفر وسبح وكبر وحمد الله تعالى كثيراً، عند ذلك اقترب منه سليمان وراح يسأله عن الحج والمناسك، وراح الغلامان يتأملان هذا الرجل الأسود الأفطس الأنف ، المفلفل الشعر، وأبوهما ، وهو أمير المؤمنين جالس منه مجلس التلميذ من الأستاذ، وقد بهرتهما طلاقة حديثه وغزارة علمه. ولما انصرف سليمان وابناه سأله احدهما: من هذا الذي لا يلقي اهتماما بأمير المؤمنين؟ فقال: هذا الذي رأيتموه ورأيتم ذلنا بين يديه هو عطاء بن أبي رباح ، صاحب الفتيا في مكة المكرمة والمسجد الحرام. وما فرغ من قوله حتى سمعوا عامل أمير المؤمنين ينادي بأعلى صوته: يامعشر المسلمين ، لايفتي الناس في هذا المقام إلا عطاء بن أبي رباح ، فإن لم يكن فعبدالله بن أبي نُجيح، عند ذلك قال سليمان لإبنيه: يابني لاتقصروا في طلب العلم فإني لا أنسى ذلنا بين يدي هذا الرجل عطاء بن أبي رباح العبد الأسود.
قال عمرو بن دينار أحد التابعين الثقاة: مارأيت مثل عطاء قط ، ومارأيت على عطاء قميصا ولارأيت عليه ثوبا يساوي خمسة دراهم !!
قال عطاء الخراساني: انطلقت مع أبي نريد هشام بن عبد الملك في مكة المكرمة، فإذا بشيخ أسود على حمار عليه قميص دنس ورثٌ، وجبَّةٌ دنسة، وقلنسوة لاطئة، فضحكت وقلت لأبي: من هذا الأعرابي يا أبي؟
فقال أبي: اسكت، هذا سيـد فقهـاء أهـل الحجــاز، هذا عطاء بن أبي رباح، قال هشام:أدخله ومن معه على الفور، قال عطاء الخراساني: فوالله ما دخلنا إلا بسببه.
فقال أبي: اسكت، هذا سيـد فقهـاء أهـل الحجــاز، هذا عطاء بن أبي رباح، قال هشام:أدخله ومن معه على الفور، قال عطاء الخراساني: فوالله ما دخلنا إلا بسببه.
فلما رآه هشام قال: مرحباً هاهنا، مرحباً هاهنا، وراح يفسح له مجلسه حتى تساوت ركبته بركبة هشام، وكان في مجلس هشام أشراف القوم، والناس يتحدثون، فسكتوا لدخول عطاء بن أبي رباح. وبعد الترحيب به قال أمير المؤمنين هشام: ماحاجتك يا أبامحمد؟ قال عطاء: يا امير المؤمنين، اهل الحرمين أهل الله تعالى وجيران رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، تُقسم فيهم عطياتهم وأرزاقهم. قال هشام: نعم يا غلام اكتب لأهل مكة ولأهل المدينة بعطائين وأرزاقهم لسنة. ثم قال هشام أمن حاجة أخرى يا أبا محمد؟ قال عطاء: نعم يا امير المؤمنين، اهل الحجاز واهل نجد أصل العرب وسادة الإسلام، رد عليهم فضول صدقاتهم. فأجاب هشام نعم اكتب يا غلام بأن ترد صدقاتهم عليهم. هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال عطاء نعم يا أمير المؤمنين، أهل الثغور من وراء بيضتكم، ويقاتلون عدوكم ، لو أجريت لهم أرزاقا تدرها عليهم ، فإنهم إن هلكوا غزيتم قال هشام : نعم، اكتب يا غلام تحمل أرزاقهم إليهم. هل من حاجة غيرها يا ابا محمد؟ قال عطاء نعم يا امير المؤمنين، اهل ذمتكم لايكلفون مالا يطيقون. قال هشام: اكتب يا غلام ألا يحملوا مالا يطيقون. هل من حاجة غيرها؟ قال عطاء: نعم، ياأمير المؤمنين، اتقِ الله في نفسك، فإنك خُلقتَ وحدك، وتحشر وحدك، وتحاسب وحدك، ولا والله ما معك ممن ترى أحد.
فأكبَّ هشام وراح ينتحب ويبكي من شدة ماسمع من شيخ مـــكة وإمامـــها. بينما انصرف الناس في المجلس إلى صمت خاشع ودموع تغسل الذنوب ، وتفكُّر يُمَحِّصُ هذه المعاني العظيمة في حديث إمام مكة المكرمة العظيم.
واستودع عطاء أمير المؤمنين وصحبه الله وخرج، وما أن وصل الباب حتى وجد رجلا من رجال هشام يتبعه وهو يحمل بين يديه كيساً من المال، وقال له: أمير المؤمين أمر لك بهذا. فقال عطاء : قل لأمير المؤمنين:
(( قل لا أسألكم عليه أجراً، إن هو إلا ذكر للعالمين)) . ثم خرج الشيخ بينما وقف رجل هشام مبهوتا، قد اصابته الدهشة ، من موقف هذا الرجل الذي لا تعدل الدنيا عنده جناحَ بعوضة، فهو نسيجٌ وحده.
(( قل لا أسألكم عليه أجراً، إن هو إلا ذكر للعالمين)) . ثم خرج الشيخ بينما وقف رجل هشام مبهوتا، قد اصابته الدهشة ، من موقف هذا الرجل الذي لا تعدل الدنيا عنده جناحَ بعوضة، فهو نسيجٌ وحده.
كان رحمه الله عابداً ناسكاً، من تابعي مكة المكرمة وعلمائها وزهادها، حتى أنه في شيخوخته كان يقوم للصلاة فيقرأ مائتي من سورة البقرة، وهو قائم لا يهتز له بنان.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس)) وقد زهد عطاء رحمه الله تعالى في الدنيا فأحبه الله تعالى وحبب به عباده. وزهد فيما عند الناس فأحبه الناس واحترموه.
ولد عطاء بن أبي رباح في اليمن سنة 27هـ في خلافة سيدنا عثمان ابن عفان رضي الله عنه، ثم انتقل مع والده إلى مكة المكرمة، وفي سنة 115هـ أسلَم الروح إلى بارئها، لتكون مع الصديقين والشهداء والصالحين إن شاء الله تعالى فهنيئاً لك يا عطاء بن أبي رباح، ورحمك الله سبحانه وتعالى.
توفي رحمه الله عن 88 عاماً، وكان يقول: لو ائتُمنتُ على بيت مال لَكنتُ أميناً، ولا آمن نفسي علىأمةٍ شوهاء!
____________________
____________________
تعليق