رد: لقيطه في الثلاثين تروي بجرأه كل مايدور في دار الأيتام لن تتمالكوا دموعكم
أن تكون مجهول الهوية في المجتمع السعودي
فهذا يعني أنك لا قيمة لك أبدا هذا ماتعلمته من الحياة ....
حينما كنت صغيرة كنت أرى الكثير من الموظفات يقومن بعملهن
على أكمل وجه بعضهن كن ناصحات من حيث التوجيه والتربية السليمة
وبعضهن فقط يأتين ليعملن ويقبضن رواتب لايهمهن سوى عمل الطلوب منهن
كانوا يقولون عنا أننا أبناء الدولة فكنا نعتقد أننا فعلا أبناء الدولة مما جعلنا نعتد بأنفسنا كثيرا
أتذكر في المدرسة قامت أختي هناء بافتعال مشكلة مع إحدى الطالبات تطورت لاشتباك بالأيدي
وطبعا كانت هناء تصرخ بالتفاة وتقول لها : هيه إنتي ماتعرفين من أنا ؟؟؟
قالت لها البنت : إلا إنتي هناء ؟؟
قالت هناء : لا أنا بنت الدولة والله بكرة لأعلم عليك ماما سارة وتشوفين
طبعا ماما سارة هي الأم الحنون الأميرة سارة آل سعود الله أطال عمرها مديرة الإشراف على الدور
الاجتماعية سابقا فكانت ومازالت الأم المعطاء ....
أيضا أتذكر أن أحدالمعلمين اتصل على الدار يشكو من أحد إخوتي ويقول :
ترى ولدكم أزعجنا كل ماقلنا له شي قال والله لأعلم عليكم ماما سارة ...
كنا نخوف الكل بماما سارة لأن أي شكوى نوصلها لها تقف هي عليها شخصيا ولا تجعلها تمر مرور الكرام
وهي التي تعمل فعلا لأجلنا من قلب تأخذنا معها زيارات لمنزلها لم نطلب منها شيئا إلا وتعطينا إياه
لم تقصر معنا أبدا فجزاها الله كل خير ....
في طفولتنا كنا نشعر أننا أفضل الناس ففي الدار أخبرونا أننا أبناء الدولة وماما سارة لم تقصر معنا يوما
حين نشتكي من أي معلم أو معلمة تهرع الأخصائية للدار قائلة : ترى هذولا عيال الدولة انتبهوا لهم الله
يجزاكم خير وأيتام ساعدوهم ونجحوهم والأميرة سارة وراهم تسأل عنهم وتهتم فيهم ...
فترسخ في ذهننا أننا نحظى بمعاملة خاصة لأننا أبناء الدولة والكل يعمل لخدمتنا ...
كانت هناك إحدى أخواتي الكبيرات في إحى المرات اختلفت مع إحدى الموظفات وبعد أن اشتد النزاع
قالت أختي للموظفة : ترى إنتي جاية تشتغلين عندنا براتب مو بلاش عشان تنافخين علينا ...
فردت عليها قائلة : لا يكون تدفعين لي راتبي بعد ترى راتبي من الحكومة مو منك ...
قالت أختي : لا بس الحكومة جابتك تشتغلين عندنا وعطتك راتب يعني حالك حال الفلبينيات العاملات
ومنتي أحسن منهم ...
قالت لها الموظفة : لا حبيبتي أنا أحسن منهم ومنك يابنت الشوارع الظاهر إنك نسيتي نفسك وقمتي
تردين علي أنا ع الأقل بنت أصل وفصل وماني بنت شوارع مثلك ....
هنا كبرت السالفة ووصل الموضوع للوزارة وتم فصل الموظفة من عملها بسبب الكلمة
التي تلفظت بها بعد أن تقدمت أختي بشكوى للإدارة والإشراف والوزارة ....
فهذا أيضا كان يشعرنا بأن لنا قيمة وأننا نستطيع فصل الموظفات وكم من موظفة فصلناها أو حتى هددنا بفصلها ...
كنت أسمعهم وهم يقولون على إيش عيال الدار شايفين أنفسهم هذا وهم كذا شايفين أنفسهم
الله يعز الحكومة اللي حاطة لهم قيمة ....
وعندما كبرت عرفت معنى مايقولون فعلا لم يكن لنا قيمة سوى عند الحكومة والوزارة
باقي الناس ليس لنا أي قيمة عندهم ....
حين عرفت حقيقة أنفسنا ضحكت كثيرا على الفكرة التي كانت تترسخ في ذهني أيام طفولتي
كانت حقيقة نفسي على النقيض تماما عما كنت أتخيل ....
------------------------
اقتباس:
ههههه
يعني انتوا كنتوا مثل القوات الأنكشارية ... عيال الحكومة
الله يسعدكم
للمعلومية فكرتك هذه كانت موجودة في ايام الدولة العثانية ..على ماظن ايام السلطان سليم الأول
كان هناك القوات الانكشارية وكانت الدولة تعتبرهم عيال السلطان وكانوا يعتزون بذلك
وكان عندهم ولاء شديد للدولة العثمانية
--------------
هم اللي غرسوا فكرة إننا عيال الدولة فينا وهم كان يحسسوننا بكذا
والدولة لاتعفو عمن يخطيء في حق أحدنا فأتذكر قبل عدة سنوات توفي أحد أبناء
الدار في حادث سير وطبعا تم عمل تحقيق واسع بين الموظفين المرافقين للأب
والسائق رغم أن الابن كان في الرابعة عشر من عمره وتوفي بعد أن اصدمت به سيارة
وتوفي قضاء وقدر لكن تم سجن بعض المراقبين بتهمة الإهمال وفصل بعضهم الآخر ...
أيضا أتذكر أنه تم فصل ممرضة من الدار بسبب إهمالها في معالجة طفل مما تسبب له
في التشنج وبعد مدة فصلت ممرضة أخرى لأنها نست أن تعطي أحد الأطفال إبرة الأنسولين
مما أصابه بغيبوبة سكر ....
وأيضا أي أم تثبت إساءتها في تعاملها معنا يتم فصلها مباشرة من العمل ....
وفي المدرسة أي معلمة نشتكي منها في ثاني يوم تلقى الشكوى واصلة لها ...
كل تلك التصرفات كانت تجعلنا نشعر بأهميتنا لديهم ...
....................
أصبحنا حين نعرف أننا مدعوون لحضور مناسبة نلتزم الهدوء ونحاول قدر
الإمكان أن لانخطيء كي لانعاقب ونحرم من الرحلات فالحرمان من الرحلات كان من أشد العقاب
النفسي الذي نشعر به ...
في طفولتي كنت أعشق تلك الحفلات والمناسبات التي يقميها لنا الآخرون فبعض العائلات المعروفة
يقومون بدعوتنا لمزارعهم واستراحاتهم وحتى قصورهم ويقيمون لنا احتفالات يريدون بذلك الأجر
لوكن عندنا كبرت أصبحت أتحاشى تلك الاحتفالات كثيرا لأنني أصبحت أشعر أن تلك الأسر التي تقيم
لنا المناسبات لا تبحث عن الأجر بقدر ماتبحث عن الشهرة والسمعة فعائلة معروفة قامت بدعوتنا
لمزرعتهم ذهبنا إليها وجدنا أن تلك العائلة دعت الكثير من وجهاء المجتمع وأقامت الموائد
والمشروبات وبالغت في الإسراف وكنت أشعر أنه من باب التفاخر أمام المدعوين وليس لأجلنا
أو لأجل الخير فالخير له وجوه كثيرة كان بالإمكان كفالة يتيم بالسر من إحدى الدور الخيرية
وكان بالإمكان التبرع على المستحقين بتلك الأموال ...
فحاليا لا أذهب إلى من أشعر أنهم منافقين يراؤون بمايفعلون فأنا أصبحت في سن أميز فيه
بين من يفعل الخير لأجل الخير ومن يفعل الخير لأجل الغير ...
المهم أننا ذهبنا ذلك اليوم لمزرعة عائلة معروفة كانت مزرعة جميلة وكبيرة بها كل شيء
حوش سمك كبير بحجم غرفة وبحيرة للبط وأيضا كان يوجد بها دواجن وأرانب وحيوانات عديدة
وكذلك أنواع متعددة من الأشجار والفواكه والنخيل مزرعة كانت بمساحة حي من أحياء مدينة الرياض
فيها بيوت شعر ومسابح ومنزل جميل وطبعا كالعادة كان هناك ضيوف كي يرون كرم تلك العائلة وحبها
للخير حين تدعو أبناء الدار وتستقبلهم بمزرعتها الخاصة ...
وحين وصولنا جمعتنا الأم وكالعادة انهالت علينا بنفس الوصايا التي توصينا إياها في كل مناسبة
والتي نحفظها عن ظهر قلب لكننا للأسف لا نطبقها ...
أوصتنا أن لانسبب الفوضى وأن نجلس بأدب وأن لانطلب منهم أن يعطونا بل ننتظرهم هم يبادرون بالعطاء
وأن نشكرهم حين يقدمون لنا أي شيء وأن لانقوم بالهجوم المعتاد على المائدة وكأننا نعيش في مجاعة ...
للاسف لم نتقيد بماطلبته منا لا أعرف لم كنا نرى كل شيء لدى الآخرين جميلا ومختلفا
حتى لو كنا نملك مثله في الدار هناك طباخات يطهون لنا الطعام وحينما نخرج ونرى نفس الطعام في مكان
آخر نشعر أنه مختلف وألذ وكأننا لأول مرة نتذوقه وكان ذلك التصرف يزعج أمهاتنا وفي كل مرة نوبخ بسببه
لعبنا كثيرا ذلك اليوم وفعلنا كل مايحلو لنا لأننا نلعم ان الأم لن تستطيع ضربنا وتوبيخنا أمام الضيوف
لكن ما إن عدنا إلى الدار إلا وبدأ مسلسل التوبيخ لم ولم ولم ؟؟؟
فصرخت الأم علينا كثيرا ذلك اليوم وقالت : أنا وش قايلة لكم ؟؟؟
ماقلت ما أبغى إزعاج ماتفهمون إنتم ؟؟؟
وإلالازم تفشلونا بأي مكان تروحون له ؟؟؟
ويوم شفتوا الأكل كأنكم مجاعة ومحرومين مع إنكم تآكلون أكثر من غيركم
وكل شيء عندكم بس مايملى عينكم شي ؟؟؟
تعودتوا على قلة الأدب والشفاحة كأنكم ماعمركم شفتوا خير ؟؟؟
عيالنا اللي ماشافوا اللي شفتوه إذا رحنا بهم مكان قعدوا متأدبين لحد مانرجع وإنتم ماتعرفون الأدب ؟؟؟
الله يآخذ أمهاتكم اللي جابوكم وإحنا ابتلشنا بكم ....
اليوم معاقبين مافيه حديقة ولا فيديو ولا شي انطقوا كذا عشان تعرفون تتأدبون مرة ثانية
وفيه ناس بيكون عقابهم أكثر وهم اللي استهبلوا فلان وفلانة وفلان .....الخ
طبعا لايهمنا كل ماتقوله فالأهم أننا فعلنا مايحلو لنا ....
__________________
اقتباس:
جزاك الله خيرا .. وفيت يا الغاليه ما سألت إلا أريدك توضحين النقطه هذا للجميع
أن بنات الدار .. مثلهم مثل غيرهم بل ربما هم أشد .. من ناحية التربية والرقابة
مع إن الدار تشدد رقابتها علينا إلا إن الناس يتوقعون إن أبناء وبنات الدار منحرفين
صادفنا ذلك كثيرا بعض الأمهات كانوا يمعنون بناتهم من إنهم يكونون صديقاتنا في المدرسة
وأغلب الناس نظرتهم سلبية للدور وأبناء الدور ....
رغم أن هناك من بنات الدور من يلتحقن بدور لتحفيظ القرآن ويحفظن القرآن أو أجزاء كثيرة منه
وهناك من تفوقن دراسيا وهناك من هن على خلق وأدب واحترام ولكن تبقى النظرة السلبية
لدى الكثير من أفراد المجتمع حيال هذه الفئة ....
_____________________
منذ طفولتي كنت أذهب كثيرا لمستشفى الشميسي بالرياض
طبعا هذا المستشفى أعتقد أن أغلب إن لم يكن جميع شهادات ميلاد
أبناء وبنات الدار استخرجت منه فأي طفل في الدار لا بد قبل أن يحضر
للدار أن يتم عمل فحوصات له في مستشفى الشميسي واستخراج شهادة ميلاده من هناك
ففي طفولتي كنت أ‘حب ذلك المستشفى الكبير الذي لايخلو من الزحمة كنت أذهب إليه
حين يكون عندي موعد وأحيانا أتوسل لأمي حين تذهب مع أحد إخوتي وأطلب منها أن
تصطحبني معها وغالبا ماتوافق كنت أعشق ذلك المستشفى رغم قدم مبناه وتهالكه
ورغم زحمته إلا أنني أحبه فكثيرا مالعبت بين جوانبه وكثيرا ماركضت ودخلت غرفه
وكنت كل مرة أذهب إليه أسلم على الممرضات الفلبينيات وعلى بعض الأخريات
من الجنسية المصرية كن يعرفنني من تعدد زياراتي لهن وربما من ملفي عندهم ...
حينما كبرت وعلمت أنني في يوم من الأيام كنت ملقاة أمام بوابة ذلك المستشفى
أدركت سر تعلقي به فهو بيتي الأول قبل الدار ومنه كانت بداياتي وكانت بداية قصتي
مازلت أتساءل عن مصداقية معلومة قرأتها مرة وهي أن الطفل حين يكون في بطن أمه
يرى دورة حياته كاملة وهذا تفسير أنه يعشق بعض الأشياء التي ترتبط به أو يشعر مسبقا
أنه سيتعرض لموقف ومن ثم فعلا يحدث ذلك الموقف أو حتى حين يألف بعض الأشكال ويشعر
أنه رآهم وعرفهم مسبقا وهذا مايسميه البعض بالحاسة السادسة ...
للأسف أنه لانستطيع أن نثبت مصداقية تلك النظرية أو المعلومة لكنني أحيانا أشعر بمصداقيتها ....
فكنت أشعر بألفة لمستشفى الشميسي دون أن أعرف السبب وحين عرفت أنهم وجدوني
هناك أدركت سر تعلقي به ...
تغيرت نظرتي له كثيرا ففي كل مرة أذهب إليه أتساءل إن كانت أمي ولدتني فيه وحين خرجت
ألقت بي أمامه وذهبت لتبدأ من جديد بعيدا عنه وعني وعن كل مايذكرها بماضيها ...
أم أنها جاءت بي من أحد الأحياء المتهالكة والقديمة التي تحيط بالمستشفى والقريبة منه
وألقت بي أمامه ثم ذهبت وتوارت بعيدا وتركتني أبدأ حياة جديدة بعيدا عنها وأفتقد فيها
لكل شيء ....
أم أنها ربما لم تأتِ ربما كلفت أحدا غيرها بوضعي هنا ولم تكلف نفسها بإحضاري ...
مرات كثيرة فكرت فيها بأن أذهب لمدير المستشفى وأسأله عن الأمهات اللاتي أنجبن إناثا
في ذلك اليوم " يوم مولدي " ولكني تراجعت بعد أن شعرت أن ميلادي غير مؤكد فمن الممكن
أن يكون قبل المسجل في أوراقي الرسمية بيوم أو يومين أو ربما لم تلدني أمي في نفس
المستشفى ...
في الدار سألتهم كثيرا عن الم التي استلمتني من المستشفى وحملتني بين يديها وأحضرتني
للدار كنت أريد أن أعرف منها أي شيء وأسألها إن كانت سمعت عني أي معلومة
توقع مثلا من الممرضات أو أن أحدا رأى من وضعني أو اي معلومة كان لدي شغف بمعرفة
كل تفاصيل مولدي ....
بينما الآن لم يعد يهمني أن أعرف تلاشى ذلك الشغف والاهتمام لم أعد أسألهم عن أي
شيء ولا أبحث عن أي شيء ...
00000000000000000000000
اقتباس:
إن كنت تسردين قصتك كي تهوني مصاب الاخرين ، فمعك حق لكن لا انسى كلمة ابي الله يرحمه :فانت حالك افضل من كثير و ابشع من ناس !
يعني لا تحسبي نفسك اتعس وحدة على وجه الارض ، ان تكوني لقيطة خير من ان تكوني وسط عائلة تدفعك للدعارة كي تصرفي عليهم و هناك حالات كثيرة و اخطر من هذه ايضا !
الحمد لله انك تعيشين حياة كريمة و علاقتك بربك جيدة كما ارى و لا تهمك نظرة المجتمع بل اهتمي بثقافتك و تكوين نفسك و دينك ! و إذا جاءك من ترضين دينه و خلقه تزوجيه و بلاش فكرة الشفقة او ما لي اهل كلها مفاهيم خاطئة...
افتخري بنفسك انك عشت بدون اسرة و وصلت مرتبة لم يصلها من تربى مع اسرته !!!
انظري لحياتك بتفاؤل و ايجابية و يكفيك ان الرسول عليه افضل الصلاة و السلام لم يعش مع اهله ، عاش يتيم و وحيد .
بالنسبة لافتراضاتك، هناك افتراض لم تذكريه : يمكن امك و ابوك متزوجين و احد حب ينتقم منهم عن طريقك ! الغايب حجته معاه و انت لا يمكنك الجزم اانت لقيطة ام لا ، ولدت من نكاح او سفاح !
إذا كان هناك مجال لتبحثي عن امك ، فلا تترددي
لا تحقري نفسك و كما قلت لك اعتزي بنفسك و ثقافتك و يكفيك انك مسلمة
سامحيني على التطويل و العتاب
إختك في الله
إن كل اللي في الدار مايجيبوهم الدار إلا بعد أن يتأكدوا إنه مافيه أحد سأل عنهم فلنفترض أن
هناك أحد انتقم من والدي عن طريقي ألم يفكرا ذلكما الوالدان في البحث عني وتقديم بلاغ
للشرطة لأننا لا نودع قي الدار إلا بعد توثيقنا في مراكز الشرطة وتسجيل المكان والزمان والتقاط
صور لنا مما يسهل إيجادنا في حالة البحث عنا ....
حاليا لم تعد لدي الرغبة لا في البحث عنهما ولا حتى بمعرفتهما ...
ربما حالي أفضل من غيري ولكن كل إنسان يرى مصابه عظيم ويبحث عن الأفضل
ولا أعتقد أن هناك من يعيش في حرمان أسري وعاطفي ويدعي أنه سعيد ومسرور
وأنا حين سردت لكم قصتي ليس لأني ساخطة ولا ناقمة ولكن أردت العتبير فقط عن مشاعري
عن حياتي عن الأشياء التي افتقدتها ومازلت أفتقدها ...
أنا عشت في الدار وخارج الدار وأعرف أن هناك من حرموا من الجو الأسري وهناك من حرموا
من المال وهناك من حرموا من الصحة وهناك من حرموا من أشياء كثيرة ...
ففي المدرسة والجامعة رأيت أناس بؤساء
رأيت أناس حرموا من الحياة الكريمة يبحثون عما يسد رمقهم فقط بينما في الدار نتناول
خمس وجبات يويما مابين خفيفة ورئيسية بإشراف أخصائية تغذية وطباخات يعددن أصناف
متنوعة من الطعام تحتوي على جميع العناصر الغذائية ...
رأيت بنات في المدارس كانوا يرتدون ملابس قديمة وحقائب ممزقة وحتى في البرد لايجدون
مايقيهم برد الشتاء بينما في الدار نملك ملابس بل وفائضة لدينا من جميع الماركات ...
رأيت أناس في الحياة يتفتقدون للمال والأساسيات بينما نملك نحن حتى الكماليات ...
وأنا أحمد الله كثيرا على هذه النعم التي أنعم بها علي هم حاولوا أن يعوضونا
لكن مهما حاولوا لا أحد يستطيع أن يعوضنا عن حنان الأم وعطف الأب الذي افتقدناه ....
لست معترضة ولا ساخطة ولكني واقعية جدا ...
ولا أعتقد أن هناك من يتمنى أن يحصل على الرفاهية وفي المقابل يخسر كل شيء
أسرته ووالديه وحتى نفسه ليعيش بقية حياته مجهول النسب ....
______________
عندما كنت صغيرة كنت أغبط الأطفال الذين لهم أمهات يزورونهم
في المؤسسة وهي المكان المقابل لدار الأحداث لدى الشباب
حيث تقضي فيها الأمهات عقوبتهن وكان هنالك بعض إخوتي الذين
لهم أمهات في المؤسسة يذهبون لزيارتهم كل يوم أربعاء يعني يوما كل أسبوع
فكنت أغبطهم كثيرا حين أراهم يستعدون لزيارة أمهاتهم وحين يعودون من الزيارة
أذهب إليهم لأسألهم ماذا فعلوا وماذا رأوا كان يمتلكني الفضول وأود معرفة الكثير
عن تلك الدار التي لم أدخلها يوما كنت أسمع عنها فقط وكان أمنيتي في الطفولة
لو أن كنت أزورها كما يزورها بعض إخوتي ...
حينما كبرت أصبحت أشفق على أولئك الأطفال الذين يزورن المؤسسة في كل أسبوع
لأنهم منذ طفولتهم ارتادوا أماكن السجينات والنزيلات اللاتي يقضين عقوبتهن فيها
فطفل عمره سنة وآخر عمره خمس سنوات وأخرى ثلاث سنوات وغيرهم الكثير
يذهبون لزيارة أمهاتهم في مكان ملوا زيارته ليقضوا بعض الوقت ثم يعودوا للدار مجددا ...
في طفولتي كنت أغبط رؤى حين أراها تستعد لزيارة والدتها النزيلة في المؤسسة
كنت أسألها عن شكل المكان وعن شكل أمها هل هي مثل أمهات الدار ؟؟
وهل دارهم مثل دارنا ؟؟؟
كانت رؤى تكره الذهاب للمؤسسة ربما ملت من كثرة ذهابها إليها بينما كنت أنا أتمنى
لو أن أكون محلها أو أذهب يوما بدلا عنها ...
لم تكن تشبع فضولي بإجابتها المقتضبة فكل شيء نعم ولا ....
مرت أيام لتخرج والدة رؤى من المؤسسة ولتأتي للدار تصطحبها معها وأخيرا رأيت
تلك الأم التي كانت رؤى لاتتحدث عنها كثيرا لا تذكرها بشيء لا خير ولا شر ...
ذهبت رؤى وسط موعنا ونحن نوعها لم تكن أولى ولا آخر من نودع ...
لقد تألمنا كثيرا من الوداع بل لقد تولدت لدي عقدة من الوداع فكم من أخ وأخت
ودعناهم وكم من أخ وأخت لم نعد نرهم للأبد ...
بل حتى كم من أم " حاضنة " ودعناها وفي كل مرة نودع فيها أحد سواء من الإخوة او الأمهات
نتألم أكثر لقد كان قدرنا أن نودع كل من نحب وأن نفارق كل من نحب ...
رغم كثرة من فارقناهم إلا إننا لم نعتد على الفراق بل في كل مرة نشعر بازدياد مرارته ...
000000000000000000000
حين كنا صغار كانوا أغلب الأمهات من الجنسية المصرية والفلبينية خاصة
لمن هم دون سن الخامسة وطبعا يوجد سعوديات وجنسيات أخرى
لكن أغلب الحاضنات المتواجدات معنا من الجنسية المصرية والآن أصبح الأغلب هن السعوديات
إن لم يكن الجميع باستثناء عدد قليل من الجنسيات العربية والفلبينيات طبعا لايستطيعون الاستغناء
عنهم بحكم أنهن المربيات للمواليد حيث يرافقنهم طوال الوقت ...
حينما نكبر كل واحد منا ينسبونه لأمه الفلبينية فأنا كنت ابنتة جوسي وهناء ابنة ريتا وأمل ابنة ريميلين
وحنين ابنة إيميلي وخالد وعاصم أبناء شيري وهكذا حتى إن بعضهن يتعمدن حين ينادوننا بتعال
ياولد شيري وتعالي يابنت ريتا لكن ذلك كان مصدر فخر لنا فأنا كنت أحب أمي جوسي كثيرا وعلمت فيما
بع أنها هي من ربتني منذ ان كنت وليدة حتى عمر الخامسة ثم انتقلت لأم مصرية ومن بعد عمر
الخامسة يبدأ تشتتنا حيث ننتقل من أم لأم ونفتقد للاستقرار ونتشتت بين تعدد الأمهات ...
المهم أنني كنت أحب أمي جوسي كثيرا حتى بعد انتقلت لأم أخرى لم أنسها كانت باستمرار
تأتيني وتحضر لي الحلويات وعندما تذهب للفلبين وتعود تحضر لي الهدايا استمرت علاقتي بها
حتى بعد أن كبرت إلى ان غادرت المملكة خروج نهائي قبل عدة أعوام لقد شعرت أني حقا افتقدتها
وتركت فراغ عاطفي كبير لقد عملت مايقارب العشرين سنة أحببتها وأنا صغيرة وأحببتها أكثر وأنا كبيرة
كانت تخبرني أنها جاءت للدار وكنت أنا من أول الأبناء الذين قامت بتربيتهم فمجيئها تزامن مع حضوري
تقول لم أكن أما آنذاك إلا أنني أحسست بالأمومة تجاهكم أنتي وبقية أخوتك كنت بمثابة الأم البكر
التي تتعلم كيف تهتم بأبنائها ولم يسبق لها التجربة وكانت تحكي لي الكثير من المواقف والتجارب ...
كنت ومازلت أحبها فكانت حنونة معنا كنت أعرف متى تكون حزينة ومتى تكون سعيدة ومتى تشعر بالألم
ومتى تشعر بالفرح أشعر بها كما تشعر هي بي ...
كنت أعرف كيف أتفاهم معها أعرف كلامها وتفهم هي كل ما أقول حفظت منها كلمات وجمل فلبينية
عشقت الأدوبوه وهي عبارة عن دجاج بالصويا يطبخ بطريقة معينة وأيضا عشقت الكاري كاري
والسي يوان سوان هي طبخات وأكلات فلبينية فمنها تعلمت الكثير من اللغة الفلبينيةوالعادات الفلبينية
كنت أحتفل معها كل سنة بعيد ميلادها وفي عيد ميلادها الخامس والأربعون تفاجأت بقرار رحيلها
رحلت لتربي أبنائها الحقيقين جاءت هنا وهي فتاة لم تتزوج تزوجت وأنجبت وهي مازالت تربي أبناء
ليسوا بأبنائها قالت لي الآن جاء دور أبنائي لأربيهم قلت لها ونحن ألسنا أبناءك ؟؟؟
قالت بلى ولكن أنتم الآن كبرتم وأبنائي مازالو بحاجة لي غادرت وودعناها وداع مليء بالدموع
والحزن والأسى مرات سنوات على رحيلها وأنا مازلت أفتقدها كثيرا ...
00000000000000000
اقتباس:
اريد ان اسالك عن بعض اللاخوات المقيمات بالدار كيف وضعهم وماهو مدى استقبالهم للوضع وكيف نفسياتهم
هل البعض يعاني من اكتئاب هل البعض حاول الانتحار اخبرينا عنهم لاننا نعلم ان اختلاف الايمان يتفاوت من شخص لي اخر
ايضا اخبرينا عن ذالك اليوم الذي اخبرتك بة الاخصائية بوضعك وكيف وجودوكي وماكان ردة فعلك
ارجو ان لا تهملي استفساري لاني احبك بالله وادعو لك كثير
لا لا أعرف أي واحدة حاولت الانتحار لمعرفتها بحقيقتها ...
ردات الفعل متباينة ومختلفة طبعا البكاء هو ردة الفعل المشتركة بين الجميع
هناك أخصائيات اجتماعيات ونفسيات يحاولن مساعدتنا حتى نتجاوز تلك تلك المرحلة بسلام
ربما البعض احتاج لعلاج نفسي أو مهدئات لكن لم تسجل أي حالة انتحار أو محاولة انتحار ...
كنا نسمع عن حقيقتنا ممن يكبروننا سنا لكن كنا مابين مصدق ومكذب وبعد المصارحة
نعرف الحقيقة المرة ...
عن نفسي سأعود لأسرد لكم تفاصيل ذلك اليوم ولكن بعد أن أنهي الحديث عن مرحلة
طفولتي ....
00000000000000000000
كانت أمي جوسي فقط أمي في مرحلة طفولتي المبكرة حينما كنت وليدة
لكن كانت موجودة في الدار تعمل وبعد ذلك انتقلت معنا لنفس الدار الأخرى
وكنت أراها كثيرا بصفة دائمة حتى غادرت خروج نهائي يعني لم تنقطع علاقتي بها إلا بعد
أن غادرت للفلبين ...
انتقلت لأمي الثانية حين كان عمري تقريبا خمس سنوات وطبعا كانوا الأمهات يعملون
بفترات متعاقبة فواحدة تأتي الصباح وأخرى المساء وهكذا يعني كان لي عدة أمهات
لكن الأم الدائمة التي معنا بصفة دائمة كانت من الجنسية المصرية وكنا نتأثر بكل أم تتولى حضانتنا
فكنا نحفظ معها الأغاني المصرية ونجيد الرقص الشرقي بل نردد كلمات كثيرة باللهجة المصرية
أذكر أنني في المرحلة التمهيدية أو الصف الأول الإبتدائي كنت أردد بعض الكلمات باللهجة المصرية
في كلامي فحين أريد شيئا أقول عاوزة , وحين أريد أن أعبر عن حدوث مصيبة أو كارثة أقول يامصيبتي
ويالهوي وغيرها من الكلمات حتى إن زميلاتي كن يسألنني إن كنت مصرية فأجيبهم بلا أنا سعودية
فيقولن لي : طيب ليش تتكلمين مصري ؟؟؟
لم يكن كلامي مصري بل كان سعودي مكسر ومزيج من اللهجتين السعودية والمصرية مثل بعض
المتجنسين حاليا ....
كثيرات هن الأمهات اللاتي تولين رعايتي منذ طفولتي إلى أن كبرت وصرت إلى ما أنا عليه اليوم
بعضهن كن متسامحات وأخريات نظاميات وأخريات طيبات وأخريات قاسيات مررت بكل أنواع الأمهات
كنت أناديهن بماما كثيرات هن اللاتي كنت اناديهن بهذي الكلمة ...
وبعد أن وصلت إلى عمر الثامنة عشر تقريبا توقفت عن لفظ هذه الكلمة ولم أعد أنادي بها أحد
لأن أمهاتي اللاتي كنت أناديهن بهذه الكلمة لم يعدن موجودات فهناك من رحلت وهناك من استقالت
وهناك من فصلت وهناك من تقاعدت وهناك من انتقلت لمكان آخر ...
وكل الأمهات الجدد اللاتي حضرن للدار لم أعد أناديهن بماما لأنهن جئن وأنا كبيرة وأدرك انهن لسن
أمهاتي ولا يستطعن أن يكون أمهاتي أصبحت يتيمة من جديد حين تخليت عن هذه الكلمة فأغلب الأمهات
الجدد في أعمار صغيرة أخجل من أن أناديهن بماما وكبرت وأنا مازلت أفتقد هذه الكلمة وحرمت حتى
من نطقها وافتقدتها كما افتقدت أشياء كثيرة غيرها ...
حين كنت صغيرة كنت أسمي أي حاضنة أمي وكنت أنادي جميع الحاضنات بماما وكذلك الحال بالنسبة
لنا جميعا وحين كبرت أصبحن الأمهات صديقات وزميلات وأخوات لأنهن في أعمار مقاربة لعمري
ولربما بعضهن يصغرنني عمرا ....
مرت الآن عشر سنوات وأنا لم أنطق تلك الكلمة كنت أنظقها وأنا يتيمة في طفولتي ومراهقتي
وحين افتقدتها شعرت أني حقا أصبحت يتيمة من جديد ...
0000000000000000000
اقتباس:
قرئت كل الموضوع
اغبطك على اسلوبك الرائع وطبعا احس بالاسى وبنفس الوقت شعور اخر بالسعادة لما حصلتي عليه من مميزات مهما كانت ظروفك
لا اجد ما اعلق عليه واحيانا خير من التعليق الصمت لاحييك واشجعك لتستمري بما تكتبينه
انت نقلت صورة قليل منا يعرفها عن الدار وبنات الدار
عندي سؤال
عرفت ان بعض المشاغل المعروفة بالرياض تستعين ببنات الدار اما كتجميل او ادارة هل هذا صحيح
وهل تسمح لكم الدار بالعمل بقطاعات اخرى غير حكومية لكن بالاستقرار فيها للعمل
مر علي بعض الزملاء من جنسيات سعودية لكن اسمائهم مثل ذكرتي وبعضهم بمراكز مرموقة بحكم الدراسة والترقية
هل يتزوجون من عوائل معروفة
وهل يقبل بوضعهم الزواج من جنسيات غير سعودية
(اعني اولاد الدار )
وبالنسبة لكم كبنات هل يوافق على الزواج لكم من جنسيات غير سعودية
ولللزواج هل ترغم الفتاة على الزواج
وهل تعطى فرصة للتعرف على خطيبها
ولو حدث وتطلقت هل تعود للدار
أشكرك على تواجدك العذب
لا أعرف فتيات من الدار يعملن في المشاغل ولا أعتقد أنه مسموح
وأظنه ممنوع خاصة أن الدار كل شيء تمعنه ولها قوانين معينة تسير عليها ...
طبعا تسمح لنا بالعمل في قطاعات أخرى لكن على الغالب يفضلون الفطاعات الحكومية
كثيرون من ابناء الدار وبنات الدار وفرت لهم الدولة أعمال في قطاعات حكومية حسب
شهاداتهم ...
إذا كنتِ تقصدين أنها تسمح لنا ب***** مشاريع خاصة بنا فلا أدري لكن هناك عمر يسمح
فيه بالتصرف بأموالنا رغم أن أكثر اللي أعرفهم سواء من بنات أو أبناء الدار يصرفون أموالهم
وينفقونها دون الاستفادة منها ...
بالنسبة للزواج فهناك زواجات تقام بصفة دائمة بين أبناء وبنات الدار
يمنع زواج بنات الدار بغير السعوديين وأحيانا يجون ناس من خارج الدار ويخطبون من بنات الدار
لكن نادرا ولأسباب معينة وغالبا لا تنجح تلك الزواجات ...
بالنسبة للمطلقات ففعلا هناك عدد من المطلقات
من بنات الدار واللي تتطلق لا يسمح لها بالعودة إلى نفس الدار اللي كانت فيها سابقا
ويودونها دار ثانية أذكر إنه وحدة ودوها دار المسنات ووحدة دار الفتيات وهكذا لكن لا تعود
إلى دارها السابقة غير إن اللي تتطلق مايعاملونها زي يوم كانت بنت وتصير أبأس من قبل .....الخ
بالنسبة للزواج من أسر معروفة ففيه فعلا لكن مو من اللي في الدار يعني تكون فيه أسرة
بديلة تبنت واحد من أبناء الدار ولما كبر يتزوج عن طريق أسرته اللي تبنته وأقاربهم
ونفس الشيء للبنات اللي في أسر بديلة ...
لا يرغمون أحد على الزواج لا الشاب ولا الفتاة فمن يرغب بالزواج يزوجوه ومن لا يرغب لايجبروه
أيضا لا يسمحون بالتعارف بين الفتاة والشاب إلا بعد عقد القران
0000000000000000
ليلى كانت أختي أيام الطفولة والمراهقة منذ أن عرفتها وهي تحكي نفس الحكاية
لكل من تراه سواء موظفات جدد أو حاضنات أو حتى زائرات ....
كانت تقول لهم إن لها أما وأبا وإخوة وكلهم انتقلوا لرحمة الله في حادث ولم يتبق على قيد
الحياة إلا هي , حتى نحن كانت تحكي لنا نفس الحكاية كلنا نعرف أننا أيتام وأن لنا أم وأب هم
في السماء انتقلوا لرحمة الله لكن لم يكن لدينا قصص ومعرفة بظروف وفاتهم وكل مسألنا عن
أهلنا نجد جوابا واحدا فقط وهو أنهم في السماء عند الله ....
ليلى هي الوحيدة التي كانت لها قصة حتى إنها كانت تحكي لنا نفس القصة كل يوم ولكل من تراه
مرت الأيام وكبرنا وليلى مازالت تحكي نفس القصة بنفس التفاصيل من حيث السيارة الجيب التي
كانت تقلهم والخادمة التي ماتت في الحادث وعدد أفراد الأسرة لم تغير شيئا من التفاصيل
لا أعرف من حكى لها تلك الحياة كل ما أعرفه هو أن ليلى تحكي لنا دوما نفس الحكاية ....
كانت ليلى تكبرني بسنتين كبرنا أنا وليلى وعرفت ليلى حقيقتها وعرفت أنا أن القصة التي كانت
ترويها لنا لم تكن سوى من نسج خيالها فكانت مثلها مثلنا مجهولة النسب ....
لكن الغريب أنها حتى حين عرفت حقيقتها لم تقتنع بها ومازالت تحكي نفس الحكاية لكل زائرة
أو موظفة جديدة وبعضهم يصدقنها والبعض الآخر يتعجبن حين يعلمن أنها تكذب لأنها هي من تبادر
بحكاية قصة دون أن يطلب منها أحد بينما نحن بقية الفتيات لم نكن نحكي شيئا عن أنفسنا ...
ليلى لم تصدق واقعها وعاشت في قصتها الخيالية التي نسجتها لنفسها أو ربما روتها لها إحدى
الحاضنات في طفولتها وكانت دائما إذا اختلفنا وتشاجرنا تعايرنا بماضينا ...
ففي إحدى المرات اختلفت هي وريم فرددت جملتها التي دائما تردهها قائلة :
اسكتي بس يابنت الشوارع وياللي أهلك رموك في الشارع أصلا تستاهلين والله إنهم رموك
شايفة نفسك وإنتي مالك أهل أجل لو لك أهل وش بتسوين ؟؟
فقالت ريم : شوفوا من يتكلم بس بنت الحسب والنسب اقول بس لا تعايرني ولا أعايرك الهم
طايلني وطايلك والحال من بعضه حبيبتي وشوفي عاد وين رموك أهلك ؟؟؟
فردت عليها قائلة: لا حبيبتي أنا أهلي ماتوا في حادث مارموني مثلكم ....
كانت تعامل نفسها على أنها ليست مجهولة الهوية برغم أنها بلا عائلة ولا نسب اسمها كأسمائنا
إلا أنها تأبى أن تصدق واقعها ....
مرات سنوات وافترقنا أنا وليلى فأصبحت هي في دار وأنا في دار أخرى وأصبحت أراها في بعض
الحفلات والمناسبات ولم أعد أعلم عنها الكثير حتى قابلتها يوما في الجامعة
"يتبع " ...
فحين دخلت الجامعة كانت المفاجأة أن رأيتها تدرس معي في نفس الجامعة وقابلتها صدفة
عند إحدى بوابات الجامعة فكانت تدرس أدب انجليزي وتسبقني بسنتين ...
سررت كثيرا برؤيتها ولكن حين وقعت عينها في عيني نظرت إليّ بنظرة لم أعرف معناها ثم أكملت
مسيرها مع مجموعة من صديقاتها كان يبدو أنهن من الطبقة المخملية وأدركت فيما بعد أنهن
بنات وزراء وأمراء وشخصيات معروفة ....
تعجبت كثيرا من تصرفها لقد كنا أخوات نلعب ونأكل ونشرب بل ننام في نفس الغرفة فمالذي
يدعوها لتجاهلي بهذه الطريقة .....
أكملت يومي وأنا أتنقل بين مبنى ومبنى ومن محاضرة لأخرى لكن التفكير بها مازال يؤرقني
وفجأة إذ بها تأتي وتسلم علي وكانت لوحدها وأخذتني لنجلس معا ونتحدث وقبل أن أسألها
عن سبب تجاهلها لي صباح اليوم بادرت هي بالحديث وقالت لي : اسمعي ترى أنا شفتك اليوم
ويوم طالعتك كنت أبغاك تفهمينها وماتجين تسلمين علي لأني مع صديقاتي وصديقاتي هذولا كلهم
من عوايل معروفة وناس راقين وأنا خفت تجين وتقولين إني أختك وتفضحيني عندهم لأنهم مايدرون
إني من بنات الدار ولو جيتي وعلمتيهم بانفضح وترى محد يدري ولو درى أحد بعرف إنه منك
لأني الحين معروفة ولي معجبات وكثير بنات يتمنون يصادقوني بس أنا ما أصادق إلا اللي أبغى
ولو دروا إني من الدار بأطيح من عيونهم وبيتشمتون فيني الأعداء وياويلك لو علمتي أحد ...
وأنصحك بعد إنك ماتعملين إنك من بنات الدار أصلا هنا مو زي المدرسة وماراح أحد يعرف من تكونين
ولا وين تعيشين ولافيه باص الشؤون ولا غيره عشان يعرفون وإذا ماعلمتيهم ماراح يدرون عنك...
ثم ودعتني بعد أن أخذت مني عهدا أن لا أخبر أي أحدا في الجامعة عن حقيقتها
وفي اليوم التالي جاءت لتصطحبني معها وعرفتني على صديقاتها وحين قدمتني لهن قالت :
أعرفكم على صديقتي أيام الطفولة والمرحلة الابتدائية ولم تقل أختي حينها أدركت أن ليلى مازالت
تعيش في نفس الوضع الذي فارقتها عليه لم تتغير ليلى ومازالت تنسج لمن تعرفهم قصصا
من خيالها لا أعرف ماقالته لهم عن حياتها لكن كل ما أعرفه هو أنها لم تخبرهم بحقيقتها
فقط قلة هم من يعرفون حقيقتها .....
أصبحت أتحاشى الجلوس معها وهي صديقاتها كنت أشعر بأني غريبة بينهن وبأني أرتدي قناعا
مزيفا لايناسبني وأتقمص دورا فاشلا فلم أكن أعرف كيف أجاريهم في أحاديثهم
وليلى حذرتني من أن أتحدث عن الدار لم يكن هناك ألفة ولا حوار مشترك فقررت الابتعاد عنهم ....
لكني فكرت كثيرا بماقالته لي لقد نصحتني أن لا أخبر زميلاتي في الجامعة بحقيقتي كي لا ينظرن
إلي نظرة مختلفة فعلا ربما هي محقة فيما قالت كانت تتصرف بثقة وحولها العديد من الصديقات
وأخريات كثر كن يتمنين أن يحظين بصداقتها ربما لو علمن حقيقتها لتغير الأمر ....
والآن وبعد أن مرت سنوات على تخرجي وتخرج ليلى قبلي من الجامعة لم أعد أدري
إن كانت مازالت تتقمص نفس الدور أم أنها رضخت للأمر الواقع والحقيقة المرة
هل مازالت تكذب وتعي أنها من عائلة أم أنها اعترفت بأنها مجهولة النسب والهوية ....
000000000000000000
في ذلك اليوم استيقظنا على صراخ أحد الأطفال
كان يصرخ بصوت عالٍ وعندما ذهبت لاستطلع الأمر
وجدته ضيف جديد وعلمت أنه جاء من أسرة بديلة لكنه لم يكن يريد المجيء
فكان يبكي ويبكي بصوت عال ورفض الأكل ولايجعل أحديقترب منه حاولوا الأمهات
والمراقبات أن يسكتوه ويحضنوه لكنه كان يرفض جميع المحاولات ...
أحضروا له الألعاب والحلوى وبقية الأطفال في عمره لكن كل تلك المحاولات لم تنفع معه ...
بل ظل طوال اليوم يبكي ويرفض الأكل وبالمقابل كان والده يتصل على الدار ويبكي مطالبا
باسترداده وكان يدعو على من تسبب بفراق ابنه عنه بعدم التوفيق ....
طبعا لم يكن والده الحقيقي بل كان والده الذي رباه وتبناه منذ أن كان حديث الولادة حيث كان الأب
متزوج من سنوات طويلة لكنه لم يرزق بالأطفال فتوجه للدار وتبنى طفل حديث الولادة ورباه حتى اليوم
الذي سحبت فيه الحضانة منه وكان عمر الطفل آنذاك عشر سنوات ...
والسبب في سحب الحضانة أن الأم البديلة توفيت وانتقلت لرحمة الله مما جعل الدار يسحبون الحضانة
من الأب بحجة عدم استيفائه للشروط ولأنه لن يكون قادرا على تربيته وأن الطفل بحاجة لأم فأحضر للدار
رغما عن الأب والطفل مع أن الأب لم يكن مقصرا معه ولكن أيضا كان وضعه الاجتماعي أقل من متوسط
وهنا الدار تحب السيطرة ولو كان الأب ذا منصب أو وضع مالي ممتاز لاختلف الأمر لأن هناك من أبناء الدار
من يقيمون في أسر غير مستوفية للشروط ولكن نظرا لوضعها أومركزها الاجتماعي يتم التغاضي عن تلك
الشروط بينما هذا الأب المسكين الذي كان يحب الطفل ويعامله بكل طيبة لم يسمح له بحضانة الطفل
حاول كثيرا أن يسترد حضانته ولكن دون جدوى كان يكلمه بالهاتف فيبكي ويبكي الطفل معه ...
كان وضعهم مأساوي جدا ويدمي القلب قال الأب إذن سأذهب وأنتقل للسكن مع أخي المتزوج
كي تقوم زوجة أخي برعاية الطفل وتحل محل أمه لكن الدار لو يوافقوا على تلك الفكرة باعتبار أن
منزل أخيه غير ملائم ومزدحم بالأطفال ولن يحظ بالرعاية الجيدة هناك زعما منهم أن الدار رعايتها أفضل
رغم أن الجو السري هو الأهم فلن يموت من الجوع لأنه على الأقل مصروفه الشهري الذي يعطى
للأسرة البديلة كاف للغذاء وهو مبلغ 2000 أو 1500 ...
مرت الأيام وبعد مدة بدأ الابن بالتأقلم وذلك بعد أن أخضع لتهيئة نفسية وأصبحت زيارات الأب أقل من قبل
ثم انقطع فترة عن الزيارة دون أن نعرف السبب وفوجئوا الدار بفي أحد الأيام
بقدوم أخيه للدار يخبرهم أن والد الطفل في المستشفى
وأنه يريد أن يرى ابنه فعلا تمت زيارة الابن لوالده في المستشفى ومرت شهور وهو يزوره
بعدها توفاه الله وأسأل الله ان يرحمه ويسكنه فسيح جناته ...
كنت أشفق كثيرا على ذلك الأب وحتى يومنا هذا لم أستطع نسيانه مازلت أذكره كان يمثل نموذجا رائعا
للأب وحتى يومنا هذا مازلت أتعجب من موقف الدار منه كنت أرى أنه يستحق الحضانة بجدارة لأنه يملك
مشاعر الأبوة التي لن يعوضوها الدار له ...
مازلت أسألأ العديد من الأمهات عن سبب منع الدار لحضانته ظننت أن هنالك سببا أقوى يستدعي سحب
الحضانة منه لكن الجميع أكد لي أن السبب وفاة الزوجة ...
اكتشفت أن الإنسان الضعيف والفقير في هذه الحياة لايستطيع أن يدافع عن نفسه ولا حتى عن أبسط حقوقه
فهناك أسر لا تستوفي الشروط ولكن الدار تسمح لها بالحضانة إما بسبب الواسطة أوالمركز الاجتماعي
رغم أن بعضهم يريد أن يتبنى فقط من أجل أن يكبر في عيون الآخرين بل بعضهم يهملون الأبناء الذين
يكفلونهم ......
فعلا هناك أشياء تبدو غريبة والإنسان الضعيف في هذه الحياة مهضوم حقه .....
0000000000000000000000000
كالعادة ضيف جديد وما أكثرهم ضيوف الدار لكن الغريب أن الضيف هذه المرة
لم يكن لوحده بل كانت معه والدته ...
كان طفل صغر عمره لايتجاوز العدة أشهر ومعه والدته كان غير شرعي ووالدته
أدخلت المؤسسة لتقضي محكوميتها خرجت بعد عدة أشهر وفي اليوم الذي تم فيه
الإفراج عنها حضر والدها ليستلمها ويصطحبها معه وبينما تم إنهاء الإجراءات اللازمة
تفاجأ الجميع أنها ترفض التنازل عن ابنها غير الشرعي ...
حاول الأب إقناعها لكنه لم يستطيع ولا أحد يتسطيع إجبارها على التنازل والدار لا تستلم
الطفل إلا بعد تنازل الأم عنه وهي ترفض التنازل عنه لأنه ابنها حتى وإن كان ثمرة خطأ
ارتكبته ترفض أن تتنازل عنه وقالت ابني وسأربيه ولن يربيه أحدا غيري لن أودعه بملجأ
واستمتع بحياتي وسأتحمل نتيجة خطأي وسأتحمل نظرات المجتمع القاسية لي وإن كنتم
تخشون العار فالعار وقع والكل عرف بمصيبتي ولن أعالج الخطأ بخطأ ...
أنا تبت وسأصلح خطأي وسأربي ابني ....
رفض الأب استلامها هي وابنها خيرها بينه وبين ابنها , وضعها بين نارين إما أن تترك ابنها
لتعود معه وتبدأ حياة جديدة وإما أن تبقى بجوار ابنها وتفقد أسرتها ...
لم تفكر طويلا وقالت ابني ولن أتخلى عنه ووضعت والدها أما خياراتها هي وقالت إما نذهب
معك أنا وابني أو لن أذهب بمفردي ...
اشتد النقاش لم يستطع أحدهما أن يقنع الآخر وفي النهاية رفض الأب استلام ابنته ذهب
وتركها هي وابنها في المؤسسة ....
طبعا هنا تدخلت وزارة الشؤون الاجتماعية فتكفلت بالبنت وبابنها وأودعتهم معا في دارنا
كانت لها غرفة مستقلة مع ابنها ووفرت لها الدار عملا في نفس دارنا ...
فأصبحت تعمل وتنفق على نفسها وعلى ابنها وتعتني به كثيرا والدار توفر لها كل احتياجاتها
هي وابنها مرت الأيام وأصبحت تلك الفتاة صديقة وأخت وأم لكل من في الدار أسرت الجميع
بطيبة قلبها كانت خلوقة جدا والتزمت وتقربت إلى الله كثيرا ...
كنا نراها تصلي وتدعي وتتضرع إلى الله ليلا ونهارا يبدو أنها تابت وندمت على كل مافعلت
مرت الأيام وسمعتها كانت رائعة في الدار وبعد مدة تقدم إليها رجل يقال إنه على دين
وخلق سمع بقصتها من قريبة له تعمل في الدار وتقدم لخطبتها ووافقت على الزواج منه
بشرط أن تربي ابنها وأن يقبل بذلك وافق على شرطها تزوجت وانتقلت معه لبيتهم
ومنذ ذلك اليوم لم أرها وانقطعت أخبارها عنا ....
0000000000000000000000
قوانين الدار تمنع الأمهات من معاقبة الأطفال حتى وإن أخطأوا الم ليس لها صلاحية العقاب
ودورها أن تبلغ الأخصائية والأخصائية بدورها تقوم بمعاقبة الطفل حسب لائحة الأنظمة ...
لكن مع ذلك لا أحد يتقيد بالنظام وكل أم تعاقب أطفالها وكن يتذمرن كثيرا من تلك الأنظمة ويردن
أن يكن لهن صلاحية في عقاب الأطفال ويعترن ذلك نوع من التربية والتأديب ولا أعتقد أن هناك أي أم
لم تعاقب أطفالها في الدار بعضهن كن يقولن أنهن يعاملن أبناء الدار كأبنائهن ويعاقبونهم كعقابهم لأبنائهم
وبعضهن لم يكن لديهن أبناء ومع ذلك يقولن لو كان لديهن أبناء فسيربينهن كتربيتهن لنا .....
وكل أم لها طريقة معينة في العقاب بعضهن كنا نخشى منهن كثير وعقابهم كان قاسٍ جدا
ضرب وحبس وحرمان من كل مانحب ويزداد العقاب حسب الخطأ الذي اقترفناه ...
كنا أحيانا نشعر أننا لم نخطيء ولا نستحق العقاب ومع ذلك نعاقب وفي نفس الوقت نخشى أن نبلغ
عن تلك الأمهات ونخشى أيضا عليهن من الفصل فكم أم فصلت بسبب علم الإدارة عن عقابها للأطفال ...
كانت هنالك أما تعاملنا وكأننا في مدرسة ولسنا في بيوتنا تريد منا الجلوس بانتظام والأكل بانتظام
والاستئذان عند الذهاب لأي غرفة لاتريدنا أن نلعب ولانصدر أي إزعاج لا تريدنا أن نضحك بصوت عال
ولا نتحرك كثيرا تطلب منا الجلوس بصفوف منتظمة أمام التلفاز وحين تدخل المراقبة وتسألها عن سر
انتظامنا وهدوئنا غير المعتاد عند بقية الأمهات تجيبها بأننا لعبنا حتى شبعنا وتعبنا ثم طلبنا منها
أن نتفرج على التليفزيون كانت تكذب أمامنا ونسمع كذبتها على المراقبات ونصمت ولكن حين نكذب نحن
تعاقبنا وتقول لنا : حسبي الله عليكم يا الكذابين تبغون ربي يحطكم في نار جهنم ...
ماتدرون إن الكذب حرام ؟؟؟؟ وإن الكذاب يروح النار ؟؟؟
مرات كثيرة كنت أتمنى أن أخبرها باننا تعلمنا الكذب منها ...وددت لو أسألها لم تكذب على المراقبات خافت من الإدارة ولم تخف من عقاب الله ولا النار وتطلب منا أن نخاف ...
تلك هي المشكلة الأزلية التي كنا ومازلنا نعاني منها وهي تناقض الأمهات وأيضا اختلافهن واختلاف
طريقة تربيتهن لنا فإحداهن تعطينا قدر من الحرية والأخرى تمارس الكبت علينا وأخرى قاسية وأخرى حنونة
وهكذا .....
في إحدى المرات وفي المدرسة في حصة القراءة كانت المعلمة تطلب منا أن نكتب على السبورة كلمات
إملائية ومن تخطيء منها نصحح لها خطأها وحين جاء دوري وخرجت على السبورة وكتبت الكلمات التي
طلبتها مني انتبهت المعلمة إلى علامة على أصابعي بسبب ضرب إحدى الأمهات على ظاهر كفي
بملعقة الطعام فنادتني وسألتني عن السبب وحين أخبرتها قالت قولي لتلك الأم المعلمة تقول لك
" فاما اليتيم فلا تقهر " فحفظت الآية وحين عدت للدار ذهبت لأمي وأخبرتها بماقالته لي المعلمة
لم اكن أعلم أن ذلك سيغضبها فهنا ثارت علي وجن جنونها وأخبرتني عن السبب فأخبرتها أني لا أعرف
وفعلا لم أكن أعرف لمَ طلبت مني ذلك خصوصا أنني كنت في الصف الأول ولم أربط بين حادثة يدي والآية
وبعد عدة استجوابات علمت أني أخبرت المعلمة أنها ضربتني وغضبت جدا وطبعا كعادتهم حين يخطيء
أحدنا يخاطبوننا بصيغة الجمع وربما لأن الشر يعم فقالت لي :
ياناكرين المعروف ياعيال الدار هذا إنتم بس تحبون تتشكون وتسوون أنفسكم مساكين ومظلومين
كباركم وصغاركم مثل بعض , الجميل والمعروف تنسونه هذا إحنا كل يوم نهتم فيكم ونوكل ونشرب ونلبس
ونروش ونمشط وندلع وماتروحون وتعلمون بس يوم نطقكم على طول تروحون تعملون ,,
تحبون الفتنة والمشاكل كم مرة أقول لكم الفتنة أشد من القتل .....
رايحة وفاضحتنا عند الأبلة ومعلمة علي عشان ضربتك الحين تحسبنا بس مجمعينكم بغرفة ونضرب فيكم
ليل ونهار على بالها إنكم مظلومين ومعذبين ماتدري إنه محد يقدر يسوي لكم شي .......الخ
واستمرت في تهزيئي ونص الكلام اللي قالته حافظينه من كثر مانسمعه حاولت أفهمها إني مافتنت عليها
لكن مو راضية تصدقني سكت وخليتها تكمل تهزيئها ...
000000000000000000000
الأمهات أيضا بعضهن كن مظلومات عندما كنت صغيرة كنت أعتقد
أن كل الأمهات قويات ومتسلطات ولايخافون من شيء ولا يهمهم أي شيء
كنت أرسم صورة لهن وأعتقد أنهن أقوى من كل شيء ...
كنا نحبهم ولا أعتقد أن أحدنا يكره أي أم ربتنا حتى ولو كانت قاسية بعض الشيء
فكل الأمهات التي عرفتهن رغم تعددهن واختلافهن إلا أنني أحببتهن فكل واحدة منهن
حتى وإن كانت قاسية نجد في قلبها حنان وفي بعض المواقف يتضح لنا أنهن فعلا يحببننا ....
عندما كبرت أدركت أن أغلب تلك الأمهات كن مظلومات ومسكينات بل ضعيفات وكل واحدة منهن
تحمل هما بداخلها ....
هناك منهن من تعمل لأجل أن تنفق على أبنائها الذين تخلى عنهم والدهم بعد طلاقها
وأخرى تنفق على أمها وإخوتها بعد وفاة والدهم , فكل واحدة منهن كان لها قصة مع الكفاح والأسى
وكن يجدن من وظيفتهن مايسد رمقهن , كلهن كن يحرصن على الوظيفة أكثر من كل شيء
فوظيفة حاضنة لاتتطلب واسطة ولا شهادة ولا أي شيء كبقية الوظائف وأي واحدة بإمكانها أن تكون
أما في الدار حتى وإن كانت أمية لاتجيد القراءة والكتابة ...
واكتشفت أن أغلب الأمهات خاصة اللاتي لايمكلن شهادات كن يتحملن الكثير من أجل الحاجة
فلولا حاجتهن لتلك الرواتب الزهيدة لما بقين في الدار كثيرات منهن كنت أسمعهن يندبن حظهن
ويسألن الله أن يرزقهم بوظائف تغنيهم عن رواتب الدار الزهيدة والتي يصاحبها الكثير من الإهانة ...
في صغري كنت أعتقد أن الأم شيء مبجل وأنه يجب احترامها وتقديرها لأنها تربي وتعلم وتنشيء أجيال
كنت أراهن أمهات حتى وإن قسون على الأقل تحملن الكثير منا وقمن بتربيتنا بعد أن تخلوا أمهاتنا عنا ...
كنت ومازلت أنظر لهم نظرة احترام أتغاضى عن توافه أخطائهن فهن في النهاية بشر يصيبون ويخطئون
وعندما كبرت أدركت أن تلك الأمهات لايجدن التقدير الذي كنت أنه لهن بل الإدارة وبقية الموظفات الأعلى
شأنا منهن والمعلمات والأخصائيات يعاملهن بكل ازدراء ويكلفنهن بمايستطعن ومالايستطعن ...
مرات كثيرة كنت اقف في صفهن ومازلت أقف معن كثيرا ليس تحيزا لهن ولكن لأنني فعلا أرى كم هن يتكبدن
الكثير ساعات عمل طويلة ومهمام لاتنهتي وأي تقصي رتعاقب عليه لايسمح لها بالراحة ولا النوم ولاحتى
الاسترخاء ربما يعتقدون أنهن آلة أو ربما لأنهم يعلمون مدى حاجة تلك الأمهات للرواتب فيتعدون الإثقال عليهم
لأنهم متأكدين أنهن لن يرحلن ....
أحيانا ينعكس سلبا علينا كل ذلك الإزدراء والإساءة التي تلقاها تلك الأم من الإدارة والضغوط الأسرية
التي تعاني منها وضغوط العمل التي لاتنتهي تجعل بعضهن ينفعلن عند أدنى سبب ...
أمهات كثر تم فصلهن ربما بعضهن يستحقون الفصل ولكن بعضهن الآخر كن مظلومات كم أم رأيتها وهي
تبكي ولاتعرف ماذا تفعل ومن أين وكيف ستنفق على أسرتها ...
وكم أم أخذت تذل نفسها للإدارة وتتوسل إليهم ان يعيدوها للعمل فيعيدوها بشروطهم هم وبعد أن يذلوها
وكم أم ظُلمت وعانت وبكت وتألمت ....
لقد أدركت أن المساكين والفقراء في هذه الحياة مظلومين جدا وأن هناك أناس
تجبرهم ظروفهم على تحمل الذل من أجل توفير لقمة العيش وهناك أناس يستغلون ضعف وفقر هؤلاء
ليستغلوهم ويكلفوهم بمايفوق طاقتهم ...
"يبتع "
كالعادة ضيفة جديدة نستقبلها في الدار ففي ظهيرة أحد الأيام
جاءت طفلة للدار لا يتجاوز عمرها ثمان سنوات وكانت بزي المدرسة
شعرها قصير جدا لايتجاوز أذنيها ومريولها قديم وحالتها رثة جدا وكالعادة أدركت
أنها ضحية جديدة لكنها هذه المرة لم تكن ضحية
أسرة بديلة أهملت في تربيتها بل كانت ضحية عنف أسري توفيت والدتها
وهي رضيعة تولت رعايتها زوجة والدها كانت أمورها على مايرام طبعا والدتها
كانت الزوجة الثانية وزوجة أبيها هي الأولى ولديها عدد من الأبناء
المهم أن شذى كانت تعيش في كنف والدها وزوجته وقبل سنة من حضورها
إلينا توفي والدها في حادث سير هنا تبدلت معاملة زوجة الأب التي أصبحت
تصب جام غضبها على هذه الطفلة التي لم يكن لها ذنب سوى أنها يتيمة
بلا أب وبلا أم فالموت انتزعهما منها لتتيتم في طفولتها
وتفقدهما وهي في عمر كانت فيه في أمس الحاجة لهما ....
لا أدري إن كان لها خالات وقريبات وأين هم عنها ؟؟؟
لم أعرف الكثير عنها لأنها لم تمكث لدينا سوى ثلاثة أيام ثم انتقلت
إلى دار أخرى أتذكر أنها كانت تحدثنا
عن قسوة زوجة أبيها كانت تحرمها من اللبس فمريولها وحقيبتها وجزمتها
كلها كانت من والدها اشتراها له حين كان على قيد الحياة
وحين كانت هي بالصف الأول في الإجازة توفي والدها وبدأ مسلسل تعذيب
زوجة أبيها لها وفي نهاية السنة الدراسية لاحظت المعلمات تغييرات على الطالبة
وحتى مستواها الدراسي تأثر وشرود ذهني وعند استفسارهم من الطفلة
ومعرفة ظروفها رأوا بعض آثار التعذيب على جسدها
قدموا بلاغ واتصلوا بالدار التي استلمت الفتاة وفتحت ملف لها ...
وكانت زوجة أبيها تحرمها من مصروف المدرسة ومن تناول الوجبات
معهم على نفس المائدة ومن الجلوس واللعب مع إخوتها ...
ولا أعتقد أن تلك الزوجة نالت عقوبتها بل تركت كما ترك الكثير غيرها
ممن يمارسون العنف على الأطفال ...
سجلت على أنها قضية عنف أسري وكالعادة سحبت الحضانة
من زوجة الأب وأودعت الفتاة في الدار وانتقلت لدار أخرى رأيتها بعد مرور
سنة في أحد احتفالات الدور كانت مختلفة عن السابق
شعرها مرتب ولبسها أيضا منسق أصبحت من المتفوقات
بدأت حياة أخرى من الدار ربما سيأتي اليوم
الذي تعود فيه لأسرتها وأشقائها ....
لم تكن شذى آخر ضحايا العنف الأسري بل بعدها بفترة قصيرة جاءتنا ضحية أخرى
ولكنها كانت مختلفة تماما عن شذى ....
" يتبع "
كل الأيام في الدار تبدو متشابهة فمن لا يعرف الدار فقط يغمض عينيه
ويتخيل أنه في مستشفى أو مدرسة كبيرة نوعا ما لأنها
أقرب ماتكون لهما وهي بعيدة كل البعد عن المنازل والبيوت الأخرى , ومنذ
صغرنا ونحن نعيش في نظام كل شيء له وقت مخصص فالطعام له وقت
ومشاهدة التلفاز وقت واللعب وقت والنوم وقت اعتدنا على تلقي الأوامر ولم
نعتد على تنفيذها كانت الدار بمثابة المدرسة والمدرسة بمثابة الدار
ففي الدار قد نلتزم ببعض الأنظمة خوفا من العقاب بينما في المدرسة
لانخاف من شيء ولانلتزم بشيء فكنت أرى أخواتي وهن يتقافزن هنا
وهناك ويرفعن أصواتهن على المعلمات ويخرجن من الحصص بلا استئذان
ويتمردن كثيرا في تصرفاتهن ففي المدرسة يفرغن الذي يتعرضن له في الدار
وفي يوم جديد لا يختلف عن بقية الأيام انضمت إلينا أخت جديدة اسمها سلوى
كان عمرها ثمان سنوات وتدرس بالصف الثاني الإبتدائي جاءت إلينا بعد
أيام قليلة من شذى وأيضا عن طريق المدرسة حيث اتصلت المدرسة على الدار
تفيدهم بوجود ابنة من بنات الدار تتعرض لعنف أسري شديد من قبل أسرتها
كانت أم ليلى فتاة لاتتجاوز الثامنة عشر من عمرها مراهقة وقعت في حب شاب آخر
مراهقا على مايبدو وبعدها أنجبت ابنتها سلوى وهي غير شرعية وتم القبض عليهما
وبعد أن خرجت من المؤسسة تزوجت بمن تحب لا أدري إن كان زواجهما عن رغبة أم بعد
ضغوط تعرضا لها المهم أنهما جاءا للدار بعد زواجهما وطالبا بحضانة
ابنتهما سلوى وأبديا ندمهما على الماضي وأقرا بخطئهما وبعد أن شعر المسؤولون
أنهما سيصححان غلطتهما قرروا أن يسلماهما ابنتهما وفعلا استلاماها
ولا أدري إن كانت هناك متابعة لها لأنه عادة يكون هناك متاعبة من الدار للأسر
التي تحتضن أبناء الدار ولكن لا أدري عن سلوى بالضبط ولكن حين كانت سلوى
في الصف الثاني اتصلت المدرسة على الدار وأفادتها بأن سلوىتتعرض لعنف أسري
وبعد التحقيق في الموضوع اكتشفوا أن أم سلوى كانت تمارس أنواع متعددة من العنف
على ابنتها سلوى ووجدوا فيها عدة حروق في رأسها وأذنيها وبقية أجزاء جسدها
0000000000000000000
أكمل لكم قصة سلوى حيث وجدوا فيها عدة حروق وآثار تعذيب وكانت والدتها هي من تمارس
العنف عليها فكانت تجعلها تنام في الفناء على غطاء خزان الماء مما جعل وجهها يحترق
من شدة حرارة الشمس وقت الظهيرة وكانت تضربها وتحرقها بالنار في يديها ورأسها
حتى أذنها كانت محترقة , والغريب أن سلوى وحدها من كانت تتعرض للعنف من بين بقية
إخوتها فكانت هي الكبرى بينهم ويليها أربعة من الأبناء لم يتعرضوا للعنف فلتت والدة سلوى
من العقاب كغيرها والكل كان يتساءل عن السبب الذي دفعها لتعذيب ابنتها فكنت أسمع
البعض يتهمها بالمرض النفسي والبعض الآخر يعلل ذلك بأن ابنتها تذكرها بغلطتها مماجعلها
تكرهها وتقسو عليها وتعذبها وبعضهم اتهمها بأنها كانت تريد قتلها كي ترتاح منها لأنها تعتبرها
بصمة عار على جبينها , والجميع كان يدلي بدلوه ولم نكن نعرف السبب الحقيقي لتصرفها
سحبت الحضانة منها وأذكر أنها بعد سحب الحضانة منها بايام جاءت مطالبة باسترداد
الحضانة وقامت الأخصائية بتوبيخها وطردها أمامنا قائلة لها : إنتي ماتستاهلين إنك تكونين أم
وبأي وجه جاية بعد اللي سويتيه والحضانة مستحيل ترجع لك واطلعي برا .....
حتى سلوى لم تكن تعرف سبب تعذيبها على يد والدتها إلا أنها كانت تصرح أن والدها لم يكن له
اي دور في تعذيبها ولكنه كان يقف موقفا سلبيا كموقف المتفرج وربما المشجع تقول إنه لم يكن
يضربها ولا حتى يوبخها ربما لأن أمها كانت تقوم بدرها ودروه على أكمل وجه فلم تحن الفرصة له
كي يمارس دوره هو الآخر وربما لم يكن راضيا ولكنه كان ضعيف الشخصية وربما كان محرضا لكن سلوى
كانت تبرئه دوما وتقول إنه لم يضربها قط ولكن كان يعلم بكل ماتتعرض له , بقيت سلوى حديث الدار
لأسابيع وربما لشهور والكل نصب نفسه محللا نفسيا لما تعرضت له والكل أدلى بدلوه حتى إنهم بدأوا
يستعيدون قصة قديمة مشابهة لها وهي قصة أم أيضا حملت سفاحا وبعد أن أنجبت فتاة وضعتها في الدار
وكانوا يقولون إن ابنتها كانت على قدر من الجمال وكانت محبوبة من جميع الحاضنات وفوجئوا في أحد
الأيام بقدوم والدتها بعد أن تزوجت قادمة لتطلب حضانة ابنتها لم تمانع الدار ورحبوا بذلك خاصة في ظل
موافقة الطرفين وقدومهما بأنفسهما وفعلا اصطحبا الطفلة وكانت تبلغ من العمر ثلاث سنوات فاصطحباها
وسط دموع إخوتها وحاضنات وموظفات الدار على فراقها مع أمنياتهم لها بحياة سعيدة خارج الدار
إلا أنهم فوجئوا وبعد ثلاثة ايام فقط من رحيلها بنبأ وفاتها وبعد التحقيق اتضح أن الأم ألقت بها من أعلى
السلم في المنزلمن الدور الثاني لتسقط على الأرض وتلقى حينها والكل بكى عليها وتساءل لم تفعل
ذلك أمها هل كانت تود أن تخفي للأبد آثار فضيحة شعرت أنها ستلاحقها طوال حياتها ؟؟؟
ايسهل عليها قتل إنسان بلا ذنب ؟؟؟؟ هل زوجها هو من كان يحرضها ؟؟؟ هل وهل وهل كلها أسئلة
بلا أجوبة ماتت ومات معها السر وأكملت والدتها حياتها حتى وإن نالت العقاب الدنيوي بقي لها عقاب آخر
عقاب رباني لم يحكم عليها بالقصاص لأنها غيرت أقوالها مرات عديدة ولم توجه لها تهمة القتل العمد لأنها
أم ولا أدري بم حكم عليها ولا أذكرها لكني فقط سمعت بها ومازلت أسمع عنها ....
كانوا يشبهونها بوالدة سلوى إلا أن تلك حكمت على طفلتها بالموت السريع بينما والدة سلوى حكمت على
طفلتها بالموت البطيء ......
مرت أيام عديدة وسلوى كانت تزداد عنفا تضرب هذا وذاك حتى الرضع لم يسلموا من عنفها والأخصائيات
كن يفسرن عنفها على الأطفال سببا للعنف الذي تعرضت له
وقالوا سيتلاشى مع الوقت والعلاج إلا أنها كانت تزداد عنفا وكانت
تخضع لعلاح نفسي عند طبيبة وأيضا تخضع لجلسات أخرى عند الأخصائيات
ومع كل ذلك لم نكن نرى اي تحسن حتى إنها أصبحت مكروهة من جميع
أبناء وبنات الدار وحتى من الحاضنات لم تجد من يحتويها ولم تعط أحدا فرصة
لإحتوائها وبعد مدة ازداد عنفها حتى إنها بدأت بتكسير الأبواب والأثاث
معللة ذلك بأنها تريد أمها وأبيها وإخوتها وفعلا تم السماح لها بزيارتهم
لعل سلوكها يتحسن وأصبحت تزورهم ويزورونها في الدار ومرت الأيام وكبرت
سلوى ومازالت هي نفسها سلوى المليئة بالعنف والعقد تكره كل من حولها
تعيش بعزلة لا تثق بأحد تسب وتشتم وتصرخ على كل أتفه الأسباب
وأصبح الكل يتحاشاهها حتى انطوت على نفسها تماما .....
زوجان انفصلا عن بعضهما وفاجأنا ذات صباح بإحضار أبنائهم للدار
كانوا أربعة أبناء أصغرهم لا يتجاوز السنة وأكبرهم في السابعة من عمره
ثلاث بنات وولد ضحى بهم أبويهم بل لم يكتفيا بالانفصال وإنما أيضا قرروا أن يضعوا
أبنائهم في الدار ليعيشوا أيتام وأبويهم على قيد الحياة .
غريبون اولئك الآباء والأمهات الذين حين ينفصلون يسارعون بأبنائهم ليلقوا بهم في عالم مجهول
وكأنهم كانوا ينتظرون تلك الفرصة كي يتخلصوا من مسؤولية تربيتهم ,أيعقل أن تموت مشاعر الأبوة والأمومة
بهذه السهولة , مرت أيام والأبناء لم يتأقلموا بعد مع وضعهم الجديد في الدار بكاء متواصل
وشبه إضراب عن الطعام واللعب والكلام وكنت أرى الأمهات وهن يتحدثن عن الشبه الكبير في الملامح
والشكل واللون بين الابن الأكبر وبين رائد أحد أبناء الدار مجهولي الهوية فالجمييع كان يلاحظ ذلك الشبه
فعلا كنا نردد يخلق من الشبه أربعين وهذا هو الدليل أمامنا طفلين لا يربط بينهما شيء سوى الشبه الكبير
حتى إن رائد لاحظ ذلك الشبه وكان يقول لنا إن أحمد يشبهني كثيرا فرائد كان في التاسعة من عمره
بينما أحمد في السابعة من عمره , وفي يوم من الأيام جاءت والدة أحمد لتزوره وفي طريقها
لزيارة ابنها أحمد رأت رائد واقتربت منه وسألته عن اسمه وعمره وأخذت تتأمله طويلا وهنا لم تتمالك نفسها
فضمته إلى صدرها وقالت أنت ابني , أنت ابني وأخذت تبكي بصوت عال وهي تضمه وتجعنا حولها ونحن لاندرك
مايحدث حتى جاءت إحدى الأخصائيات واصطحبت والدة أحمد معها لمعرفة الأمر منها وهنا كانت الأعجوبة
فوالدة أحمد هي نفسها والدة رائد لقد اعترفت أنها كانت على علاقة بوالد أبنائها قبل الزواج وبعد أن حملت
بابنها رائد قررت التخلص منه كي لا يتسبب لها بالفضيحة بموافقة وتأييد من والده وفعلا تخلصا منه وأودع
في الدار بينما بدأت والدته ووالده حياتهما الجديدة بعد أن دفنا الماضي الذي قررا أن يظل مدفونا للأبد
وأن لاينبشانه ....
" يتبع "
اعترفت والدة أحمد أن رائد ابنهاصدقها البعض بينما البعض الآخر كذبها ولكنها أخبرتهم عن يوم مولده وتفاصيل تخليها عنه , وحين تمت مراجعة ملفه وجدوا أن جميع ماذكرته صحيحا وقاموا بفتح ملفه من جديد وللتأكد تم إجراء فحص الدي إن أي وظهرت النتيجة التي تفيد بأن رائد فعلا ابنها , سنوات طويلة قضاها رائد في الدار وهو يعدنا إخوته ويعتقد كما كنا نعتقد أن والديه في السماء ولكن فجأة وجد له أما وأبا وإخوة , الأم أخبرت طليقها عن ابنها رائد وأنها وجدته في الدار فجاء في اليوم التالي ليزوره , والأخصائية بدأت تمهد الموضوع لرائد وتخبره بأن له أسرة كلنا ذهلنا بل غبطناه كثيرا وكنا كلما نرى زائرة قادمة نعتقد أنها ستكون أما حقيقية لأحدنا كأم رائد التي كانت تزور أبناءها فاكتشفت أن رائد ابنها الذي تخلت عنه قبل تسع سنوات وأصبحت تزوره باستمرار ووالده أيضا يزوره وبعد مدة عادت والدته إلى والده وقدما للدار ليصطحبا أبناءهما عدا رائد تركاه في الدار حينها تألم رائد كثيرا لفراق إخوته ولأنهم سيذهبون مع والديهم بينما سيبقى هو في الدار كان يتساءل عن السبب الذي دفعهما للتخلي عنه في باديء الأمر والسبب الذي يدفعهما للتخلي عنه الآن , لم نكن نملك الإجابة فكنا مثله لانعرف السبب , تغير رائد كثيرا فبعد تفوقه الدراسي تدهور مستواه مما استدعى المدرسة أن تتصل بالدار وتسأل عن سبب تراجعه الدراسي وكذلك سلوكه تغير جدا فأصبح متمردا , وعدوانيا يضرب بلا سبب ويشتم بلا سبب ويبكي بلا سبب , ظهور والديه في حياته أثر عليه كثيرا وللأسف تأثيرا سلبيا وكعادة الدار الحل الذي يلجأون إليه في مثل هذه الحالات هو العلاج النفسي , أصبح يتناول علاجا ويخضع لجلسات ومع ذاك لم تتحسن حالته بل ازدادت سوءا في الفترة الأخيرة كثرت مشاكله والأمهات عجزن عن السيطرة عليه ووالديه اختفيا فجأة كما ظهرا فجأة ومنذ أن عادا لبعضهما وأخذا أبناءهما من الدار لم يعودا لزيارة رائد ليتهما لم يعترفا به وليته عاش دون أن يعرفهما كان سعيدا قبل أن يتعرف عليهما وأصبح تعيسا بعد معرفته بهما لا أدري لم فعلا كل ذلك به , وبعد مدة انتقل رائد لدار البنين وانقطعت أخباره عنا ولم نعد نعرف شيئا عنه ....
فهذا يعني أنك لا قيمة لك أبدا هذا ماتعلمته من الحياة ....
حينما كنت صغيرة كنت أرى الكثير من الموظفات يقومن بعملهن
على أكمل وجه بعضهن كن ناصحات من حيث التوجيه والتربية السليمة
وبعضهن فقط يأتين ليعملن ويقبضن رواتب لايهمهن سوى عمل الطلوب منهن
كانوا يقولون عنا أننا أبناء الدولة فكنا نعتقد أننا فعلا أبناء الدولة مما جعلنا نعتد بأنفسنا كثيرا
أتذكر في المدرسة قامت أختي هناء بافتعال مشكلة مع إحدى الطالبات تطورت لاشتباك بالأيدي
وطبعا كانت هناء تصرخ بالتفاة وتقول لها : هيه إنتي ماتعرفين من أنا ؟؟؟
قالت لها البنت : إلا إنتي هناء ؟؟
قالت هناء : لا أنا بنت الدولة والله بكرة لأعلم عليك ماما سارة وتشوفين
طبعا ماما سارة هي الأم الحنون الأميرة سارة آل سعود الله أطال عمرها مديرة الإشراف على الدور
الاجتماعية سابقا فكانت ومازالت الأم المعطاء ....
أيضا أتذكر أن أحدالمعلمين اتصل على الدار يشكو من أحد إخوتي ويقول :
ترى ولدكم أزعجنا كل ماقلنا له شي قال والله لأعلم عليكم ماما سارة ...
كنا نخوف الكل بماما سارة لأن أي شكوى نوصلها لها تقف هي عليها شخصيا ولا تجعلها تمر مرور الكرام
وهي التي تعمل فعلا لأجلنا من قلب تأخذنا معها زيارات لمنزلها لم نطلب منها شيئا إلا وتعطينا إياه
لم تقصر معنا أبدا فجزاها الله كل خير ....
في طفولتنا كنا نشعر أننا أفضل الناس ففي الدار أخبرونا أننا أبناء الدولة وماما سارة لم تقصر معنا يوما
حين نشتكي من أي معلم أو معلمة تهرع الأخصائية للدار قائلة : ترى هذولا عيال الدولة انتبهوا لهم الله
يجزاكم خير وأيتام ساعدوهم ونجحوهم والأميرة سارة وراهم تسأل عنهم وتهتم فيهم ...
فترسخ في ذهننا أننا نحظى بمعاملة خاصة لأننا أبناء الدولة والكل يعمل لخدمتنا ...
كانت هناك إحدى أخواتي الكبيرات في إحى المرات اختلفت مع إحدى الموظفات وبعد أن اشتد النزاع
قالت أختي للموظفة : ترى إنتي جاية تشتغلين عندنا براتب مو بلاش عشان تنافخين علينا ...
فردت عليها قائلة : لا يكون تدفعين لي راتبي بعد ترى راتبي من الحكومة مو منك ...
قالت أختي : لا بس الحكومة جابتك تشتغلين عندنا وعطتك راتب يعني حالك حال الفلبينيات العاملات
ومنتي أحسن منهم ...
قالت لها الموظفة : لا حبيبتي أنا أحسن منهم ومنك يابنت الشوارع الظاهر إنك نسيتي نفسك وقمتي
تردين علي أنا ع الأقل بنت أصل وفصل وماني بنت شوارع مثلك ....
هنا كبرت السالفة ووصل الموضوع للوزارة وتم فصل الموظفة من عملها بسبب الكلمة
التي تلفظت بها بعد أن تقدمت أختي بشكوى للإدارة والإشراف والوزارة ....
فهذا أيضا كان يشعرنا بأن لنا قيمة وأننا نستطيع فصل الموظفات وكم من موظفة فصلناها أو حتى هددنا بفصلها ...
كنت أسمعهم وهم يقولون على إيش عيال الدار شايفين أنفسهم هذا وهم كذا شايفين أنفسهم
الله يعز الحكومة اللي حاطة لهم قيمة ....
وعندما كبرت عرفت معنى مايقولون فعلا لم يكن لنا قيمة سوى عند الحكومة والوزارة
باقي الناس ليس لنا أي قيمة عندهم ....
حين عرفت حقيقة أنفسنا ضحكت كثيرا على الفكرة التي كانت تترسخ في ذهني أيام طفولتي
كانت حقيقة نفسي على النقيض تماما عما كنت أتخيل ....
------------------------
اقتباس:
ههههه
يعني انتوا كنتوا مثل القوات الأنكشارية ... عيال الحكومة
الله يسعدكم
للمعلومية فكرتك هذه كانت موجودة في ايام الدولة العثانية ..على ماظن ايام السلطان سليم الأول
كان هناك القوات الانكشارية وكانت الدولة تعتبرهم عيال السلطان وكانوا يعتزون بذلك
وكان عندهم ولاء شديد للدولة العثمانية
--------------
هم اللي غرسوا فكرة إننا عيال الدولة فينا وهم كان يحسسوننا بكذا
والدولة لاتعفو عمن يخطيء في حق أحدنا فأتذكر قبل عدة سنوات توفي أحد أبناء
الدار في حادث سير وطبعا تم عمل تحقيق واسع بين الموظفين المرافقين للأب
والسائق رغم أن الابن كان في الرابعة عشر من عمره وتوفي بعد أن اصدمت به سيارة
وتوفي قضاء وقدر لكن تم سجن بعض المراقبين بتهمة الإهمال وفصل بعضهم الآخر ...
أيضا أتذكر أنه تم فصل ممرضة من الدار بسبب إهمالها في معالجة طفل مما تسبب له
في التشنج وبعد مدة فصلت ممرضة أخرى لأنها نست أن تعطي أحد الأطفال إبرة الأنسولين
مما أصابه بغيبوبة سكر ....
وأيضا أي أم تثبت إساءتها في تعاملها معنا يتم فصلها مباشرة من العمل ....
وفي المدرسة أي معلمة نشتكي منها في ثاني يوم تلقى الشكوى واصلة لها ...
كل تلك التصرفات كانت تجعلنا نشعر بأهميتنا لديهم ...
....................
أصبحنا حين نعرف أننا مدعوون لحضور مناسبة نلتزم الهدوء ونحاول قدر
الإمكان أن لانخطيء كي لانعاقب ونحرم من الرحلات فالحرمان من الرحلات كان من أشد العقاب
النفسي الذي نشعر به ...
في طفولتي كنت أعشق تلك الحفلات والمناسبات التي يقميها لنا الآخرون فبعض العائلات المعروفة
يقومون بدعوتنا لمزارعهم واستراحاتهم وحتى قصورهم ويقيمون لنا احتفالات يريدون بذلك الأجر
لوكن عندنا كبرت أصبحت أتحاشى تلك الاحتفالات كثيرا لأنني أصبحت أشعر أن تلك الأسر التي تقيم
لنا المناسبات لا تبحث عن الأجر بقدر ماتبحث عن الشهرة والسمعة فعائلة معروفة قامت بدعوتنا
لمزرعتهم ذهبنا إليها وجدنا أن تلك العائلة دعت الكثير من وجهاء المجتمع وأقامت الموائد
والمشروبات وبالغت في الإسراف وكنت أشعر أنه من باب التفاخر أمام المدعوين وليس لأجلنا
أو لأجل الخير فالخير له وجوه كثيرة كان بالإمكان كفالة يتيم بالسر من إحدى الدور الخيرية
وكان بالإمكان التبرع على المستحقين بتلك الأموال ...
فحاليا لا أذهب إلى من أشعر أنهم منافقين يراؤون بمايفعلون فأنا أصبحت في سن أميز فيه
بين من يفعل الخير لأجل الخير ومن يفعل الخير لأجل الغير ...
المهم أننا ذهبنا ذلك اليوم لمزرعة عائلة معروفة كانت مزرعة جميلة وكبيرة بها كل شيء
حوش سمك كبير بحجم غرفة وبحيرة للبط وأيضا كان يوجد بها دواجن وأرانب وحيوانات عديدة
وكذلك أنواع متعددة من الأشجار والفواكه والنخيل مزرعة كانت بمساحة حي من أحياء مدينة الرياض
فيها بيوت شعر ومسابح ومنزل جميل وطبعا كالعادة كان هناك ضيوف كي يرون كرم تلك العائلة وحبها
للخير حين تدعو أبناء الدار وتستقبلهم بمزرعتها الخاصة ...
وحين وصولنا جمعتنا الأم وكالعادة انهالت علينا بنفس الوصايا التي توصينا إياها في كل مناسبة
والتي نحفظها عن ظهر قلب لكننا للأسف لا نطبقها ...
أوصتنا أن لانسبب الفوضى وأن نجلس بأدب وأن لانطلب منهم أن يعطونا بل ننتظرهم هم يبادرون بالعطاء
وأن نشكرهم حين يقدمون لنا أي شيء وأن لانقوم بالهجوم المعتاد على المائدة وكأننا نعيش في مجاعة ...
للاسف لم نتقيد بماطلبته منا لا أعرف لم كنا نرى كل شيء لدى الآخرين جميلا ومختلفا
حتى لو كنا نملك مثله في الدار هناك طباخات يطهون لنا الطعام وحينما نخرج ونرى نفس الطعام في مكان
آخر نشعر أنه مختلف وألذ وكأننا لأول مرة نتذوقه وكان ذلك التصرف يزعج أمهاتنا وفي كل مرة نوبخ بسببه
لعبنا كثيرا ذلك اليوم وفعلنا كل مايحلو لنا لأننا نلعم ان الأم لن تستطيع ضربنا وتوبيخنا أمام الضيوف
لكن ما إن عدنا إلى الدار إلا وبدأ مسلسل التوبيخ لم ولم ولم ؟؟؟
فصرخت الأم علينا كثيرا ذلك اليوم وقالت : أنا وش قايلة لكم ؟؟؟
ماقلت ما أبغى إزعاج ماتفهمون إنتم ؟؟؟
وإلالازم تفشلونا بأي مكان تروحون له ؟؟؟
ويوم شفتوا الأكل كأنكم مجاعة ومحرومين مع إنكم تآكلون أكثر من غيركم
وكل شيء عندكم بس مايملى عينكم شي ؟؟؟
تعودتوا على قلة الأدب والشفاحة كأنكم ماعمركم شفتوا خير ؟؟؟
عيالنا اللي ماشافوا اللي شفتوه إذا رحنا بهم مكان قعدوا متأدبين لحد مانرجع وإنتم ماتعرفون الأدب ؟؟؟
الله يآخذ أمهاتكم اللي جابوكم وإحنا ابتلشنا بكم ....
اليوم معاقبين مافيه حديقة ولا فيديو ولا شي انطقوا كذا عشان تعرفون تتأدبون مرة ثانية
وفيه ناس بيكون عقابهم أكثر وهم اللي استهبلوا فلان وفلانة وفلان .....الخ
طبعا لايهمنا كل ماتقوله فالأهم أننا فعلنا مايحلو لنا ....
__________________
اقتباس:
جزاك الله خيرا .. وفيت يا الغاليه ما سألت إلا أريدك توضحين النقطه هذا للجميع
أن بنات الدار .. مثلهم مثل غيرهم بل ربما هم أشد .. من ناحية التربية والرقابة
مع إن الدار تشدد رقابتها علينا إلا إن الناس يتوقعون إن أبناء وبنات الدار منحرفين
صادفنا ذلك كثيرا بعض الأمهات كانوا يمعنون بناتهم من إنهم يكونون صديقاتنا في المدرسة
وأغلب الناس نظرتهم سلبية للدور وأبناء الدور ....
رغم أن هناك من بنات الدور من يلتحقن بدور لتحفيظ القرآن ويحفظن القرآن أو أجزاء كثيرة منه
وهناك من تفوقن دراسيا وهناك من هن على خلق وأدب واحترام ولكن تبقى النظرة السلبية
لدى الكثير من أفراد المجتمع حيال هذه الفئة ....
_____________________
منذ طفولتي كنت أذهب كثيرا لمستشفى الشميسي بالرياض
طبعا هذا المستشفى أعتقد أن أغلب إن لم يكن جميع شهادات ميلاد
أبناء وبنات الدار استخرجت منه فأي طفل في الدار لا بد قبل أن يحضر
للدار أن يتم عمل فحوصات له في مستشفى الشميسي واستخراج شهادة ميلاده من هناك
ففي طفولتي كنت أ‘حب ذلك المستشفى الكبير الذي لايخلو من الزحمة كنت أذهب إليه
حين يكون عندي موعد وأحيانا أتوسل لأمي حين تذهب مع أحد إخوتي وأطلب منها أن
تصطحبني معها وغالبا ماتوافق كنت أعشق ذلك المستشفى رغم قدم مبناه وتهالكه
ورغم زحمته إلا أنني أحبه فكثيرا مالعبت بين جوانبه وكثيرا ماركضت ودخلت غرفه
وكنت كل مرة أذهب إليه أسلم على الممرضات الفلبينيات وعلى بعض الأخريات
من الجنسية المصرية كن يعرفنني من تعدد زياراتي لهن وربما من ملفي عندهم ...
حينما كبرت وعلمت أنني في يوم من الأيام كنت ملقاة أمام بوابة ذلك المستشفى
أدركت سر تعلقي به فهو بيتي الأول قبل الدار ومنه كانت بداياتي وكانت بداية قصتي
مازلت أتساءل عن مصداقية معلومة قرأتها مرة وهي أن الطفل حين يكون في بطن أمه
يرى دورة حياته كاملة وهذا تفسير أنه يعشق بعض الأشياء التي ترتبط به أو يشعر مسبقا
أنه سيتعرض لموقف ومن ثم فعلا يحدث ذلك الموقف أو حتى حين يألف بعض الأشكال ويشعر
أنه رآهم وعرفهم مسبقا وهذا مايسميه البعض بالحاسة السادسة ...
للأسف أنه لانستطيع أن نثبت مصداقية تلك النظرية أو المعلومة لكنني أحيانا أشعر بمصداقيتها ....
فكنت أشعر بألفة لمستشفى الشميسي دون أن أعرف السبب وحين عرفت أنهم وجدوني
هناك أدركت سر تعلقي به ...
تغيرت نظرتي له كثيرا ففي كل مرة أذهب إليه أتساءل إن كانت أمي ولدتني فيه وحين خرجت
ألقت بي أمامه وذهبت لتبدأ من جديد بعيدا عنه وعني وعن كل مايذكرها بماضيها ...
أم أنها جاءت بي من أحد الأحياء المتهالكة والقديمة التي تحيط بالمستشفى والقريبة منه
وألقت بي أمامه ثم ذهبت وتوارت بعيدا وتركتني أبدأ حياة جديدة بعيدا عنها وأفتقد فيها
لكل شيء ....
أم أنها ربما لم تأتِ ربما كلفت أحدا غيرها بوضعي هنا ولم تكلف نفسها بإحضاري ...
مرات كثيرة فكرت فيها بأن أذهب لمدير المستشفى وأسأله عن الأمهات اللاتي أنجبن إناثا
في ذلك اليوم " يوم مولدي " ولكني تراجعت بعد أن شعرت أن ميلادي غير مؤكد فمن الممكن
أن يكون قبل المسجل في أوراقي الرسمية بيوم أو يومين أو ربما لم تلدني أمي في نفس
المستشفى ...
في الدار سألتهم كثيرا عن الم التي استلمتني من المستشفى وحملتني بين يديها وأحضرتني
للدار كنت أريد أن أعرف منها أي شيء وأسألها إن كانت سمعت عني أي معلومة
توقع مثلا من الممرضات أو أن أحدا رأى من وضعني أو اي معلومة كان لدي شغف بمعرفة
كل تفاصيل مولدي ....
بينما الآن لم يعد يهمني أن أعرف تلاشى ذلك الشغف والاهتمام لم أعد أسألهم عن أي
شيء ولا أبحث عن أي شيء ...
00000000000000000000000
اقتباس:
إن كنت تسردين قصتك كي تهوني مصاب الاخرين ، فمعك حق لكن لا انسى كلمة ابي الله يرحمه :فانت حالك افضل من كثير و ابشع من ناس !
يعني لا تحسبي نفسك اتعس وحدة على وجه الارض ، ان تكوني لقيطة خير من ان تكوني وسط عائلة تدفعك للدعارة كي تصرفي عليهم و هناك حالات كثيرة و اخطر من هذه ايضا !
الحمد لله انك تعيشين حياة كريمة و علاقتك بربك جيدة كما ارى و لا تهمك نظرة المجتمع بل اهتمي بثقافتك و تكوين نفسك و دينك ! و إذا جاءك من ترضين دينه و خلقه تزوجيه و بلاش فكرة الشفقة او ما لي اهل كلها مفاهيم خاطئة...
افتخري بنفسك انك عشت بدون اسرة و وصلت مرتبة لم يصلها من تربى مع اسرته !!!
انظري لحياتك بتفاؤل و ايجابية و يكفيك ان الرسول عليه افضل الصلاة و السلام لم يعش مع اهله ، عاش يتيم و وحيد .
بالنسبة لافتراضاتك، هناك افتراض لم تذكريه : يمكن امك و ابوك متزوجين و احد حب ينتقم منهم عن طريقك ! الغايب حجته معاه و انت لا يمكنك الجزم اانت لقيطة ام لا ، ولدت من نكاح او سفاح !
إذا كان هناك مجال لتبحثي عن امك ، فلا تترددي
لا تحقري نفسك و كما قلت لك اعتزي بنفسك و ثقافتك و يكفيك انك مسلمة
سامحيني على التطويل و العتاب
إختك في الله
إن كل اللي في الدار مايجيبوهم الدار إلا بعد أن يتأكدوا إنه مافيه أحد سأل عنهم فلنفترض أن
هناك أحد انتقم من والدي عن طريقي ألم يفكرا ذلكما الوالدان في البحث عني وتقديم بلاغ
للشرطة لأننا لا نودع قي الدار إلا بعد توثيقنا في مراكز الشرطة وتسجيل المكان والزمان والتقاط
صور لنا مما يسهل إيجادنا في حالة البحث عنا ....
حاليا لم تعد لدي الرغبة لا في البحث عنهما ولا حتى بمعرفتهما ...
ربما حالي أفضل من غيري ولكن كل إنسان يرى مصابه عظيم ويبحث عن الأفضل
ولا أعتقد أن هناك من يعيش في حرمان أسري وعاطفي ويدعي أنه سعيد ومسرور
وأنا حين سردت لكم قصتي ليس لأني ساخطة ولا ناقمة ولكن أردت العتبير فقط عن مشاعري
عن حياتي عن الأشياء التي افتقدتها ومازلت أفتقدها ...
أنا عشت في الدار وخارج الدار وأعرف أن هناك من حرموا من الجو الأسري وهناك من حرموا
من المال وهناك من حرموا من الصحة وهناك من حرموا من أشياء كثيرة ...
ففي المدرسة والجامعة رأيت أناس بؤساء
رأيت أناس حرموا من الحياة الكريمة يبحثون عما يسد رمقهم فقط بينما في الدار نتناول
خمس وجبات يويما مابين خفيفة ورئيسية بإشراف أخصائية تغذية وطباخات يعددن أصناف
متنوعة من الطعام تحتوي على جميع العناصر الغذائية ...
رأيت بنات في المدارس كانوا يرتدون ملابس قديمة وحقائب ممزقة وحتى في البرد لايجدون
مايقيهم برد الشتاء بينما في الدار نملك ملابس بل وفائضة لدينا من جميع الماركات ...
رأيت أناس في الحياة يتفتقدون للمال والأساسيات بينما نملك نحن حتى الكماليات ...
وأنا أحمد الله كثيرا على هذه النعم التي أنعم بها علي هم حاولوا أن يعوضونا
لكن مهما حاولوا لا أحد يستطيع أن يعوضنا عن حنان الأم وعطف الأب الذي افتقدناه ....
لست معترضة ولا ساخطة ولكني واقعية جدا ...
ولا أعتقد أن هناك من يتمنى أن يحصل على الرفاهية وفي المقابل يخسر كل شيء
أسرته ووالديه وحتى نفسه ليعيش بقية حياته مجهول النسب ....
______________
عندما كنت صغيرة كنت أغبط الأطفال الذين لهم أمهات يزورونهم
في المؤسسة وهي المكان المقابل لدار الأحداث لدى الشباب
حيث تقضي فيها الأمهات عقوبتهن وكان هنالك بعض إخوتي الذين
لهم أمهات في المؤسسة يذهبون لزيارتهم كل يوم أربعاء يعني يوما كل أسبوع
فكنت أغبطهم كثيرا حين أراهم يستعدون لزيارة أمهاتهم وحين يعودون من الزيارة
أذهب إليهم لأسألهم ماذا فعلوا وماذا رأوا كان يمتلكني الفضول وأود معرفة الكثير
عن تلك الدار التي لم أدخلها يوما كنت أسمع عنها فقط وكان أمنيتي في الطفولة
لو أن كنت أزورها كما يزورها بعض إخوتي ...
حينما كبرت أصبحت أشفق على أولئك الأطفال الذين يزورن المؤسسة في كل أسبوع
لأنهم منذ طفولتهم ارتادوا أماكن السجينات والنزيلات اللاتي يقضين عقوبتهن فيها
فطفل عمره سنة وآخر عمره خمس سنوات وأخرى ثلاث سنوات وغيرهم الكثير
يذهبون لزيارة أمهاتهم في مكان ملوا زيارته ليقضوا بعض الوقت ثم يعودوا للدار مجددا ...
في طفولتي كنت أغبط رؤى حين أراها تستعد لزيارة والدتها النزيلة في المؤسسة
كنت أسألها عن شكل المكان وعن شكل أمها هل هي مثل أمهات الدار ؟؟
وهل دارهم مثل دارنا ؟؟؟
كانت رؤى تكره الذهاب للمؤسسة ربما ملت من كثرة ذهابها إليها بينما كنت أنا أتمنى
لو أن أكون محلها أو أذهب يوما بدلا عنها ...
لم تكن تشبع فضولي بإجابتها المقتضبة فكل شيء نعم ولا ....
مرت أيام لتخرج والدة رؤى من المؤسسة ولتأتي للدار تصطحبها معها وأخيرا رأيت
تلك الأم التي كانت رؤى لاتتحدث عنها كثيرا لا تذكرها بشيء لا خير ولا شر ...
ذهبت رؤى وسط موعنا ونحن نوعها لم تكن أولى ولا آخر من نودع ...
لقد تألمنا كثيرا من الوداع بل لقد تولدت لدي عقدة من الوداع فكم من أخ وأخت
ودعناهم وكم من أخ وأخت لم نعد نرهم للأبد ...
بل حتى كم من أم " حاضنة " ودعناها وفي كل مرة نودع فيها أحد سواء من الإخوة او الأمهات
نتألم أكثر لقد كان قدرنا أن نودع كل من نحب وأن نفارق كل من نحب ...
رغم كثرة من فارقناهم إلا إننا لم نعتد على الفراق بل في كل مرة نشعر بازدياد مرارته ...
000000000000000000000
حين كنا صغار كانوا أغلب الأمهات من الجنسية المصرية والفلبينية خاصة
لمن هم دون سن الخامسة وطبعا يوجد سعوديات وجنسيات أخرى
لكن أغلب الحاضنات المتواجدات معنا من الجنسية المصرية والآن أصبح الأغلب هن السعوديات
إن لم يكن الجميع باستثناء عدد قليل من الجنسيات العربية والفلبينيات طبعا لايستطيعون الاستغناء
عنهم بحكم أنهن المربيات للمواليد حيث يرافقنهم طوال الوقت ...
حينما نكبر كل واحد منا ينسبونه لأمه الفلبينية فأنا كنت ابنتة جوسي وهناء ابنة ريتا وأمل ابنة ريميلين
وحنين ابنة إيميلي وخالد وعاصم أبناء شيري وهكذا حتى إن بعضهن يتعمدن حين ينادوننا بتعال
ياولد شيري وتعالي يابنت ريتا لكن ذلك كان مصدر فخر لنا فأنا كنت أحب أمي جوسي كثيرا وعلمت فيما
بع أنها هي من ربتني منذ ان كنت وليدة حتى عمر الخامسة ثم انتقلت لأم مصرية ومن بعد عمر
الخامسة يبدأ تشتتنا حيث ننتقل من أم لأم ونفتقد للاستقرار ونتشتت بين تعدد الأمهات ...
المهم أنني كنت أحب أمي جوسي كثيرا حتى بعد انتقلت لأم أخرى لم أنسها كانت باستمرار
تأتيني وتحضر لي الحلويات وعندما تذهب للفلبين وتعود تحضر لي الهدايا استمرت علاقتي بها
حتى بعد أن كبرت إلى ان غادرت المملكة خروج نهائي قبل عدة أعوام لقد شعرت أني حقا افتقدتها
وتركت فراغ عاطفي كبير لقد عملت مايقارب العشرين سنة أحببتها وأنا صغيرة وأحببتها أكثر وأنا كبيرة
كانت تخبرني أنها جاءت للدار وكنت أنا من أول الأبناء الذين قامت بتربيتهم فمجيئها تزامن مع حضوري
تقول لم أكن أما آنذاك إلا أنني أحسست بالأمومة تجاهكم أنتي وبقية أخوتك كنت بمثابة الأم البكر
التي تتعلم كيف تهتم بأبنائها ولم يسبق لها التجربة وكانت تحكي لي الكثير من المواقف والتجارب ...
كنت ومازلت أحبها فكانت حنونة معنا كنت أعرف متى تكون حزينة ومتى تكون سعيدة ومتى تشعر بالألم
ومتى تشعر بالفرح أشعر بها كما تشعر هي بي ...
كنت أعرف كيف أتفاهم معها أعرف كلامها وتفهم هي كل ما أقول حفظت منها كلمات وجمل فلبينية
عشقت الأدوبوه وهي عبارة عن دجاج بالصويا يطبخ بطريقة معينة وأيضا عشقت الكاري كاري
والسي يوان سوان هي طبخات وأكلات فلبينية فمنها تعلمت الكثير من اللغة الفلبينيةوالعادات الفلبينية
كنت أحتفل معها كل سنة بعيد ميلادها وفي عيد ميلادها الخامس والأربعون تفاجأت بقرار رحيلها
رحلت لتربي أبنائها الحقيقين جاءت هنا وهي فتاة لم تتزوج تزوجت وأنجبت وهي مازالت تربي أبناء
ليسوا بأبنائها قالت لي الآن جاء دور أبنائي لأربيهم قلت لها ونحن ألسنا أبناءك ؟؟؟
قالت بلى ولكن أنتم الآن كبرتم وأبنائي مازالو بحاجة لي غادرت وودعناها وداع مليء بالدموع
والحزن والأسى مرات سنوات على رحيلها وأنا مازلت أفتقدها كثيرا ...
00000000000000000
اقتباس:
اريد ان اسالك عن بعض اللاخوات المقيمات بالدار كيف وضعهم وماهو مدى استقبالهم للوضع وكيف نفسياتهم
هل البعض يعاني من اكتئاب هل البعض حاول الانتحار اخبرينا عنهم لاننا نعلم ان اختلاف الايمان يتفاوت من شخص لي اخر
ايضا اخبرينا عن ذالك اليوم الذي اخبرتك بة الاخصائية بوضعك وكيف وجودوكي وماكان ردة فعلك
ارجو ان لا تهملي استفساري لاني احبك بالله وادعو لك كثير
لا لا أعرف أي واحدة حاولت الانتحار لمعرفتها بحقيقتها ...
ردات الفعل متباينة ومختلفة طبعا البكاء هو ردة الفعل المشتركة بين الجميع
هناك أخصائيات اجتماعيات ونفسيات يحاولن مساعدتنا حتى نتجاوز تلك تلك المرحلة بسلام
ربما البعض احتاج لعلاج نفسي أو مهدئات لكن لم تسجل أي حالة انتحار أو محاولة انتحار ...
كنا نسمع عن حقيقتنا ممن يكبروننا سنا لكن كنا مابين مصدق ومكذب وبعد المصارحة
نعرف الحقيقة المرة ...
عن نفسي سأعود لأسرد لكم تفاصيل ذلك اليوم ولكن بعد أن أنهي الحديث عن مرحلة
طفولتي ....
00000000000000000000
كانت أمي جوسي فقط أمي في مرحلة طفولتي المبكرة حينما كنت وليدة
لكن كانت موجودة في الدار تعمل وبعد ذلك انتقلت معنا لنفس الدار الأخرى
وكنت أراها كثيرا بصفة دائمة حتى غادرت خروج نهائي يعني لم تنقطع علاقتي بها إلا بعد
أن غادرت للفلبين ...
انتقلت لأمي الثانية حين كان عمري تقريبا خمس سنوات وطبعا كانوا الأمهات يعملون
بفترات متعاقبة فواحدة تأتي الصباح وأخرى المساء وهكذا يعني كان لي عدة أمهات
لكن الأم الدائمة التي معنا بصفة دائمة كانت من الجنسية المصرية وكنا نتأثر بكل أم تتولى حضانتنا
فكنا نحفظ معها الأغاني المصرية ونجيد الرقص الشرقي بل نردد كلمات كثيرة باللهجة المصرية
أذكر أنني في المرحلة التمهيدية أو الصف الأول الإبتدائي كنت أردد بعض الكلمات باللهجة المصرية
في كلامي فحين أريد شيئا أقول عاوزة , وحين أريد أن أعبر عن حدوث مصيبة أو كارثة أقول يامصيبتي
ويالهوي وغيرها من الكلمات حتى إن زميلاتي كن يسألنني إن كنت مصرية فأجيبهم بلا أنا سعودية
فيقولن لي : طيب ليش تتكلمين مصري ؟؟؟
لم يكن كلامي مصري بل كان سعودي مكسر ومزيج من اللهجتين السعودية والمصرية مثل بعض
المتجنسين حاليا ....
كثيرات هن الأمهات اللاتي تولين رعايتي منذ طفولتي إلى أن كبرت وصرت إلى ما أنا عليه اليوم
بعضهن كن متسامحات وأخريات نظاميات وأخريات طيبات وأخريات قاسيات مررت بكل أنواع الأمهات
كنت أناديهن بماما كثيرات هن اللاتي كنت اناديهن بهذي الكلمة ...
وبعد أن وصلت إلى عمر الثامنة عشر تقريبا توقفت عن لفظ هذه الكلمة ولم أعد أنادي بها أحد
لأن أمهاتي اللاتي كنت أناديهن بهذه الكلمة لم يعدن موجودات فهناك من رحلت وهناك من استقالت
وهناك من فصلت وهناك من تقاعدت وهناك من انتقلت لمكان آخر ...
وكل الأمهات الجدد اللاتي حضرن للدار لم أعد أناديهن بماما لأنهن جئن وأنا كبيرة وأدرك انهن لسن
أمهاتي ولا يستطعن أن يكون أمهاتي أصبحت يتيمة من جديد حين تخليت عن هذه الكلمة فأغلب الأمهات
الجدد في أعمار صغيرة أخجل من أن أناديهن بماما وكبرت وأنا مازلت أفتقد هذه الكلمة وحرمت حتى
من نطقها وافتقدتها كما افتقدت أشياء كثيرة غيرها ...
حين كنت صغيرة كنت أسمي أي حاضنة أمي وكنت أنادي جميع الحاضنات بماما وكذلك الحال بالنسبة
لنا جميعا وحين كبرت أصبحن الأمهات صديقات وزميلات وأخوات لأنهن في أعمار مقاربة لعمري
ولربما بعضهن يصغرنني عمرا ....
مرت الآن عشر سنوات وأنا لم أنطق تلك الكلمة كنت أنظقها وأنا يتيمة في طفولتي ومراهقتي
وحين افتقدتها شعرت أني حقا أصبحت يتيمة من جديد ...
0000000000000000000
اقتباس:
قرئت كل الموضوع
اغبطك على اسلوبك الرائع وطبعا احس بالاسى وبنفس الوقت شعور اخر بالسعادة لما حصلتي عليه من مميزات مهما كانت ظروفك
لا اجد ما اعلق عليه واحيانا خير من التعليق الصمت لاحييك واشجعك لتستمري بما تكتبينه
انت نقلت صورة قليل منا يعرفها عن الدار وبنات الدار
عندي سؤال
عرفت ان بعض المشاغل المعروفة بالرياض تستعين ببنات الدار اما كتجميل او ادارة هل هذا صحيح
وهل تسمح لكم الدار بالعمل بقطاعات اخرى غير حكومية لكن بالاستقرار فيها للعمل
مر علي بعض الزملاء من جنسيات سعودية لكن اسمائهم مثل ذكرتي وبعضهم بمراكز مرموقة بحكم الدراسة والترقية
هل يتزوجون من عوائل معروفة
وهل يقبل بوضعهم الزواج من جنسيات غير سعودية
(اعني اولاد الدار )
وبالنسبة لكم كبنات هل يوافق على الزواج لكم من جنسيات غير سعودية
ولللزواج هل ترغم الفتاة على الزواج
وهل تعطى فرصة للتعرف على خطيبها
ولو حدث وتطلقت هل تعود للدار
أشكرك على تواجدك العذب
لا أعرف فتيات من الدار يعملن في المشاغل ولا أعتقد أنه مسموح
وأظنه ممنوع خاصة أن الدار كل شيء تمعنه ولها قوانين معينة تسير عليها ...
طبعا تسمح لنا بالعمل في قطاعات أخرى لكن على الغالب يفضلون الفطاعات الحكومية
كثيرون من ابناء الدار وبنات الدار وفرت لهم الدولة أعمال في قطاعات حكومية حسب
شهاداتهم ...
إذا كنتِ تقصدين أنها تسمح لنا ب***** مشاريع خاصة بنا فلا أدري لكن هناك عمر يسمح
فيه بالتصرف بأموالنا رغم أن أكثر اللي أعرفهم سواء من بنات أو أبناء الدار يصرفون أموالهم
وينفقونها دون الاستفادة منها ...
بالنسبة للزواج فهناك زواجات تقام بصفة دائمة بين أبناء وبنات الدار
يمنع زواج بنات الدار بغير السعوديين وأحيانا يجون ناس من خارج الدار ويخطبون من بنات الدار
لكن نادرا ولأسباب معينة وغالبا لا تنجح تلك الزواجات ...
بالنسبة للمطلقات ففعلا هناك عدد من المطلقات
من بنات الدار واللي تتطلق لا يسمح لها بالعودة إلى نفس الدار اللي كانت فيها سابقا
ويودونها دار ثانية أذكر إنه وحدة ودوها دار المسنات ووحدة دار الفتيات وهكذا لكن لا تعود
إلى دارها السابقة غير إن اللي تتطلق مايعاملونها زي يوم كانت بنت وتصير أبأس من قبل .....الخ
بالنسبة للزواج من أسر معروفة ففيه فعلا لكن مو من اللي في الدار يعني تكون فيه أسرة
بديلة تبنت واحد من أبناء الدار ولما كبر يتزوج عن طريق أسرته اللي تبنته وأقاربهم
ونفس الشيء للبنات اللي في أسر بديلة ...
لا يرغمون أحد على الزواج لا الشاب ولا الفتاة فمن يرغب بالزواج يزوجوه ومن لا يرغب لايجبروه
أيضا لا يسمحون بالتعارف بين الفتاة والشاب إلا بعد عقد القران
0000000000000000
ليلى كانت أختي أيام الطفولة والمراهقة منذ أن عرفتها وهي تحكي نفس الحكاية
لكل من تراه سواء موظفات جدد أو حاضنات أو حتى زائرات ....
كانت تقول لهم إن لها أما وأبا وإخوة وكلهم انتقلوا لرحمة الله في حادث ولم يتبق على قيد
الحياة إلا هي , حتى نحن كانت تحكي لنا نفس الحكاية كلنا نعرف أننا أيتام وأن لنا أم وأب هم
في السماء انتقلوا لرحمة الله لكن لم يكن لدينا قصص ومعرفة بظروف وفاتهم وكل مسألنا عن
أهلنا نجد جوابا واحدا فقط وهو أنهم في السماء عند الله ....
ليلى هي الوحيدة التي كانت لها قصة حتى إنها كانت تحكي لنا نفس القصة كل يوم ولكل من تراه
مرت الأيام وكبرنا وليلى مازالت تحكي نفس القصة بنفس التفاصيل من حيث السيارة الجيب التي
كانت تقلهم والخادمة التي ماتت في الحادث وعدد أفراد الأسرة لم تغير شيئا من التفاصيل
لا أعرف من حكى لها تلك الحياة كل ما أعرفه هو أن ليلى تحكي لنا دوما نفس الحكاية ....
كانت ليلى تكبرني بسنتين كبرنا أنا وليلى وعرفت ليلى حقيقتها وعرفت أنا أن القصة التي كانت
ترويها لنا لم تكن سوى من نسج خيالها فكانت مثلها مثلنا مجهولة النسب ....
لكن الغريب أنها حتى حين عرفت حقيقتها لم تقتنع بها ومازالت تحكي نفس الحكاية لكل زائرة
أو موظفة جديدة وبعضهم يصدقنها والبعض الآخر يتعجبن حين يعلمن أنها تكذب لأنها هي من تبادر
بحكاية قصة دون أن يطلب منها أحد بينما نحن بقية الفتيات لم نكن نحكي شيئا عن أنفسنا ...
ليلى لم تصدق واقعها وعاشت في قصتها الخيالية التي نسجتها لنفسها أو ربما روتها لها إحدى
الحاضنات في طفولتها وكانت دائما إذا اختلفنا وتشاجرنا تعايرنا بماضينا ...
ففي إحدى المرات اختلفت هي وريم فرددت جملتها التي دائما تردهها قائلة :
اسكتي بس يابنت الشوارع وياللي أهلك رموك في الشارع أصلا تستاهلين والله إنهم رموك
شايفة نفسك وإنتي مالك أهل أجل لو لك أهل وش بتسوين ؟؟
فقالت ريم : شوفوا من يتكلم بس بنت الحسب والنسب اقول بس لا تعايرني ولا أعايرك الهم
طايلني وطايلك والحال من بعضه حبيبتي وشوفي عاد وين رموك أهلك ؟؟؟
فردت عليها قائلة: لا حبيبتي أنا أهلي ماتوا في حادث مارموني مثلكم ....
كانت تعامل نفسها على أنها ليست مجهولة الهوية برغم أنها بلا عائلة ولا نسب اسمها كأسمائنا
إلا أنها تأبى أن تصدق واقعها ....
مرات سنوات وافترقنا أنا وليلى فأصبحت هي في دار وأنا في دار أخرى وأصبحت أراها في بعض
الحفلات والمناسبات ولم أعد أعلم عنها الكثير حتى قابلتها يوما في الجامعة
"يتبع " ...
فحين دخلت الجامعة كانت المفاجأة أن رأيتها تدرس معي في نفس الجامعة وقابلتها صدفة
عند إحدى بوابات الجامعة فكانت تدرس أدب انجليزي وتسبقني بسنتين ...
سررت كثيرا برؤيتها ولكن حين وقعت عينها في عيني نظرت إليّ بنظرة لم أعرف معناها ثم أكملت
مسيرها مع مجموعة من صديقاتها كان يبدو أنهن من الطبقة المخملية وأدركت فيما بعد أنهن
بنات وزراء وأمراء وشخصيات معروفة ....
تعجبت كثيرا من تصرفها لقد كنا أخوات نلعب ونأكل ونشرب بل ننام في نفس الغرفة فمالذي
يدعوها لتجاهلي بهذه الطريقة .....
أكملت يومي وأنا أتنقل بين مبنى ومبنى ومن محاضرة لأخرى لكن التفكير بها مازال يؤرقني
وفجأة إذ بها تأتي وتسلم علي وكانت لوحدها وأخذتني لنجلس معا ونتحدث وقبل أن أسألها
عن سبب تجاهلها لي صباح اليوم بادرت هي بالحديث وقالت لي : اسمعي ترى أنا شفتك اليوم
ويوم طالعتك كنت أبغاك تفهمينها وماتجين تسلمين علي لأني مع صديقاتي وصديقاتي هذولا كلهم
من عوايل معروفة وناس راقين وأنا خفت تجين وتقولين إني أختك وتفضحيني عندهم لأنهم مايدرون
إني من بنات الدار ولو جيتي وعلمتيهم بانفضح وترى محد يدري ولو درى أحد بعرف إنه منك
لأني الحين معروفة ولي معجبات وكثير بنات يتمنون يصادقوني بس أنا ما أصادق إلا اللي أبغى
ولو دروا إني من الدار بأطيح من عيونهم وبيتشمتون فيني الأعداء وياويلك لو علمتي أحد ...
وأنصحك بعد إنك ماتعملين إنك من بنات الدار أصلا هنا مو زي المدرسة وماراح أحد يعرف من تكونين
ولا وين تعيشين ولافيه باص الشؤون ولا غيره عشان يعرفون وإذا ماعلمتيهم ماراح يدرون عنك...
ثم ودعتني بعد أن أخذت مني عهدا أن لا أخبر أي أحدا في الجامعة عن حقيقتها
وفي اليوم التالي جاءت لتصطحبني معها وعرفتني على صديقاتها وحين قدمتني لهن قالت :
أعرفكم على صديقتي أيام الطفولة والمرحلة الابتدائية ولم تقل أختي حينها أدركت أن ليلى مازالت
تعيش في نفس الوضع الذي فارقتها عليه لم تتغير ليلى ومازالت تنسج لمن تعرفهم قصصا
من خيالها لا أعرف ماقالته لهم عن حياتها لكن كل ما أعرفه هو أنها لم تخبرهم بحقيقتها
فقط قلة هم من يعرفون حقيقتها .....
أصبحت أتحاشى الجلوس معها وهي صديقاتها كنت أشعر بأني غريبة بينهن وبأني أرتدي قناعا
مزيفا لايناسبني وأتقمص دورا فاشلا فلم أكن أعرف كيف أجاريهم في أحاديثهم
وليلى حذرتني من أن أتحدث عن الدار لم يكن هناك ألفة ولا حوار مشترك فقررت الابتعاد عنهم ....
لكني فكرت كثيرا بماقالته لي لقد نصحتني أن لا أخبر زميلاتي في الجامعة بحقيقتي كي لا ينظرن
إلي نظرة مختلفة فعلا ربما هي محقة فيما قالت كانت تتصرف بثقة وحولها العديد من الصديقات
وأخريات كثر كن يتمنين أن يحظين بصداقتها ربما لو علمن حقيقتها لتغير الأمر ....
والآن وبعد أن مرت سنوات على تخرجي وتخرج ليلى قبلي من الجامعة لم أعد أدري
إن كانت مازالت تتقمص نفس الدور أم أنها رضخت للأمر الواقع والحقيقة المرة
هل مازالت تكذب وتعي أنها من عائلة أم أنها اعترفت بأنها مجهولة النسب والهوية ....
000000000000000000
في ذلك اليوم استيقظنا على صراخ أحد الأطفال
كان يصرخ بصوت عالٍ وعندما ذهبت لاستطلع الأمر
وجدته ضيف جديد وعلمت أنه جاء من أسرة بديلة لكنه لم يكن يريد المجيء
فكان يبكي ويبكي بصوت عال ورفض الأكل ولايجعل أحديقترب منه حاولوا الأمهات
والمراقبات أن يسكتوه ويحضنوه لكنه كان يرفض جميع المحاولات ...
أحضروا له الألعاب والحلوى وبقية الأطفال في عمره لكن كل تلك المحاولات لم تنفع معه ...
بل ظل طوال اليوم يبكي ويرفض الأكل وبالمقابل كان والده يتصل على الدار ويبكي مطالبا
باسترداده وكان يدعو على من تسبب بفراق ابنه عنه بعدم التوفيق ....
طبعا لم يكن والده الحقيقي بل كان والده الذي رباه وتبناه منذ أن كان حديث الولادة حيث كان الأب
متزوج من سنوات طويلة لكنه لم يرزق بالأطفال فتوجه للدار وتبنى طفل حديث الولادة ورباه حتى اليوم
الذي سحبت فيه الحضانة منه وكان عمر الطفل آنذاك عشر سنوات ...
والسبب في سحب الحضانة أن الأم البديلة توفيت وانتقلت لرحمة الله مما جعل الدار يسحبون الحضانة
من الأب بحجة عدم استيفائه للشروط ولأنه لن يكون قادرا على تربيته وأن الطفل بحاجة لأم فأحضر للدار
رغما عن الأب والطفل مع أن الأب لم يكن مقصرا معه ولكن أيضا كان وضعه الاجتماعي أقل من متوسط
وهنا الدار تحب السيطرة ولو كان الأب ذا منصب أو وضع مالي ممتاز لاختلف الأمر لأن هناك من أبناء الدار
من يقيمون في أسر غير مستوفية للشروط ولكن نظرا لوضعها أومركزها الاجتماعي يتم التغاضي عن تلك
الشروط بينما هذا الأب المسكين الذي كان يحب الطفل ويعامله بكل طيبة لم يسمح له بحضانة الطفل
حاول كثيرا أن يسترد حضانته ولكن دون جدوى كان يكلمه بالهاتف فيبكي ويبكي الطفل معه ...
كان وضعهم مأساوي جدا ويدمي القلب قال الأب إذن سأذهب وأنتقل للسكن مع أخي المتزوج
كي تقوم زوجة أخي برعاية الطفل وتحل محل أمه لكن الدار لو يوافقوا على تلك الفكرة باعتبار أن
منزل أخيه غير ملائم ومزدحم بالأطفال ولن يحظ بالرعاية الجيدة هناك زعما منهم أن الدار رعايتها أفضل
رغم أن الجو السري هو الأهم فلن يموت من الجوع لأنه على الأقل مصروفه الشهري الذي يعطى
للأسرة البديلة كاف للغذاء وهو مبلغ 2000 أو 1500 ...
مرت الأيام وبعد مدة بدأ الابن بالتأقلم وذلك بعد أن أخضع لتهيئة نفسية وأصبحت زيارات الأب أقل من قبل
ثم انقطع فترة عن الزيارة دون أن نعرف السبب وفوجئوا الدار بفي أحد الأيام
بقدوم أخيه للدار يخبرهم أن والد الطفل في المستشفى
وأنه يريد أن يرى ابنه فعلا تمت زيارة الابن لوالده في المستشفى ومرت شهور وهو يزوره
بعدها توفاه الله وأسأل الله ان يرحمه ويسكنه فسيح جناته ...
كنت أشفق كثيرا على ذلك الأب وحتى يومنا هذا لم أستطع نسيانه مازلت أذكره كان يمثل نموذجا رائعا
للأب وحتى يومنا هذا مازلت أتعجب من موقف الدار منه كنت أرى أنه يستحق الحضانة بجدارة لأنه يملك
مشاعر الأبوة التي لن يعوضوها الدار له ...
مازلت أسألأ العديد من الأمهات عن سبب منع الدار لحضانته ظننت أن هنالك سببا أقوى يستدعي سحب
الحضانة منه لكن الجميع أكد لي أن السبب وفاة الزوجة ...
اكتشفت أن الإنسان الضعيف والفقير في هذه الحياة لايستطيع أن يدافع عن نفسه ولا حتى عن أبسط حقوقه
فهناك أسر لا تستوفي الشروط ولكن الدار تسمح لها بالحضانة إما بسبب الواسطة أوالمركز الاجتماعي
رغم أن بعضهم يريد أن يتبنى فقط من أجل أن يكبر في عيون الآخرين بل بعضهم يهملون الأبناء الذين
يكفلونهم ......
فعلا هناك أشياء تبدو غريبة والإنسان الضعيف في هذه الحياة مهضوم حقه .....
0000000000000000000000000
كالعادة ضيف جديد وما أكثرهم ضيوف الدار لكن الغريب أن الضيف هذه المرة
لم يكن لوحده بل كانت معه والدته ...
كان طفل صغر عمره لايتجاوز العدة أشهر ومعه والدته كان غير شرعي ووالدته
أدخلت المؤسسة لتقضي محكوميتها خرجت بعد عدة أشهر وفي اليوم الذي تم فيه
الإفراج عنها حضر والدها ليستلمها ويصطحبها معه وبينما تم إنهاء الإجراءات اللازمة
تفاجأ الجميع أنها ترفض التنازل عن ابنها غير الشرعي ...
حاول الأب إقناعها لكنه لم يستطيع ولا أحد يتسطيع إجبارها على التنازل والدار لا تستلم
الطفل إلا بعد تنازل الأم عنه وهي ترفض التنازل عنه لأنه ابنها حتى وإن كان ثمرة خطأ
ارتكبته ترفض أن تتنازل عنه وقالت ابني وسأربيه ولن يربيه أحدا غيري لن أودعه بملجأ
واستمتع بحياتي وسأتحمل نتيجة خطأي وسأتحمل نظرات المجتمع القاسية لي وإن كنتم
تخشون العار فالعار وقع والكل عرف بمصيبتي ولن أعالج الخطأ بخطأ ...
أنا تبت وسأصلح خطأي وسأربي ابني ....
رفض الأب استلامها هي وابنها خيرها بينه وبين ابنها , وضعها بين نارين إما أن تترك ابنها
لتعود معه وتبدأ حياة جديدة وإما أن تبقى بجوار ابنها وتفقد أسرتها ...
لم تفكر طويلا وقالت ابني ولن أتخلى عنه ووضعت والدها أما خياراتها هي وقالت إما نذهب
معك أنا وابني أو لن أذهب بمفردي ...
اشتد النقاش لم يستطع أحدهما أن يقنع الآخر وفي النهاية رفض الأب استلام ابنته ذهب
وتركها هي وابنها في المؤسسة ....
طبعا هنا تدخلت وزارة الشؤون الاجتماعية فتكفلت بالبنت وبابنها وأودعتهم معا في دارنا
كانت لها غرفة مستقلة مع ابنها ووفرت لها الدار عملا في نفس دارنا ...
فأصبحت تعمل وتنفق على نفسها وعلى ابنها وتعتني به كثيرا والدار توفر لها كل احتياجاتها
هي وابنها مرت الأيام وأصبحت تلك الفتاة صديقة وأخت وأم لكل من في الدار أسرت الجميع
بطيبة قلبها كانت خلوقة جدا والتزمت وتقربت إلى الله كثيرا ...
كنا نراها تصلي وتدعي وتتضرع إلى الله ليلا ونهارا يبدو أنها تابت وندمت على كل مافعلت
مرت الأيام وسمعتها كانت رائعة في الدار وبعد مدة تقدم إليها رجل يقال إنه على دين
وخلق سمع بقصتها من قريبة له تعمل في الدار وتقدم لخطبتها ووافقت على الزواج منه
بشرط أن تربي ابنها وأن يقبل بذلك وافق على شرطها تزوجت وانتقلت معه لبيتهم
ومنذ ذلك اليوم لم أرها وانقطعت أخبارها عنا ....
0000000000000000000000
قوانين الدار تمنع الأمهات من معاقبة الأطفال حتى وإن أخطأوا الم ليس لها صلاحية العقاب
ودورها أن تبلغ الأخصائية والأخصائية بدورها تقوم بمعاقبة الطفل حسب لائحة الأنظمة ...
لكن مع ذلك لا أحد يتقيد بالنظام وكل أم تعاقب أطفالها وكن يتذمرن كثيرا من تلك الأنظمة ويردن
أن يكن لهن صلاحية في عقاب الأطفال ويعترن ذلك نوع من التربية والتأديب ولا أعتقد أن هناك أي أم
لم تعاقب أطفالها في الدار بعضهن كن يقولن أنهن يعاملن أبناء الدار كأبنائهن ويعاقبونهم كعقابهم لأبنائهم
وبعضهن لم يكن لديهن أبناء ومع ذلك يقولن لو كان لديهن أبناء فسيربينهن كتربيتهن لنا .....
وكل أم لها طريقة معينة في العقاب بعضهن كنا نخشى منهن كثير وعقابهم كان قاسٍ جدا
ضرب وحبس وحرمان من كل مانحب ويزداد العقاب حسب الخطأ الذي اقترفناه ...
كنا أحيانا نشعر أننا لم نخطيء ولا نستحق العقاب ومع ذلك نعاقب وفي نفس الوقت نخشى أن نبلغ
عن تلك الأمهات ونخشى أيضا عليهن من الفصل فكم أم فصلت بسبب علم الإدارة عن عقابها للأطفال ...
كانت هنالك أما تعاملنا وكأننا في مدرسة ولسنا في بيوتنا تريد منا الجلوس بانتظام والأكل بانتظام
والاستئذان عند الذهاب لأي غرفة لاتريدنا أن نلعب ولانصدر أي إزعاج لا تريدنا أن نضحك بصوت عال
ولا نتحرك كثيرا تطلب منا الجلوس بصفوف منتظمة أمام التلفاز وحين تدخل المراقبة وتسألها عن سر
انتظامنا وهدوئنا غير المعتاد عند بقية الأمهات تجيبها بأننا لعبنا حتى شبعنا وتعبنا ثم طلبنا منها
أن نتفرج على التليفزيون كانت تكذب أمامنا ونسمع كذبتها على المراقبات ونصمت ولكن حين نكذب نحن
تعاقبنا وتقول لنا : حسبي الله عليكم يا الكذابين تبغون ربي يحطكم في نار جهنم ...
ماتدرون إن الكذب حرام ؟؟؟؟ وإن الكذاب يروح النار ؟؟؟
مرات كثيرة كنت أتمنى أن أخبرها باننا تعلمنا الكذب منها ...وددت لو أسألها لم تكذب على المراقبات خافت من الإدارة ولم تخف من عقاب الله ولا النار وتطلب منا أن نخاف ...
تلك هي المشكلة الأزلية التي كنا ومازلنا نعاني منها وهي تناقض الأمهات وأيضا اختلافهن واختلاف
طريقة تربيتهن لنا فإحداهن تعطينا قدر من الحرية والأخرى تمارس الكبت علينا وأخرى قاسية وأخرى حنونة
وهكذا .....
في إحدى المرات وفي المدرسة في حصة القراءة كانت المعلمة تطلب منا أن نكتب على السبورة كلمات
إملائية ومن تخطيء منها نصحح لها خطأها وحين جاء دوري وخرجت على السبورة وكتبت الكلمات التي
طلبتها مني انتبهت المعلمة إلى علامة على أصابعي بسبب ضرب إحدى الأمهات على ظاهر كفي
بملعقة الطعام فنادتني وسألتني عن السبب وحين أخبرتها قالت قولي لتلك الأم المعلمة تقول لك
" فاما اليتيم فلا تقهر " فحفظت الآية وحين عدت للدار ذهبت لأمي وأخبرتها بماقالته لي المعلمة
لم اكن أعلم أن ذلك سيغضبها فهنا ثارت علي وجن جنونها وأخبرتني عن السبب فأخبرتها أني لا أعرف
وفعلا لم أكن أعرف لمَ طلبت مني ذلك خصوصا أنني كنت في الصف الأول ولم أربط بين حادثة يدي والآية
وبعد عدة استجوابات علمت أني أخبرت المعلمة أنها ضربتني وغضبت جدا وطبعا كعادتهم حين يخطيء
أحدنا يخاطبوننا بصيغة الجمع وربما لأن الشر يعم فقالت لي :
ياناكرين المعروف ياعيال الدار هذا إنتم بس تحبون تتشكون وتسوون أنفسكم مساكين ومظلومين
كباركم وصغاركم مثل بعض , الجميل والمعروف تنسونه هذا إحنا كل يوم نهتم فيكم ونوكل ونشرب ونلبس
ونروش ونمشط وندلع وماتروحون وتعلمون بس يوم نطقكم على طول تروحون تعملون ,,
تحبون الفتنة والمشاكل كم مرة أقول لكم الفتنة أشد من القتل .....
رايحة وفاضحتنا عند الأبلة ومعلمة علي عشان ضربتك الحين تحسبنا بس مجمعينكم بغرفة ونضرب فيكم
ليل ونهار على بالها إنكم مظلومين ومعذبين ماتدري إنه محد يقدر يسوي لكم شي .......الخ
واستمرت في تهزيئي ونص الكلام اللي قالته حافظينه من كثر مانسمعه حاولت أفهمها إني مافتنت عليها
لكن مو راضية تصدقني سكت وخليتها تكمل تهزيئها ...
000000000000000000000
الأمهات أيضا بعضهن كن مظلومات عندما كنت صغيرة كنت أعتقد
أن كل الأمهات قويات ومتسلطات ولايخافون من شيء ولا يهمهم أي شيء
كنت أرسم صورة لهن وأعتقد أنهن أقوى من كل شيء ...
كنا نحبهم ولا أعتقد أن أحدنا يكره أي أم ربتنا حتى ولو كانت قاسية بعض الشيء
فكل الأمهات التي عرفتهن رغم تعددهن واختلافهن إلا أنني أحببتهن فكل واحدة منهن
حتى وإن كانت قاسية نجد في قلبها حنان وفي بعض المواقف يتضح لنا أنهن فعلا يحببننا ....
عندما كبرت أدركت أن أغلب تلك الأمهات كن مظلومات ومسكينات بل ضعيفات وكل واحدة منهن
تحمل هما بداخلها ....
هناك منهن من تعمل لأجل أن تنفق على أبنائها الذين تخلى عنهم والدهم بعد طلاقها
وأخرى تنفق على أمها وإخوتها بعد وفاة والدهم , فكل واحدة منهن كان لها قصة مع الكفاح والأسى
وكن يجدن من وظيفتهن مايسد رمقهن , كلهن كن يحرصن على الوظيفة أكثر من كل شيء
فوظيفة حاضنة لاتتطلب واسطة ولا شهادة ولا أي شيء كبقية الوظائف وأي واحدة بإمكانها أن تكون
أما في الدار حتى وإن كانت أمية لاتجيد القراءة والكتابة ...
واكتشفت أن أغلب الأمهات خاصة اللاتي لايمكلن شهادات كن يتحملن الكثير من أجل الحاجة
فلولا حاجتهن لتلك الرواتب الزهيدة لما بقين في الدار كثيرات منهن كنت أسمعهن يندبن حظهن
ويسألن الله أن يرزقهم بوظائف تغنيهم عن رواتب الدار الزهيدة والتي يصاحبها الكثير من الإهانة ...
في صغري كنت أعتقد أن الأم شيء مبجل وأنه يجب احترامها وتقديرها لأنها تربي وتعلم وتنشيء أجيال
كنت أراهن أمهات حتى وإن قسون على الأقل تحملن الكثير منا وقمن بتربيتنا بعد أن تخلوا أمهاتنا عنا ...
كنت ومازلت أنظر لهم نظرة احترام أتغاضى عن توافه أخطائهن فهن في النهاية بشر يصيبون ويخطئون
وعندما كبرت أدركت أن تلك الأمهات لايجدن التقدير الذي كنت أنه لهن بل الإدارة وبقية الموظفات الأعلى
شأنا منهن والمعلمات والأخصائيات يعاملهن بكل ازدراء ويكلفنهن بمايستطعن ومالايستطعن ...
مرات كثيرة كنت اقف في صفهن ومازلت أقف معن كثيرا ليس تحيزا لهن ولكن لأنني فعلا أرى كم هن يتكبدن
الكثير ساعات عمل طويلة ومهمام لاتنهتي وأي تقصي رتعاقب عليه لايسمح لها بالراحة ولا النوم ولاحتى
الاسترخاء ربما يعتقدون أنهن آلة أو ربما لأنهم يعلمون مدى حاجة تلك الأمهات للرواتب فيتعدون الإثقال عليهم
لأنهم متأكدين أنهن لن يرحلن ....
أحيانا ينعكس سلبا علينا كل ذلك الإزدراء والإساءة التي تلقاها تلك الأم من الإدارة والضغوط الأسرية
التي تعاني منها وضغوط العمل التي لاتنتهي تجعل بعضهن ينفعلن عند أدنى سبب ...
أمهات كثر تم فصلهن ربما بعضهن يستحقون الفصل ولكن بعضهن الآخر كن مظلومات كم أم رأيتها وهي
تبكي ولاتعرف ماذا تفعل ومن أين وكيف ستنفق على أسرتها ...
وكم أم أخذت تذل نفسها للإدارة وتتوسل إليهم ان يعيدوها للعمل فيعيدوها بشروطهم هم وبعد أن يذلوها
وكم أم ظُلمت وعانت وبكت وتألمت ....
لقد أدركت أن المساكين والفقراء في هذه الحياة مظلومين جدا وأن هناك أناس
تجبرهم ظروفهم على تحمل الذل من أجل توفير لقمة العيش وهناك أناس يستغلون ضعف وفقر هؤلاء
ليستغلوهم ويكلفوهم بمايفوق طاقتهم ...
"يبتع "
كالعادة ضيفة جديدة نستقبلها في الدار ففي ظهيرة أحد الأيام
جاءت طفلة للدار لا يتجاوز عمرها ثمان سنوات وكانت بزي المدرسة
شعرها قصير جدا لايتجاوز أذنيها ومريولها قديم وحالتها رثة جدا وكالعادة أدركت
أنها ضحية جديدة لكنها هذه المرة لم تكن ضحية
أسرة بديلة أهملت في تربيتها بل كانت ضحية عنف أسري توفيت والدتها
وهي رضيعة تولت رعايتها زوجة والدها كانت أمورها على مايرام طبعا والدتها
كانت الزوجة الثانية وزوجة أبيها هي الأولى ولديها عدد من الأبناء
المهم أن شذى كانت تعيش في كنف والدها وزوجته وقبل سنة من حضورها
إلينا توفي والدها في حادث سير هنا تبدلت معاملة زوجة الأب التي أصبحت
تصب جام غضبها على هذه الطفلة التي لم يكن لها ذنب سوى أنها يتيمة
بلا أب وبلا أم فالموت انتزعهما منها لتتيتم في طفولتها
وتفقدهما وهي في عمر كانت فيه في أمس الحاجة لهما ....
لا أدري إن كان لها خالات وقريبات وأين هم عنها ؟؟؟
لم أعرف الكثير عنها لأنها لم تمكث لدينا سوى ثلاثة أيام ثم انتقلت
إلى دار أخرى أتذكر أنها كانت تحدثنا
عن قسوة زوجة أبيها كانت تحرمها من اللبس فمريولها وحقيبتها وجزمتها
كلها كانت من والدها اشتراها له حين كان على قيد الحياة
وحين كانت هي بالصف الأول في الإجازة توفي والدها وبدأ مسلسل تعذيب
زوجة أبيها لها وفي نهاية السنة الدراسية لاحظت المعلمات تغييرات على الطالبة
وحتى مستواها الدراسي تأثر وشرود ذهني وعند استفسارهم من الطفلة
ومعرفة ظروفها رأوا بعض آثار التعذيب على جسدها
قدموا بلاغ واتصلوا بالدار التي استلمت الفتاة وفتحت ملف لها ...
وكانت زوجة أبيها تحرمها من مصروف المدرسة ومن تناول الوجبات
معهم على نفس المائدة ومن الجلوس واللعب مع إخوتها ...
ولا أعتقد أن تلك الزوجة نالت عقوبتها بل تركت كما ترك الكثير غيرها
ممن يمارسون العنف على الأطفال ...
سجلت على أنها قضية عنف أسري وكالعادة سحبت الحضانة
من زوجة الأب وأودعت الفتاة في الدار وانتقلت لدار أخرى رأيتها بعد مرور
سنة في أحد احتفالات الدور كانت مختلفة عن السابق
شعرها مرتب ولبسها أيضا منسق أصبحت من المتفوقات
بدأت حياة أخرى من الدار ربما سيأتي اليوم
الذي تعود فيه لأسرتها وأشقائها ....
لم تكن شذى آخر ضحايا العنف الأسري بل بعدها بفترة قصيرة جاءتنا ضحية أخرى
ولكنها كانت مختلفة تماما عن شذى ....
" يتبع "
كل الأيام في الدار تبدو متشابهة فمن لا يعرف الدار فقط يغمض عينيه
ويتخيل أنه في مستشفى أو مدرسة كبيرة نوعا ما لأنها
أقرب ماتكون لهما وهي بعيدة كل البعد عن المنازل والبيوت الأخرى , ومنذ
صغرنا ونحن نعيش في نظام كل شيء له وقت مخصص فالطعام له وقت
ومشاهدة التلفاز وقت واللعب وقت والنوم وقت اعتدنا على تلقي الأوامر ولم
نعتد على تنفيذها كانت الدار بمثابة المدرسة والمدرسة بمثابة الدار
ففي الدار قد نلتزم ببعض الأنظمة خوفا من العقاب بينما في المدرسة
لانخاف من شيء ولانلتزم بشيء فكنت أرى أخواتي وهن يتقافزن هنا
وهناك ويرفعن أصواتهن على المعلمات ويخرجن من الحصص بلا استئذان
ويتمردن كثيرا في تصرفاتهن ففي المدرسة يفرغن الذي يتعرضن له في الدار
وفي يوم جديد لا يختلف عن بقية الأيام انضمت إلينا أخت جديدة اسمها سلوى
كان عمرها ثمان سنوات وتدرس بالصف الثاني الإبتدائي جاءت إلينا بعد
أيام قليلة من شذى وأيضا عن طريق المدرسة حيث اتصلت المدرسة على الدار
تفيدهم بوجود ابنة من بنات الدار تتعرض لعنف أسري شديد من قبل أسرتها
كانت أم ليلى فتاة لاتتجاوز الثامنة عشر من عمرها مراهقة وقعت في حب شاب آخر
مراهقا على مايبدو وبعدها أنجبت ابنتها سلوى وهي غير شرعية وتم القبض عليهما
وبعد أن خرجت من المؤسسة تزوجت بمن تحب لا أدري إن كان زواجهما عن رغبة أم بعد
ضغوط تعرضا لها المهم أنهما جاءا للدار بعد زواجهما وطالبا بحضانة
ابنتهما سلوى وأبديا ندمهما على الماضي وأقرا بخطئهما وبعد أن شعر المسؤولون
أنهما سيصححان غلطتهما قرروا أن يسلماهما ابنتهما وفعلا استلاماها
ولا أدري إن كانت هناك متابعة لها لأنه عادة يكون هناك متاعبة من الدار للأسر
التي تحتضن أبناء الدار ولكن لا أدري عن سلوى بالضبط ولكن حين كانت سلوى
في الصف الثاني اتصلت المدرسة على الدار وأفادتها بأن سلوىتتعرض لعنف أسري
وبعد التحقيق في الموضوع اكتشفوا أن أم سلوى كانت تمارس أنواع متعددة من العنف
على ابنتها سلوى ووجدوا فيها عدة حروق في رأسها وأذنيها وبقية أجزاء جسدها
0000000000000000000
أكمل لكم قصة سلوى حيث وجدوا فيها عدة حروق وآثار تعذيب وكانت والدتها هي من تمارس
العنف عليها فكانت تجعلها تنام في الفناء على غطاء خزان الماء مما جعل وجهها يحترق
من شدة حرارة الشمس وقت الظهيرة وكانت تضربها وتحرقها بالنار في يديها ورأسها
حتى أذنها كانت محترقة , والغريب أن سلوى وحدها من كانت تتعرض للعنف من بين بقية
إخوتها فكانت هي الكبرى بينهم ويليها أربعة من الأبناء لم يتعرضوا للعنف فلتت والدة سلوى
من العقاب كغيرها والكل كان يتساءل عن السبب الذي دفعها لتعذيب ابنتها فكنت أسمع
البعض يتهمها بالمرض النفسي والبعض الآخر يعلل ذلك بأن ابنتها تذكرها بغلطتها مماجعلها
تكرهها وتقسو عليها وتعذبها وبعضهم اتهمها بأنها كانت تريد قتلها كي ترتاح منها لأنها تعتبرها
بصمة عار على جبينها , والجميع كان يدلي بدلوه ولم نكن نعرف السبب الحقيقي لتصرفها
سحبت الحضانة منها وأذكر أنها بعد سحب الحضانة منها بايام جاءت مطالبة باسترداد
الحضانة وقامت الأخصائية بتوبيخها وطردها أمامنا قائلة لها : إنتي ماتستاهلين إنك تكونين أم
وبأي وجه جاية بعد اللي سويتيه والحضانة مستحيل ترجع لك واطلعي برا .....
حتى سلوى لم تكن تعرف سبب تعذيبها على يد والدتها إلا أنها كانت تصرح أن والدها لم يكن له
اي دور في تعذيبها ولكنه كان يقف موقفا سلبيا كموقف المتفرج وربما المشجع تقول إنه لم يكن
يضربها ولا حتى يوبخها ربما لأن أمها كانت تقوم بدرها ودروه على أكمل وجه فلم تحن الفرصة له
كي يمارس دوره هو الآخر وربما لم يكن راضيا ولكنه كان ضعيف الشخصية وربما كان محرضا لكن سلوى
كانت تبرئه دوما وتقول إنه لم يضربها قط ولكن كان يعلم بكل ماتتعرض له , بقيت سلوى حديث الدار
لأسابيع وربما لشهور والكل نصب نفسه محللا نفسيا لما تعرضت له والكل أدلى بدلوه حتى إنهم بدأوا
يستعيدون قصة قديمة مشابهة لها وهي قصة أم أيضا حملت سفاحا وبعد أن أنجبت فتاة وضعتها في الدار
وكانوا يقولون إن ابنتها كانت على قدر من الجمال وكانت محبوبة من جميع الحاضنات وفوجئوا في أحد
الأيام بقدوم والدتها بعد أن تزوجت قادمة لتطلب حضانة ابنتها لم تمانع الدار ورحبوا بذلك خاصة في ظل
موافقة الطرفين وقدومهما بأنفسهما وفعلا اصطحبا الطفلة وكانت تبلغ من العمر ثلاث سنوات فاصطحباها
وسط دموع إخوتها وحاضنات وموظفات الدار على فراقها مع أمنياتهم لها بحياة سعيدة خارج الدار
إلا أنهم فوجئوا وبعد ثلاثة ايام فقط من رحيلها بنبأ وفاتها وبعد التحقيق اتضح أن الأم ألقت بها من أعلى
السلم في المنزلمن الدور الثاني لتسقط على الأرض وتلقى حينها والكل بكى عليها وتساءل لم تفعل
ذلك أمها هل كانت تود أن تخفي للأبد آثار فضيحة شعرت أنها ستلاحقها طوال حياتها ؟؟؟
ايسهل عليها قتل إنسان بلا ذنب ؟؟؟؟ هل زوجها هو من كان يحرضها ؟؟؟ هل وهل وهل كلها أسئلة
بلا أجوبة ماتت ومات معها السر وأكملت والدتها حياتها حتى وإن نالت العقاب الدنيوي بقي لها عقاب آخر
عقاب رباني لم يحكم عليها بالقصاص لأنها غيرت أقوالها مرات عديدة ولم توجه لها تهمة القتل العمد لأنها
أم ولا أدري بم حكم عليها ولا أذكرها لكني فقط سمعت بها ومازلت أسمع عنها ....
كانوا يشبهونها بوالدة سلوى إلا أن تلك حكمت على طفلتها بالموت السريع بينما والدة سلوى حكمت على
طفلتها بالموت البطيء ......
مرت أيام عديدة وسلوى كانت تزداد عنفا تضرب هذا وذاك حتى الرضع لم يسلموا من عنفها والأخصائيات
كن يفسرن عنفها على الأطفال سببا للعنف الذي تعرضت له
وقالوا سيتلاشى مع الوقت والعلاج إلا أنها كانت تزداد عنفا وكانت
تخضع لعلاح نفسي عند طبيبة وأيضا تخضع لجلسات أخرى عند الأخصائيات
ومع كل ذلك لم نكن نرى اي تحسن حتى إنها أصبحت مكروهة من جميع
أبناء وبنات الدار وحتى من الحاضنات لم تجد من يحتويها ولم تعط أحدا فرصة
لإحتوائها وبعد مدة ازداد عنفها حتى إنها بدأت بتكسير الأبواب والأثاث
معللة ذلك بأنها تريد أمها وأبيها وإخوتها وفعلا تم السماح لها بزيارتهم
لعل سلوكها يتحسن وأصبحت تزورهم ويزورونها في الدار ومرت الأيام وكبرت
سلوى ومازالت هي نفسها سلوى المليئة بالعنف والعقد تكره كل من حولها
تعيش بعزلة لا تثق بأحد تسب وتشتم وتصرخ على كل أتفه الأسباب
وأصبح الكل يتحاشاهها حتى انطوت على نفسها تماما .....
زوجان انفصلا عن بعضهما وفاجأنا ذات صباح بإحضار أبنائهم للدار
كانوا أربعة أبناء أصغرهم لا يتجاوز السنة وأكبرهم في السابعة من عمره
ثلاث بنات وولد ضحى بهم أبويهم بل لم يكتفيا بالانفصال وإنما أيضا قرروا أن يضعوا
أبنائهم في الدار ليعيشوا أيتام وأبويهم على قيد الحياة .
غريبون اولئك الآباء والأمهات الذين حين ينفصلون يسارعون بأبنائهم ليلقوا بهم في عالم مجهول
وكأنهم كانوا ينتظرون تلك الفرصة كي يتخلصوا من مسؤولية تربيتهم ,أيعقل أن تموت مشاعر الأبوة والأمومة
بهذه السهولة , مرت أيام والأبناء لم يتأقلموا بعد مع وضعهم الجديد في الدار بكاء متواصل
وشبه إضراب عن الطعام واللعب والكلام وكنت أرى الأمهات وهن يتحدثن عن الشبه الكبير في الملامح
والشكل واللون بين الابن الأكبر وبين رائد أحد أبناء الدار مجهولي الهوية فالجمييع كان يلاحظ ذلك الشبه
فعلا كنا نردد يخلق من الشبه أربعين وهذا هو الدليل أمامنا طفلين لا يربط بينهما شيء سوى الشبه الكبير
حتى إن رائد لاحظ ذلك الشبه وكان يقول لنا إن أحمد يشبهني كثيرا فرائد كان في التاسعة من عمره
بينما أحمد في السابعة من عمره , وفي يوم من الأيام جاءت والدة أحمد لتزوره وفي طريقها
لزيارة ابنها أحمد رأت رائد واقتربت منه وسألته عن اسمه وعمره وأخذت تتأمله طويلا وهنا لم تتمالك نفسها
فضمته إلى صدرها وقالت أنت ابني , أنت ابني وأخذت تبكي بصوت عال وهي تضمه وتجعنا حولها ونحن لاندرك
مايحدث حتى جاءت إحدى الأخصائيات واصطحبت والدة أحمد معها لمعرفة الأمر منها وهنا كانت الأعجوبة
فوالدة أحمد هي نفسها والدة رائد لقد اعترفت أنها كانت على علاقة بوالد أبنائها قبل الزواج وبعد أن حملت
بابنها رائد قررت التخلص منه كي لا يتسبب لها بالفضيحة بموافقة وتأييد من والده وفعلا تخلصا منه وأودع
في الدار بينما بدأت والدته ووالده حياتهما الجديدة بعد أن دفنا الماضي الذي قررا أن يظل مدفونا للأبد
وأن لاينبشانه ....
" يتبع "
اعترفت والدة أحمد أن رائد ابنهاصدقها البعض بينما البعض الآخر كذبها ولكنها أخبرتهم عن يوم مولده وتفاصيل تخليها عنه , وحين تمت مراجعة ملفه وجدوا أن جميع ماذكرته صحيحا وقاموا بفتح ملفه من جديد وللتأكد تم إجراء فحص الدي إن أي وظهرت النتيجة التي تفيد بأن رائد فعلا ابنها , سنوات طويلة قضاها رائد في الدار وهو يعدنا إخوته ويعتقد كما كنا نعتقد أن والديه في السماء ولكن فجأة وجد له أما وأبا وإخوة , الأم أخبرت طليقها عن ابنها رائد وأنها وجدته في الدار فجاء في اليوم التالي ليزوره , والأخصائية بدأت تمهد الموضوع لرائد وتخبره بأن له أسرة كلنا ذهلنا بل غبطناه كثيرا وكنا كلما نرى زائرة قادمة نعتقد أنها ستكون أما حقيقية لأحدنا كأم رائد التي كانت تزور أبناءها فاكتشفت أن رائد ابنها الذي تخلت عنه قبل تسع سنوات وأصبحت تزوره باستمرار ووالده أيضا يزوره وبعد مدة عادت والدته إلى والده وقدما للدار ليصطحبا أبناءهما عدا رائد تركاه في الدار حينها تألم رائد كثيرا لفراق إخوته ولأنهم سيذهبون مع والديهم بينما سيبقى هو في الدار كان يتساءل عن السبب الذي دفعهما للتخلي عنه في باديء الأمر والسبب الذي يدفعهما للتخلي عنه الآن , لم نكن نملك الإجابة فكنا مثله لانعرف السبب , تغير رائد كثيرا فبعد تفوقه الدراسي تدهور مستواه مما استدعى المدرسة أن تتصل بالدار وتسأل عن سبب تراجعه الدراسي وكذلك سلوكه تغير جدا فأصبح متمردا , وعدوانيا يضرب بلا سبب ويشتم بلا سبب ويبكي بلا سبب , ظهور والديه في حياته أثر عليه كثيرا وللأسف تأثيرا سلبيا وكعادة الدار الحل الذي يلجأون إليه في مثل هذه الحالات هو العلاج النفسي , أصبح يتناول علاجا ويخضع لجلسات ومع ذاك لم تتحسن حالته بل ازدادت سوءا في الفترة الأخيرة كثرت مشاكله والأمهات عجزن عن السيطرة عليه ووالديه اختفيا فجأة كما ظهرا فجأة ومنذ أن عادا لبعضهما وأخذا أبناءهما من الدار لم يعودا لزيارة رائد ليتهما لم يعترفا به وليته عاش دون أن يعرفهما كان سعيدا قبل أن يتعرف عليهما وأصبح تعيسا بعد معرفته بهما لا أدري لم فعلا كل ذلك به , وبعد مدة انتقل رائد لدار البنين وانقطعت أخباره عنا ولم نعد نعرف شيئا عنه ....
تعليق