الاحصائيات المتقدمة

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

" ميديا " حاملة خطايا اوربيديس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حجم الخط
    #1

    " ميديا " حاملة خطايا اوربيديس

    " ميديا " حاملة خطايا اوربيديس
    قراءة في رواية الراحلة الكاتبة الالمانية كرستا فولف " اصوات ميديا " Medea Stimmen
    {ميديا هي مشروع مؤجل لامراءة محتجة قلقلة ثائرة على كل العسف الاجتماعي
    بكل اشكاله العرفية والدينية والسلطوية لذا يجب ان توصف بكل ما هو سيئ ,
    من قاتلة اطفال قبل 2400عام الى مرجومة بحجر وساحرة في العصور الوسيطة
    ثم الى خارجة عن صفوف المجتمع وساقطة في الوقت المعاصر.}كرستا فولف

    [ لطيف الحبيب / برلين الجزء الاول
    في لقاء للروائية الالمانية كرستا فولف مع صحيفة " تاكس شبيغل " في عددها الصادر في 1/5/ 1996 جاء فيه{ انها بدات العمل في رواية "اصوات ميديا" 1992اوضحت فيها كيف حولت " ميديا" الى قاتلة اطفال رغم انها برئية من هذه التهمة التي نقلت الينا عبر العصور على السنة الرجال فقط, وتعتبر {ميديا متوحشة قادمة من الشرق } كما يراها الشاعر اربيديس وهو الاول في العالم الذي وصف ميديا "قاتلة اطفال " , اما العلاقة بين شرق المانيا وغربها لم تكن تهمني في تلك الفترة . ميديا شخصية حيوية جدا لذلك لم تخيبني ، لقد التزمت كثيرا بمسير ة الرواية التسلسلية , رغم اني اجريت تغيرات كثيرة ,لقد قرأت ألكثير من المصادرالمبكرة و التي سبقت اربيديس ، لفت انتباهي الى ذلك عالمة مختصة في التاريخ ,وارشدتني الي تلك المصادر التي كان اربيديس يعرفها , ولكنه استطاع ان يوظفها بشكل مختلف تماما عن حقيقتها ليكتب تراجيديا ميديا . اما مالذي دفعني الي اعادة التفكير بهذه الاسطورة بالذات , هو اسباب الحدث وما فيه من اجحاف في حق الانسان لسطوة وسيطرة المجتمع الابوي على البشرية , ونقلت الينا الاسطورة من وجهة نظر ذلك المجتمع فقط . وبشكل متعمد اغفلت واخفيت كل المصادر لهذه الاسطورة ودوافعها الحقيقية , وسربت لنا دوافع واسباب غير معقولة . ويمكن التنويه مقولة مفادها " بسبب التغيرات السياسية يجب تدمير انسان ما وتحويله الى كبش فداء كذلك كانت ميديا "} .وتقول في روايتها اصوات ميديا "دعونا نذهب الى الحكماء ونحمل حفنة منهم الينا . نحملهم الى زماننا ضيوف غرباء . نملك مفاتيح التاريخ كله وكل حقبة فيه , احيانا دون مواربة او خجل نلقى نظرة من فلقة باب ونطلق احكاما متسرعة . يجب ان يكون محتملا اقترابنا خطوة خطوة من الممنوعات المخجلة للتاريخ " ص9
    من المعتاد تصديق علماءالتاريخ والاقوال المحصورة بين اقواس ، واقتباسات اتت من عمق الزمن ، من اساطير وحكايات وملاحم بطولية . اخذت هذه الاشكال والانواع الادبية كمسلمات وبراهين ، ووظفت بشكل اوباخر لدراسة وتحليل ظواهر اجتماعية متعددة ,حدثت في زمن تلك الاسطورة او الملحمة . لحبكة هذه الاشكال الادبية ومأساويتها والافعال الخارقة والمتجاوزة لفعل الانسان ، ابهرت العقل البشري, والانسان البسيط العادي رفعها وارتقى بشخوصها الذكور والاناث الى مستوي نزاهة الاله ، وفوق الشكوك و صولا الى تصديقها كحقائق مطلقة لاتقبل الشك و البحث ,اصبحت الملاحم النموذج ليأس مطلق ، استقبلتها مختلف الاقوام لشمولية احزانها ،مثل الياذة والاوديسة لهمروس ، وميديا لاربيديس . هذه الوقائع (حقائق عصر الملاحم) و بمرور الزمن تحولت الى اشبه بالنصوص المقدسة , جمل موضوعة ومثبتة يجب تصديقها ، لاتفسح المجال لقارئها ان يعيد التفكير بهذه الحقائق الملحمية . بدأ في نهايات القرن السابق الذي تطوى فيه الحقائق وتتحول الى قصص تروى وتحكى بنسيج محكم ، القلة من الادباء بقراءة الملاحم والاساطيرمن جديد , ومن وزوايا متعدد ،ويعتقد البعض منهم ،بضرورة تمزيق هذا النسيج المحكم لرؤية الخيوط الحقيقة لكل حكايات التاريخ المعروفة ، والتى تتغير مضامينها وتختلف روايتها من شخص لاخر, علينا الدخول الى تكوين اوليات الملحمة والاسطورة والتدقيق في صحة تركيب ونقل جزئياتها منذ عصور ابداعها . بهذا ألفهم لملاحم واساطير التاريخ تعيد الروائية الالمانية الراحلة " كرستا فولف" (1929-2011 )ربط الحاضر بالماضي بقرائة تفصلية نقدية لاسطورة " ميديا" لاربيديس في روايتها "اصوات ميديا"
    كما فعلت في روايتها " كسندرا" في عام 1983 التي اعادت فيها قرأة تاريخ اوربا . { الاف السنين من التاريخ تذوب تحت ضغط كبير , هل يمكن ان يدوم هذ الضغط.؟ ان لا نكشف حجب الاموات بدون ضرورة ملحة ؟ سؤال عادل والاسئلة الخاطئه لا تتطمأن بل تقلق الشخصيات التاريخية التى تتوق الى الخروج من ظلام الاحكام المجحفة } الرواية ص9
    " اصوات ميديا "نضج السرد الروائي التاريخي يحدثنا تاريخ الادب الالماني المعاصر عن بروز ادب الرواية التاريخية وانتشاره بشكل واسع بين دائرة واسعة من القراءعلي سبيل المثال لا الحصر اشتهرت رواية " هانيبال حكاية مدينة قرطاجة " الصادره عام 1989لكاتبها - كيزبرت هايفز - ثم رواية " رجل من ا لموزوبوتامية " لامين معلوف مترجمة عن اللغة الفرنسية صدرت عام 1992، " ملكة سبأ" للكاتب رولف باير " مأساة الاله اننا " كتبها توماس ميلكه ولنفس الكاتب ايضا " كلكامش ملك اوروك " اغلب هذه الروايات تسرد وقائع واخبار تاريخية وقعت ونقلها المؤوخون الي عصرنا الحالي ، وظفها الكتاب والشعراء الى روايات وقصائد ،لم يجرؤ احد على قراءتها من جديد اوالتفكير بصحة هذه الاحداث وصدق راويها ، او التدقيق في تركيب جزئياتها كما فعلت "كرستا فولف" . كرست الكاتبه في روايتها " اصوات ميديا" الجهد الفني الابداعي والتاريخي العلمي لدفع وتحفيز ابطال اسطورة " ميديا " لاربيديس ،للدفاع عن انفسهم وتبيان الحقائق التي تجلت اثناء السرد والحوارات التي ركبت على السنتهم ، كما بينت التناقضات الصارخة والحادة بين واقع الحدث وتصويره من اجل خدمة المجتعات الرجولية القائمة في فترة ابداع الملحمة ,معتمدة علي وقائع تاريخية وتحليلات نفسية لطبيعة المراءة والرجل في تلك المرحلة ، طبيعة الصواع علي مراكز القوة ، الصراع بين الفقر والغنى والشرق والغرب. كرستا فولف تحل اشكاليات الالغاز القديمة باسقاطها على حقائق الحاضر واكتشافاته وتجريبيته لاعطاء اجوبة جديدة على اسئلة تبحث عن حلول ؟؟مثل لماذا لاتكون" ميديا " امراءة مسالمة لم تقتل احد ابدا ؟ , لماذا لاتكون " ميديا " الاسطورة القديمة ذات معنى اخريختلف عما نعرفه ؟ اسئلة مشروعة تطرحها الكاتبة تحفز العقل الانساني على التفكير مرات قبل ان يطلق احكامه ,التي غالبا ما تكون قاسية , لذا فهي تترك اشخاص روايتها يتحدثون الي القراء بهدوء ، وتوزع قناعاتها الجديدة على اصوات متعددة . الاسطور لم تتغير ولكنها تنهض من جديد للدفاع وازالة الحيف الذي ضامها. الاحداث والشخصيات التاريخية لها الاولية في الرواية ، ولكنها ترفض ان تكون هي الرواية , والسرد التفصيلي لوقائع الاحداث القديمة يتضمن التاريخ الماضى والحاضر, تبنى وقائع حاضر الرواية في الماضي ويؤكدها المستقبل الذي ياخذ معالم اطر الماضي .
    اسطورة ميديا :
    هي شخصية المراءة في الاساطير اليونانية ,تراجديا ميديا لاربيديس احد المصادر القديمة لمادتها الخام والتي استخدمت كمادة اولية في الفنون الموسيقى والادب , الاكثر شهرة هي اسطورة اربيديس ثم تتابعت على مر العصور.
    تتحدث هذه الاسطورة التى كتبها اربيديس -1- عن " ميديا " ابنت ملك "الكوليشيس " ايتست ابن اله الشمس "هوليوس" ،التي عشقت "ياسون" ساعدته على الحصول على(الفروة الذهبية) ثم هربت معه واصبحت ام لطفلين من زوجها ياسون, بعد ان وصلوا مع اصدقاءهم الى " كورنيت " يترك ياسون زوجته ميديا ويتزوج من ابنت الملك "كرينوس" ملك مدينة كورنيت, اشعلت ميديا النا ر اثناء حفل الزواج , بعد ان تصاعد يأسها الى حنق وغضب عاصف ,واحرقت العروس والضيوف والملك, ثم اقدمت على خنق اطفالها ليتكامل فعلها الانتقامي, وتنجوا بنفسها على ظهر حيوان اسطوري هاربة من مدينة كورنيت ,ثم تستقل عربة تعود لهليوس تسحبها افاعي مجنحة , في اثينا تتزوج ميديا "ايكيوس" ,اعتبرت ميديا من الخالدين بسبب شرورها مثلما اعتبر اخيل خالدا. من الطبيعي جدا ان تنتقم ميديا بمثل هذه الوحشية لنفسها بعد ماقدمته لزوجها لو كانت امراءة عادية ، هذه الفعلة كما وصفها اربيديوس من خصائل الانسان العادي و ليس من اساليب الالهة والملوك , تستغل ميديا وتوصف باللعنة والخيانة من كل احياء الارض واشباحها ,هكذا كتبت التعاسة على ميديا والنساء باضخم عمل ادبي كتبه الشاعر الكبير اربيديس ويصف بطلته وضحيته التراجيديا بهذه النعوت. رواية كرستا فولف هي اعادة جذرية لما كتبه اربيديس ومن تبعه حول ميديا من وجهة نظر رجولية ,انها اختراع من قبل الرجال ، الذين يعتبرون النساء اللواتي يرفضن اوامرهم خارجات عن تقاليد المجتمع وماهن إلا بساحرات . لقدعمل الشاعر اربيديوس ومن خلال تعاقب الاجيال و لاسباب دينية او اخرى فحولية دون المس بهذه الاسطورة بالنقد او المراجعة. وان يغرس في ادمغتنا صورة" ميديا" قاتلة الاطفال الخائنة المتمردة عن طاعة زوجها . ميديا من وجهة كرستا فولف امراءة متحضرة محاججة ، هادئة ، رزينة صابرة عند الضرورة ، محترمة, واشد مايكره الرجال ان تجتمع هذه ا لصفات عند امراءة ,الرجال يبغضون النساء القويات وعليهن تحمل كل التبعات حين يكون الرجل ضعيفا , وهذا ما حدث في كورنيت,ميديا كانت عاشقة للجمال، كانت تتطلع لقاطع الصخور والنحات « اوسيرز » بذهول وحب ,تضاجع زوجها نادرا , ان يخونها زوجها ! ثم ماذا ؟ هل تقتل الابرياء بسبب تقتل اولادها ؟ انها وحشية بربرية خيانة رجل لها ذلك لايتلائم مع ماتحلت به من صبر وحكمة ,
    تتنافى وتحضرها وحبها للانسانية انها من صنف النساء التي تحرك الارض اذا توقفت عن الد وران ، انها حارسة على حياة الناس الذين يثقون بها ، مشاعرها صادقة ، قادمة من عمق التاريخ ,تنوء تحت حمل المعاناة والعشق. كرستا فولف تقمصت شخصية ميديا بكل تفاصيلها وحفرت عميقا للبحث عن اثار اخبار الناس القدماء والتو صل الى معرفة كيفية استقرار المجتمع الابوي على اسس دينية ,اعادت الكاتبة قراءة الاسطورة , ليس فقط النهاية المحزنة لها , بل كتبت التراجيديا من جديد ،من وصول " ياسون الى "كوليشيس"- مدينة ميديا- وما حصل من كوارث من بعده . ميديا ، ياسون ,ليكون وبعض الشخصيات على العكس من اربيديس الذي ابتدا اسطورته من هروب ميديا الى مدينة كورنيت .
    شخصيات ميديا شخصيات الرواية يائسة متسائلة ، لم توضع في مكانها الحقيقي وانما تدور حول نفسها لايمكن الاستفادة منها اجتماعيا ، شخصيات دائمة التعب تسير الى حتفها باصرار, تحاولالاختفاء دوما في الظلام ، شخصيات كما ارادها "اربيديس" يقلقها البحث عن الحقيقة. اضافت كرستا فولف العديد من الاصوات الي ابطال روايتها ، لتمكن هذه الشخصيات من الخروج من اسر المولف وقول الحقيقة.
    1- ميديا - امراءة غاضبة متنمرة عشقت رجلا اجنبيا ، وحققت مساعيها خلال القتل وركام الجثث قتلت ومزقت جثة اخيها حتي تستطيع الهرب مع عشيقها " ياسون" ، ابن احد الملوك ،بعد ان افشت اليه سر "الفروة الذهبية " ، ياسون هذه القادم من بعيد الذي يريد الوصول الي السلطة باي ثمن, يهرب مع عشيقته ميديا الى مملكة "كورنيت " ، بعد وصوله الى هذا المهجر يخون زوجته ميديا ويتزوج ابنت ملك "كورنيت " ، اثناء حفل الزواج اشعلت ميديا النار في كل الحاضرين, وقتلت اولادها وزوجها بدون شفقة انتقاما لخيانته لحبها . هكذا يصف الاغريق القدماء ميديا ساحرة مرعبة، وشريرة ، وهكذا كتب الشاعر الكبير ." اربيديس " تراجيديا ميديا ، كانت تعرض في احتفالات اثينا كدراما تتحدث عن امرادة قذفت خارج حدود المجتمع.
    لدخول لعبة السلطة والتسلط 2- ياسون- عشيق وزوج ميديا ابن الملك ، متسرع دفعه عدم التعقل
    من الطبيعي ان يكره " كلواك " لكنه يتزوجها لانها ابنت الملك"كرينوس " ، حينها تكتشف ميديا خيانته لها ، انه كبقية الرجال يوجل الصراع ، غير مخلص يضحي بحبيبته من اجل مصالحه الخاصة والحصول على مكاسب فردية.
    3- كلواك - ابنت كرينوس ملك " كورينيت " تصف نفسها في حوار داخلي { انها حيوان يعيش في الادغال مرضت بمرض احلام الطفولة وترتكب جرم غير متوقع .
    تلميذة تتقد غضبا ويملأها الحقد على ميديا لانها لم تعلمها اصول السحر الذي كانت تحتاجه,امها 4- اكميدا- صديقة ميديا فجلبتها تلميذة في المعبد ,تعاملها ميديا بجد وبعض الجفاء وتفضل عليها بنات الارامل .
    . اكماز - ساحر ومنجم الملك الاول لمملكة ،" كورينيت " معروف بكل افعاله السيئة 5-
    6- ليكون - المنجم الثاني للملك الذي يحدد العلاقات في مملكة " كورنيت " بطريقة تختلف عن ميديا، ولكنهما يكملان بعضهم, انهم بذرة تعاون مشترك الذي تتجلى فيه مثالية الحب والصبر والصداقة.

    لاكثر من 2400 سنة تناول الكثير من الشعراء والادباء هذه ا لمادة في القرن السابع تناولها" بيركورنالي" في القرن التاسع عشر تناولها " فرانس كرلبراتز "وفي القرن العشرين تناولها
    " جين انواله - هاينس هيني -هاينر ميللر " بمفهوم واحد لم يختلف عليه الكثير الا في جزئيات
    التصور ، اتفق هولاء ان بطلتم انثى قاتله مجرمه تسمي "ميديا" كما اخبرهم التاريخ بذلك ، كتب العديد حول "قاتلة الاطفال " بمختلف الدوافع وضمنها الغيرة والانتقام وبانواع ادبية مختلفة ,كلها اخبار كاذبة وكل شيئ مرفوض ، صرخت كرستا فولف ، وهذه الاساطير كتبت من وجهة نظرالرجال.

    كرستا فولف تقلب حقائق اربيديس
    اصبح كل شيئ مغاير لوقائع اسطورة ميديا , نعرف الان ان ميديا لم تقتل اطفالها ومن الطبيعي ان لاتجرؤعلى مثل هذه الفعلة لماذا يجب ان تقتل اطفالها ؟ كما تخبرنا الاسطورة انتقاما من زوجها ياسون الذي غادرت وطنها من اجله تتحول ميديا الى نموذج "للانثى المجرمة " المراءة القاتلة بسبب الغيرة التي تتصاعد الى وحشية القتل والذبح , هكذا تصل الينا تراجيديا {اربيدويوس 431 قبل الميلاد}, ميديا كرستا فولف ليست امراءة بسيطة , انها امراءة ساحرة كبيرة لها سطوة على اساطين الرجال فليس للغيرة قدرة لدفعها للانتقام بسبب خيانة رجل لامراءة . اعادت كرستا فولف الاسطورة بوعي معاصر وبطريقة جديدة متجاوزة المعتاد من السرد والمالوف من جزئيات هذه الاسطورة , لقد حولت التشكيك و الاتهام الى حكاية اجتماعية وقلبت المعادلة راسا على عقب واطلقت حكمها ببراءة " ميديا " , واكدت الشكوك حول تراجدية اربيديوس وبالذات وضع ميديا كقاتلة اطفال, كتبت كرستا فولف عام 1994 تقول
    { لم يكتف اربيديوس بوصف ميديا قاتلة اطفال , وانما اعتبرها بربرية ساحرة , واتسائل لماذا يقف مثل هذا الشاعر الكبير ضد المراءة ويرتكب مثل هذه الاخطاء } والحقيقية ان نجاح الكتاب الذي نشأ من هذه التوليفة يعتمد على القرار الفردي الذي يتخذه كل قارئ.
    سيتاثر القارئ بقوة ولباقة وجمالية اللغة في بناء هذا الصرح الابداعي ويكتشف ان كرستا فولف هي سيدة الادب الروائي الالماني بلا منازع , ويتعرف ايضا على جدية النويا ورقة الانفعالات والتعاطف في كل الادوار الموكلة لشخصيات الرواية من خلال الانسياب الشعري في الخطاب الروائي , وسيعي انها محاولة اعادة قراءة الوقائع وربطها باحكام بالموروث من التقاليد التي كان فيها وعي القاص والباحث التاريخي والوعي الفلسفي مؤسس على ادراك وفهم حقائق غيبية غير واضحة المعالم , وبنفس الوقت سيصرخ البعض باعلى صوته ان رواية " اصوات ميديا " نداء يبشر فيه للمجتمع الامومي الذي يمثل التكامل الروحي هو احسن بكثير من باقي المجتمعات , وينطلق البعض من مقولة ان كرستا فولف وضعت نفسها في هذا العصر بموقع حصين من هجمات الكثير من الاعداء بعد ان تلبست اسطورة ميديا ,ووضعت نفسها في موقع ضحية لظروف سياسية قائمة , الضحية التي لم تهيا نفسها كفاية للانسجام مع المجتمع الجديد وصارت حمالة ذنوبه " الكل يعرف كيف ابعدت كرستا فولف عن صفحات المجلات والصحف الادبية الغربية في اواخر عام 1989 عام التحولات بعد اشتراكها في توقيع بيان " من اجل ارضنا " واصبحت منبوذة من الاوساط السياسية الالمانية الغربية كما نبذت " ميديا " من مجتمع " كورنيت " . خشيت كرستا فولف ان يلغى كل ما كتب من الادب الالماني الشرقي مثلما الغيت المانيا الشرقية , وخاصة بعد ان نشبت معركة نقدية صحفية حول مجموعتها القصصية " ماذا تبقى " . بعد نشر رواية " اصوات ميديا " طرح السؤال عن نوعية الادب الذي سوف تلجه بعد اعتمادها التاريخ كمادة خام في مناقشتها لقضايا معقدة في هذا العصر , مثل تحرير المراءة , السلطة والرجال . { لقد جعلوا من كل واحد منا الشخص الذي يحتاجونه , كل ماجعل ميديا شريرة ومشهورة في بلاد الغرب غير صحيح , يعتمد على سرد حكائي قصصي من صنع الرجال مكتوب بشكل جميل على طريقة الملاحم . ميديا امراة جيدة ليس غير} .قتل الاطفال وخاصة من قبل امهاتهم من الجرئم التى يستنكرها اى مجتمع انساني وهي هدم للبنة المجتمع الاساسية ,طرحت الكاتبة " انكا بيرندهاين " في كتابها" تأويلات اصوات ميديا " استفسار على شريحة واسعة من الناس " من هي ميديا ؟" كانت الاجابات عبارة عن تسال " هل هي التي قتلت اطفالها ؟ " , تهمة قتل الاطفال الغى كل تاريخها في خدمة شعب كوليشيس حتى موقعها الديني كبيرة الكهنة في المعبد لم يشفع لها , اتهمت ميديا بهذه الجريمة البشعة , والناس لايعرفون انها برئية , لتبقى ملعونة الى الابد منذ اكثر من 400 عاما قبل الميلاد الى القرن الحادي والعشرين , تستمر التهمة اللعنة للشاعر اربيديس تطارد ميديا , الا اذا نجحت كرستا فولف في روايتها " اصوات ميديا "التي سردت فيها الاحداث التاريخية السابقة بعدة منولوجات وبقسوة غير مبالغ فيهما من التاريخ ، تعيد الحياة الى شخصيات الملحمة , وليس نتاج الخيال او اشكال او شخوص اسطورية في ازالة التهمة الزائفة عنها .}

  • حجم الخط
    #2
    رد: " ميديا " حاملة خطايا اوربيديس


    قصة اليمه ونهاية حزينة لبطلتها " ميديا "
    صدمتها كانت اقوى من ان تتحملها نفسها
    جرح قلبها وكبريائها جعلها تنتقم شر انتقام
    تصرفت بوحشية وجنون
    فقط لانها جرحت..!
    وما ألمه من جرح...

    أ. لطيف
    إحترامي وتقديري لك؛؛


    [mark=#000000] " حسبي الله لآ إله إلآ هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم "[/mark]

    تعليق

    Loading...


    يعمل...
    X